طرابلس | بات شبه محسوم أن الانتخابات الليبية لن تجرى في موعد قريب، بعد قرار مجلس النواب إرجاء مناقشاته بهذا الخصوص إلى الأسبوع المقبل، على رغم تشكيله لجاناً في الأيام الماضية لمتابعة الأمر، سواءً مع "المفوضية العليا للانتخابات"، أو مع اللجنة التي تبحث المسار السياسي خلال الفترة المقبلة. ويأتي ذلك فيما تُلوّح مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني وليامز، باللجوء إلى "ملتقى الحوار السياسي" الذي تَشكّل قبل نحو عامين، في حال فشل البرلمان في رسم خريطة الطريق الجديدة التي يُفترض أن تسرّع بإجراء الانتخابات. وحتى الآن، يبدو أن الأمر الوحيد المتوافَق عليه هو إطاحة حكومة الدبيبة - أو على الأقلّ رئيسها في ظلّ تمسّكه بخوض السباق -، وهو ما يؤيده أيضاً رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، الذي يشترط تشكيل حكومة جديدة لا يكون لرئيسها الحقّ في الترشّح للانتخابات الرئاسية، على رغم أنه من المستبعد فتح الباب أمام مترشّحين جدد. وتعكف الأطراف الليبية، حالياً، على صياغة رؤية تضْمن إجراء الانتخابات في أجواء آمنة، وليس في ظلّ خطر تَجدّد الاشتباكات، الأمر الذي يطرحه عدد من المترشّحين في لقاءاتهم بالمستشارة الأممية، مع التشديد على أن المسار السياسي يجب أن يكتمل قبل حلول موعد الاستحقاق الانتخابي، ومطالبات بإقصاء الدبيبة فقط، من دون حكومته، لتجنّب أيّ إطالة في إجراءات تشكيل السلطة الجديدة. وإلى أبعد من ذلك يذهب بعض المترشّحين، بالتعبير عن خشيتهم من أن يكون عقد الانتخابات من أصله بلا معنى، في ظلّ توقعات بعجز المفوضية عن تأمين العملية في المناطق كافة. لكن مع ذلك، تُواصل وليامز ضغوطها على جميع الأطراف، من أجل تقديم تنازلات تتيح التعجيل في إطلاق المسار السياسي.
من جهته، يشتغل مجلس النواب على إبقاء نفسه كراعٍ للعملية السياسية والتشريعية، تجنّباً لإعادة تهميشه مجدّداً، وهو ما تضمّنته توصيات اللجنة التي شكّلها، والتي يرفض فيها أيضاً إجراء الانتخابات في الموعد الجديد الذي اقترحته المفوضية (24 كانون الثاني المقبل)، لاستمرار الظروف نفسها التي أعاقت عقدها يوم الجمعة الماضي. كذلك، يسعى البرلمان إلى وضْع خريطة طريق مقسّمة على مراحل، على أن يتمّ تنفيذ متطلّباتها كافة قبل الانتقال إلى المرحلة التالية، وهو ما يعني أن الانتخابات الرئاسية لن تُجرى قبل عام على الأقلّ، لا سيما في ظلّ المطالبة بالشروع في تعديل مشروع الدستور، من خلال لجنة فنية يشارك فيها مجلس النواب ومجلس الدولة، الذي عاد البرلمان إلى الحديث عن تعاون معه، بعد قطيعة وتوتّر داما شهوراً. أمّا رئيس الحكومة، الذي يُفترض أن فترة ولايته انتهت الجمعة الماضي، فقد دعا إلى "إجراء الانتخابات وفق دستور حقيقي يعبّر عن كافة الليبيين، والاستفتاء عليه أولاً"، ما يتناقض مع مهمّة حكومته المكلّفة بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، على أن يكون للرئيس والبرلمان المقبلين اختيار الطريقة المناسبة لصياغة الدستور الجديد. ويشي موقف الدبيبة بأن ثمة توجّهاً لإطالة المرحلة الانتقالية لمدّة لا تقلّ عن عامين آخرين في أفضل الأحوال، قبل إجراء الرئاسيات. لكن وليامز ترفض استمرار هذه المرحلة من دون سقف زمني محدّد، بحسب تصريحاتها الرسمية التي طالبت فيها البرلمان ببحْث موعد جديد للانتخابات، فيما سيكون الأسبوع الجاري حاسماً لناحية المفاوضات غير الرسمية، سواءً التي تجرى بين الأطراف الأوروبية ومَن تدعمهم في الداخل الليبي، أو حتى ما بين الليبيين أنفسهم الذين سينخرطون في اجتماعات مكثّفة من أجل التوصّل إلى رؤية توافقية، يمكن البرلمانَ التصويتُ عليها الأسبوع المقبل.