القاهرة | رغم نفي جماعة الإخوان المسلمين في مصر اختيار عضو مكتب الإرشاد محمد طه وهدان قائماً بأعمال المرشد العام لها، فإن الأنباء الواردة من داخل الجماعة أخيراً تشير إلى أن هناك تغييراً قد حدث في القيادتين العليا والوسطى. تلك التغييرات، كما كشفت عنها مصادر إخوانية مصرية لـ«الأخبار»، طالت مكتب الإرشاد والمكاتب الإدارية في المحافظات، وجاءت إثر موجة من الخلافات المتفجرة بين إخوان الداخل والخارج.
وكانت تقارير صحافية قد تحدثت عن اختيار وهدان قائماً بأعمال المرشد بعد اجتماع لمجلس شورى الجماعة حضره 60 عضواً من جملة الأعضاء البالغ عددهم 120 الذين يقبع معظهم في السجون، وهو الأمر الذي نفته الجماعة على لسان القيادي فيها جمال حشمت، ثم أحمد وهدان نجل طه، الذي قال إن المرشد الحالي للجماعة هو محمود عزت. كذلك قالت جماعة الإخوان في بيان سابق إن عزت سيبقى مرشداً للجماعة حتى صدور بيان آخر، لكن هذا لا ينفي فتح الباب لكل الاحتمالات.
المصادر التي يقيم جزء منها في مصر وآخر في قطر وتركيا أوضحت أن ما أشعل الفتيل هو الاعتراض على تصرفات الأمين العام الحالي للجماعة محمود حسين بسبب «نزوعه نحو الهيمنة، وإصراره على إمساك كل الخيوط بيده، ورفضه التنحّي عن إدارة المشهد ما بعد 3 يوليو، رغم أن الإرشاد يتحمل مسؤولية كبيرة عمّا وصلت إليه جماعة الإخوان في مأزقها الراهن نتيجة إخراجها من سدة الحكم».
على الأرض، يدير حسين الجماعة في مرحلة ما بعد فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، رغم وجود اثنين يسبقانه في الهرم الإداري هما نائبا المرشد محمود عزت وجمعة أمين، لكن عزت اختفى تماماً من المشهد عقب «30 يونيو»، في حين يقيم أمين في لندن التي سافر إليها قبل الأزمة الأخيرة.
ووصلت حدود الخلاف، وفق المصادر التي تحفظت على ذكر أسمائها لأسباب أمنية، حدّ تجميد عدد من القطاعات داخل الجماعة مظاهراتها، ثم توقفها عن إرسال تقارير «رفع الواقع» التي كانت تبعث من إخوان الداخل إلى إخوان الخارج يومياً، وتشمل المظاهرات وعددها إلى جانب حجمها وتفاعل البيئة المحيطة بها.
وكانت تلك الخلافات قد طفت على السطح حينما صدر بيان نسب إلى الإخوان في ذكرى ثورة 25 يناير وحمل «شبه اعتذار لشباب الثورة»، فاتخذ الأمين العام (حسين) قرارات بحق من أصدروا البيان، بناءً على أنه لم يبلغ به إلا بعد الصدور.
في المقابل، قد يبدو الاعتراض على شخص حسين خطوة ضرورية لإنقاذ الجماعة من التفكك والتحلل، فشبابها الذين تربّوا على «السمع والطاعة» و«الثقة في القيادة» بدأت شريحة عريضة منهم تطالب بتنحي قيادات عديدة «لأنها جزء من المشكلة».
رئيس مركز النيل للأبحاث السياسية والاستراتيجية، أحمد بان، قال تعليقاً على ما أوردته المصادر إننا «أمام الصيغة نفسها التي حكمت وتحكمت في الجماعة طوال العقود الماضية، وهي امتداد لهيمنة جناح القطبيين على مقدرات الجماعة مع تغيير للوجوه دون تغيير للأفكار أو السياسات التي ثبت إخفاقها».
وأضاف بان، العضو السابق في اللجنة السياسية للإخوان، لـ«الأخبار» أن لجنة التربية التي يرأسها وهدان نفسه هي مستودع ومخزن الكوادر المهيّأة لقيادة الجماعة ومكتب الإرشاد، «فمهما تغيّرت الوجوه والأسماء فلن تتغير السياسات، لأن الجميع نهل من نبع واحد». وعبّر عن توقعه بأنه لا يمكن التعويل على حركة تصحيح شبابية داخل الإخوان، «لأن شيوخ الجماعة هم من صاغوا عقول شبابها».