بغداد | من وجهة نظر «ائتلاف دولة القانون»، ثمّة خياران متاحان لتشكيل الحكومة العراقية التي تنتظر المشاوراتُ بشأنها، تحديدَ «الكتلة الأكبر» في البرلمان: الأوّل هو تشكيل حكومة توافقية بالمشاركة مع «التيار الصدري»، والثاني، إذا تعذّر الأول، هو تشكيل حكومة من قِبَل «الإطار التنسيقي» الشيعي وكتل من المجموعات العراقية الأخرى، أي ما يسمّى «حكومة أغلبية»، لكن ليس من قِبَل «التيار الصدري» الذي أظهرت النتائج الأولية فوزه بـ73 مقعداً في البرلمان المكوَّن من 329 مقعداً، إنّما من قِبَل خصومه. تُذكّر وجهة النظر هذه، التي فنّدها في حديث إلى «الأخبار» القيادي البارز في «ائتلاف دولة القانون» حيدر اللامي، بالمعركة التي خاضها رئيس الائتلاف، نوري المالكي، في عام 2010، حين فاز تحالف يقوده إياد علاوي بفارق نائب واحد بالمرتبة الأولى في الانتخابات، لكن التكتّلات البرلمانية بعد ذلك، أوصلت المالكي إلى سدّة رئاسة الوزراء. اليوم، يتحالف المالكي، الذي حاز 37 مقعداً في الانتخابات الأخيرة، مع كتل «شيعية» أخرى لمنع «التيّار الصدري» من تشكيل حكومة أغلبية، طارحاً نفسه في المقابل مرشّحاً لمنصب رئاسة الوزراء، بالاتّكال على تحالف يصدّر نفسه بوصفه «الكتلة الأكبر».مع هذا، يؤكد اللامي أن السيناريو المفضَّل بالنسبة إلى «دولة القانون»، هو الحكومة التوافقية، رافضاً التطرّق إلى اسم رئيس الوزراء المقترَح من قِبَل الائتلاف، مؤكداً أنه «لا توجد مشاورات حول تشكيل الحكومة، بقدر وجود مشاورات حول الكتلة الأكبر الفائزة وتكوينها. فالعرش ثمّ النقش. ووجود كتلة فائزة باستطاعتها أن تصل إلى أن تكون الكتلة الأكبر، حسب المادة 76 من الدستور العراقي لعام 2005، يسمح بالبدء بعملية تشكيل حكومة. الآن هذا الكلام سابق لأوانه».
ولم يستبعد اللامي تشكيل حكومة من جانب قوى «الإطار التنسيقي» (الشيعي)، «إذا رفض سماحة السيد (مقتدى الصدر) أن يأتي إلى الإطار التنسيقي ويجلس معه لتشكيل حكومة توافقية. نحن مع التوافقية، فالأغلبية لا تضمن استقراراً سياسياً في المرحلة المقبلة. يمكن أن نشكّل مثل هذه الحكومة، وباستطاعتنا، نحن الكتلة الأكبر إلى الآن، لكن نريد أن نذهب إلى عملية توافقية، لكي لا يكون هناك انسداد سياسي أو مشكلات تلوح في الأفق إذا شُكّلت حكومة أغلبية سياسية». على أن الاتصالات بين الصدر والمالكي مقطوعة حالياً، كما يؤكد اللامي، وهو ما يُعزى إلى التباعد الكبير في وجهات النظر بينهما، ويعدّ واحدة من الصعوبات الكبيرة التي تعترض طريق تشكيل حكومة توافقية، إذ يرفض الصدر أيّ عودة إلى مثل هذه الحكومات، مُحمّلاً إياها مسؤولية الفساد الذي ضرب العراق في السنوات الماضية.
لا توجد مشاورات حول تشكيل الحكومة، بقدر وجود مشاورات حول الكتلة الأكبر


وعن موعد إعلان النتائج النهائية للانتخابات، حتى يصبح ممكناً تحديد الكتلة الأكبر خلال أوّل اجتماع لمجلس النواب الجديد، قال اللامي إن «إعلان النتائج النهائية (غير المصادَق عليها) ممكن بعد يومين أو مطلع الأسبوع المقبل، لكن ستكون هناك اعتراضات، وبعدها تكون هناك مصادقة نهائية. نأمل أن يكون ذلك قريباً»، مشيراً إلى أن «العملية السياسية لا تحتمل أن يطول عدم وجود حكومة، وعدم وجود رئاسة وزراء لها صلاحية. فعندما خرج الشعب العراقي الرافض لسياسات الحكومة السابقة، واستقال السيد عادل عبد المهدي، وجاءت القوى السياسية ما عدا دولة القانون بالسيد الكاظمي، أرادوا أن تكون العملية السياسية أفضل، وأن تعمل الحكومة من أجل العراق، لا من أجل مصالح معيّنة. ولذلك دعوْنا إلى انتخابات مبكرة حتى تفرز حكومة جديدة وبرلماناً جديداً باستطاعته سنّ القوانين، عكس البرلمان السابق الذي كان مترهّلاً بعيداً كلّ البعد عن العملية السياسية والشعب العراقي. كلّما كان تشكيل الحكومة أسرع، كان ذلك في مصلحة الشعب العراقي للخروج من الأزمات التي تحدث».
وعما إذا كان يتوقّع المزيد من التوترات الأمنية في ضوء الاحتجاجات التي ينظّمها «الإطار التنسيقي» على نتائج الانتخابات، اعتبر البرلماني العراقي أن «الحكماء سوف يأخذون دورهم، وخاصة المرجعيات الدينية في النجف الأشرف، وكذلك العقلاء الكبار في العملية السياسية»، لافتاً إلى أن «هناك مَن هم أهل لحمل الهوية الوطنية العراقية التي يتمتّع بها الكثيرون، وخاصة المقاومة السياسية والمقاومة الجهادية. هؤلاء لديهم القدرة على العبور بنا إلى برّ الأمان. أمّا بالنسبة إلى الحركات الموجودة هنا وهناك من الدواعش، فهي حركات ميؤوس منها، والوضع مسيطَر عليه من قِبَل القوى الأمنية العراقية المتمثّلة بالجيش ووزارة الداخلية ومَن معهم، وأهمّهم الحشد الشعبي الذي يمسك الأرض».