مقالات مرتبطة
ويرى مراقبون أن الحكومة الانتقالية تسعى، من خلال انفرادها بقضية التطبيع، إلى ضمان الاستمرارية والبقاء عبر توفير الدعم الخارجي لها، وهو ما ذهبت إليه «قوى الإجماع الوطني»، أحد مكوّنات «الحرية والتغيير»، والتي اعتبرت أن كلّ الخطوات واللقاءات التي قادتها الحكومة في هذا الملفّ تمّت بتجاهل تام للرأي العام والموقف الشعبي، منبّهةً إلى أن الشعب الذي يجري عزله وتهميشه بصورة ممنهجة عبر الصفقات السرية غير ملزَم بما ينتهي إليه المُطبّعون من اتفاقيات، «وسيعمل شعبنا من خلال جبهة عريضة على مقاومة التطبيع ودعم الشعب الفلسطيني»، مؤكّدة رفضها أيّ قرار متّصل بالتطبيع من دون تفويض من مجلس تشريعي منتخب، ولا سيما في ظلّ «التغييب التامّ للشعب ولقواه الحية».
لا توقعات في الخرطوم بأن يمرّ قرار التطبيع مع إسرائيل بسلام
ويسود اعتقاد واسع بأن السلطة الانتقالية، بشقَّيها المدني والعسكري، مارست الخداع بادّعائها ترك أمر التطبيع للحكومة المنتخَبة، ليفاجَأ الجميع بموافقة السودان على توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل، وإنهاء حالة العداء بينهما، وبدء التعامل الاقتصادي والتجاري، الأمر الذي جعل حتى مؤيّدي الخطوة من حيث المبدأ يرفضونها بسبب الطريقة التي تمّت بها، والابتزاز الأميركي الذي تَعرّضت له الخرطوم، في ربط رفع اسم البلاد من «لائحة الإرهاب» بالموافقة على التطبيع. إزاء ذلك، خرج أعضاء الحكومة، بعد أن صاموا طويلاً عن التصريحات، ليُنظّروا لشرعية القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء ورئيس «مجلس السيادة». وفي هذا الإطار، دافع وزير العدل، نصر الدين عبد الباري، بأن الحكومة الانتقالية، بموجب الوثيقة الدستورية، هي المسؤولة عن السياسة الخارجية، وأن تلك الوثيقة لا تضع قيوداً على المسؤولية المذكورة سوى المصلحة والاستقلالية والتوازن، وهي بالتالي لا تمنع إقامة علاقات مع إسرائيل. بدورها، خرجت وزارة الخارجية ببيان كشفت خلاله عن اجتماع سيعقد بين وفد سوداني وآخر إسرائيلي في الأسابيع المقبلة للتفاوض وإبرام اتفاقيات تعاون في مجالات الزراعة والتجارة والاقتصاد والهجرة.
على أنه لا توقعات في السودان بأن يمرّ قرار التطبيع مع إسرائيل بسلام، خصوصاً أنه لن يسهم في تحسين الواقع الاقتصادي كما ينتظر المؤيّدون له، لأن المشكلة الأساسية تكمن، بحسب محلّلين، في إدارة الأزمات والتعامل معها عبر التخطيط والرقابة، وليس في انتظار مزيد من الدعم والهبات، فضلاً عن أن دائرة الرافضين لمبدأ التطبيع ستزداد، وستشكّل قوة ضغط على السلطة الانتقالية لا يستهان بها.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا