بدأ «البنتاغون» يضع خططه لتدريب مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة. ما زالت واشنطن تعوّل على دور هؤلاء. 500 مليون دولار أمر الرئيس باراك أوباما بصرفها لتجهيز وتدريب عناصرها أول من أمس. قد يكون أوباما واثقاً بكلامه السابق بأن اسقاط هذه المعارضة الرئيس بشار الأسد «ضرب من الخيال»، لكنْ للمعارضة الملتحقة بالغرب دور آخر، والتوجيه جاء أمس على لسان وزير الخارجية الأميركي جون كيري لرئيس «الائتلاف» أحمد الجربا: سيكون للمعارضة المعتدلة دور مهمّ في مواجهة «داعش».
تريد واشنطن الحفاظ على حلفاء لها في الميدان.
لم توقف الضخّ المالي والدعم الديبلوماسي لـ«أصدقائها» من السوريين.
في اجتماع في مطار جدة السعودي أمس، أضاف كيري: «لدينا الكثير لنتحدث عنه في ما يتعلق بالمعارضة المعتدلة في سوريا، التي لديها القدرة على أن تكون لاعباً مهماً جداً في صد وجود الدولة الإسلامية في العراق والشام». وقبل اجتماعه مع راعي «الائتلاف» الملك السعودي عبد الله بن عبد العزير، أكد كيري أنّ «الرئيس الجربا يمثل عشيرة يمتد وجودها الى العراق. هو يعرف أناساً هناك وستكون وجهة نظره ووجهة نظر المعارضة السورية مهمة جداً للمضي قدماً».
الجربا، بدوره، قال لكيري «إنّ تدهور الوضع الأمني يعني أن هناك حاجة الى أن تبذل واشنطن والرياض والدول الأخرى مزيداً من الجهد لمعالجة الموقف في العراق»، الذي قال إنّ حدوده مع سوريا الآن «مفتوحة عملياًَ».
وفي السياق، طلب وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل، أمس، من معاونيه وضع خطط أكثر تفصيلاً لتدريب وتسليح مقاتلي المعارضة السورية «المعتدلين»، إذا وافق الكونغرس على تمويل طلب الرئيس أوباما. ونقلت وكالة «رويترز» عن المتحدث باسم «البنتاغون»، جون كيربي، أنّ «الأموال ستسمح للجيش الأميركي بأن يدرب ويجهز على نحو ملائم العناصر المنتقين في المعارضة المسلحة السورية المعتدلة».

طلب هاغل من
معاونيه وضع خطط أكثر تفصيلاً لتدريب مقاتلي المعارضة وتسليحهم

في موازاة ذلك، دعا وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى توحيد جهود الحكومة السورية والمعارضة ضد الإرهابيين.
وتعليقاً على دعم واشنطن للمعارضة السورية، قال إنّ «روسيا لم ترحب بقرار الولايات المتحدة تخصيص 500 مليون دولار لدعم المعارضة المسلحة في سوريا، لكنني لا أريد القول إن واشنطن خصصت هذا المبلغ لدعم الإرهابيين... لدى الولايات المتحدة إدراك للخطر الذي تمثله المجموعات الإرهابية في سوريا وغيرها من دول المنطقة على الأمن الإقليمي والدولي».
وأضاف: «شركاؤنا الأميركيون الذين نناقش معهم جميع جوانب هذا الوضع، يؤكدون لنا أنهم سيقدمون مساعدات غير قاتلة، وتحديداً إلى المجموعات التي تنأى بنفسها عن الإرهابيين. وآمل أن تكون هذه هي الحقيقية، وأن هذه المساعدات لن تتسرب إلى أيد أخرى».

مواجهات «المؤقتة ـ الحر»

إلى ذلك، أصدر رئيس «الائتلاف» أحمد الجربا، أمس، قراراً يلغي بموجبه قرار «رئيس الحكومة المؤقتة» أحمد طعمة بإقالة «رئيس هيئة أركان الجيش الحر» عبد الإله البشير، وحل «مجلس القيادة العسكرية العليا»، وإحالة أعضائه على التحقيق. ووفق القرار، فإن الجربا عدّ قرار طعمة «ملغى على نحو فوري وخارجاً عن صلاحياته وعن صلاحيات الحكومة المؤقتة»، وكذلك «مخالفة للنظام الأساسي للائتلاف، لكون تبعية ومرجعية مجلس القيادة العسكرية له». وجاء قرار الجربا بعد اجتماع لـ«الهيئة السياسية» عقد في إسطنبول، أمس، بخصوص الأزمة الناشبة بين «الحكومة المؤقتة» وقادة «الجيش الحر». وكان «مجلس القيادة العسكرية العليا» قد رفض أيضاً قرار طعمة، مشيراً إلى أنه «غير قانوني وليس من صلاحياته، مطالباً الائتلاف بمحاسبته»، بحسب بيان أصدره.
من جهة أخرى، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أمس، المجتمع الدولي إلى عدم «غض الطرف» عن التهديد الحقيقي الذي يمثّله الإرهابيون في سوريا، مطالباً بوقف الدعم العسكري لأطراف النزاع. ورأى بان، في مقال له في صحيفة «فرانكفورتر الغيماينيه تسايتونغ» الألمانية، أنّه «يجب على العالم أن يظافر جهوده كي لا تتلقى جماعة جبهة النصرة أو مقاتلو الدولة الإسلامية في العراق والشام دعماً مالياً أو غيره». وأشار بان إلى «ضرورة تنفيذ الخطة التي قدمها سابقاً لتسوية النزاع في سوريا، والمتكونة من ست نقاط، من بينها فرض مجلس الأمن حظراً على التزويد بالسلاح، وإطلاق عملية سياسية، والتعامل أيضا مع التهديدات الإرهابية»، واصفاً «مواصلة تقديم دعم عسكري إلى طرفي النزاع من قوى خارجية بعدم المسؤولية».
من ناحية أخرى، ناشدت منسقة شؤون الاغاثة الانسانية في الامم المتحدة، فاليري آموس، مجلس الامن التحرك ازاء التعطيل «غير الانساني» لمساعدات الاغاثة في سوريا.
وبرغم مرور أربعة أشهر على القرار الذي اتخذه مجلس الامن، مطالبا فيه بسرعة إدخال المساعدات الانسانية الى سوريا دون اي تعطيل، قالت آموس أمس الخميس إن هناك 10.8 ملايين شخص في حاجة الى المساعدات، بزيادة 1.5 مليون مقارنة بستة أشهر مضت.
وقالت آموس «القيود التعسفية والتعطيل، بما في ذلك الاجراءات البيروقراطية التي تفرضها الحكومة، تعطل وتقيد أين سنقدم المساعدات وإلى من وعدد المرات، كما ان بعض جماعات المعارضة هاجمت وهددت ورفضت التعاون مع موظفي الاغاثة الانسانية».
ووصف المندوب السوري لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، تقديرات الامم المتحدة عن اعداد المحتاجين للمساعدات في سوريا بأنها مبالَغ فيها. وقال إنّ حكومته ملتزمة مسؤوليتها لتخفيف العبء الانساني عن الشعب السوري، وإنها مستعدة لاتخاذ اي اجراءت تحقق ذلك، ما دامت تتماشى مع القوانين وتحترم السيادة السورية.
في سياق آخر، أعلنت وزيرة الخارجية الإيطالية، فيديريكا موغيريني، أمس، أنّ الأسلحة الكيميائية السورية ستنقل إلى سفينة أميركية في ميناء جويا تاويو الإيطالي يوم الأربعاء المقبل.
وأضافت أنّ العملية ستجري في البحر، حيث من المخطط أن تدمر عناصر الأسلحة الكيميائية فيما بعد على متن السفينة الأميركية في المياه المحايدة. وسبق أن أكدت منسقة بعثة الأمم المتحدة ومنظمة حظر السلاح الكيميائي، سيغريد كاغ، إزالة كامل المواد الكيميائية المعلنة من سوريا، فيما توقعت البدء بعملية تدمير مواقع للإنتاج خلال ثلاثة أشهر.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)