أحدث التقرير الذي أعلنته منظمة "العفو" الدولية، أمس، موجة من الردود، فيما وصل إلى حدّ انتقاد قوى سياسية في البرلمان العراقي، من بينها "اتحاد القوى العراقية"، بعدما كشف عن "انتهاكات" تتعرّض لها مناطق عربية متاخمة لإقليم كردستان، على أيدي قوات "البشمركة"، الأمر الذي ردت عليه حكومة إقليم كردستان، نافية غالبية ما جاء في التقرير.
وذكرت "العفو" الدولية، في تقريرها، أن "قوات البشمركة (شمالي العراق) دمرت آلاف المنازل، في سياق محاولة منظَّمة لإزالة قرى وتجمعات عربية من المنطقة"، مؤكدة تعرّض سكان عرب لتهجير قسري، في أفعال ترقى إلى "جرائم حرب"، وفق توصيف التقرير الذي أُعدّ استناداً إلى صور الأقمار الاصطناعية وتقارير ميدانية شملت 13 قرية وشهادات نحو 100 شخص، بينهم ضحايا.
إلا أن حكومة إقليم كردستان نفت أن يكون رفضها إعادة السكان إلى مناطقهم نابعاً من غايات أو أهداف معينة، ورأى رئيس اللجنة الخاصة للتقويم والردّ على التقارير الدولية في حكومة الإقليم ديندار زيباري، في بيان، أن الإجراء الذي تتخذه قوات "حرس الحدود"، يعود إلى أن "تلك المناطق هي خطوط التماس بين البشمركة وتنظيم داعش، فضلاً عن أن طائرات التحالف الدولي تقصف تلك المناطق باستمرار". وأشار إلى أن "وجود المدنيين في تلك المناطق سيعرقل تنفيذ طائرات التحالف الضربات الجوية ضد مواقع داعش، إضافة إلى أنها ستشكل خطراً على حياة المدنيين فيها".
تراجع وزراء "اتحاد القوى" عن مقاطعة جلسة مجلس الوزراء التي عقدت أمس

وأعلن زيباري استعداد حكومته لإجراء تحقيق في كل ما جاء من اتهامات في تقرير المنظمة الدولية، والرد عليه بالتفصيل، نافياً تدمير أي منازل في تلك المناطق، عن قصد. وقال: "عندما هاجمت قوات البشمركة لتحرير تلك القرى من مسلحي داعش، واجه سكانها مع مسلحي داعش قوات البشمركة"، موضحاً أن "المواجهات أدت إلى مقتل عدد من سكان تلك القرى وقوات البشمركة، وهدم عدد من المنازل". ولفت أيضاً إلى أن "العديد من المنازل كانت مفخخة وفجّرها داعش".
من جهة أخرى، يتعرض ائتلاف "اتحاد القوى" لانتقادات كثيرة، لأن غالبية أعضائه يرفضون التطرّق إلى وضع المناطق القريبة من الإقليم الشمالي، التي كانت خاضعة لسيطرة تنظيم "داعش"، وحررتها قوات حكومة إقليم كردستان. إلا أن هذه القوى تتبع سياسة شديدة تجاه "الحشد الشعبي"، الذي يتولى تحرير المناطق المحتلة من "داعش"، وهو السبب الذي دفع "اتحاد القوى" إلى مقاطعة جلسات مجلس النواب العراقي، احتجاجاً على أحداث أمنية وقعت في قضاء المقدادية التابع لمحافظة ديالى، مشيراً إلى أنها "استهداف طائفي".
النائبة نورة سالم عزت سبب الصمت عن الأحداث في شمال العراق، إلى "العلاقة الجيدة" التي تربط قادة تحالفها بإقليم كردستان. وأشارت في حديث لـ"الأخبار" إلى أن رفض النواب في "اتحاد القوى" الذي تنتمي إليه، التصريح عن تقرير المنظمة الدولية، وقبلها تقارير محلية عن انتهاكات في المناطق المشتركة، يعود إلى العلاقة مع حكومة إقليم كردستان، وإلى وجود عدد هائل من النازحين الهاربين من مناطق وجود "داعش" في أراضي الإقليم. لكن سالم التي شددت على أن حديثها لـ"الأخبار" هو "موقف شخصي"، بصفتها نائبة عن محافظة نينوى، أكدت ما في تقرير "العفو"، خصوصاً ما يتعلق برفض البشمركة عودة السكان إلى المناطق المحررة.
ودعت النائبة عن "اتحاد القوى" حكومة إقليم كردستان إلى توجيه قواتها لأن تتصرف ضمن الإجراءات القانونية ومحاسبة من استولى على أملاك السكان المهجرين وعقاراتهم، وتأجيل حلّ مشكلة هذه المناطق "المتنازع عليها" إلى ما بعد إنهاء ملف "داعش" بالكامل.
ومن المتوقع أن يمضي "اتحاد القوى العراقية" بما أعلنه، منذ يومين، عن مقاطعة جلسة مجلس النواب المقررة، اليوم، بالرغم من تراجع وزرائه عن مقاطعة جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية التي عقدت أمس.
ولم يتسنّ التأكد مما إذا جاءت العودة إلى جلسة الحكومة نتيجة ضغط قوى سياسية أخرى، خصوصاً من "التحالف الوطني" الذي يضم رئيس الوزراء حيدر العبادي، غير أن مصدراً من داخل الحكومة أكد لـ"الأخبار" أن مشاركة وزراء "الاتحاد" ستكون دائمة، ولن تشهد الجلسات المقبلة أي مقاطعة من قبلهم.
وعن ذلك، أوضح النائب عن "التحالف الوطني" عامر الفايز، أن "تحالف القوى قاطع البرلمان أكثر من مرة، وهو ما يعتبر عملاً غير موفق، لأن هذا الطريق مغلق ويضرّ بعمل السلطة التشريعية".