هذا لوجستياً، لكن الأصعب توجيه السيسي المنتخبَ بالفوز في البطولة! توجيه يعكس تعامله مع الأخيرة بمنطق عسكري شأنها شأن أي مسألة أخرى متصلة بإدارة الدولة. إذ إن المنتخب، الذي كان «يعسكر» في الإسكندرية، استُدعي فجراً من أجل مصافحة الرئيس، ثم ادُّعي وجود تدريب على الملعب وأن السيسي زار اللاعبين في غضونه، لكن الحقيقة أن المنتخب جاء إلى الملعب وغادره بمجرد انتهاء الزيارة. هكذا، ستتحدّد بناءً على فوز المنتخب وسير البطولة أمور كثيرة مرتبطة باتحاد الكرة وملفات الفساد المسكوت عنها، بالإضافة إلى مواقف الضباط المسؤولين عن الإشراف على المنتخب وإدارة ملفَّي الكرة والإعلام، خاصة بعد إجراءات الدولة خلال الأسابيع الماضية لإقناع المصريين بالعدول عن مشاهدة البطولة عبر «الجزيرة الرياضية» (beIN)، القناة القطرية التي تُعَدّ الناقل الحصري للبطولة، وذلك بإنشائها قناة تبث أرضياً مع استوديو تحليلي، على أن يبقى الأخير متاحاً فضائياً.
انتشر نحو 100 ألف شرطي و500 مجموعة قتالية لتأمين البطولة
من جهة أخرى، تحاول المخابرات تحقيق أرباح من تغطية البطولة، بدءاً من نظام حجز التذاكر الذي احتكرته عبر شركة «تذكرتي» التي اشترطت التسجيل المسبق وموافقة الجهات الأمنية على حضور المشاهد، ما غيّب الشفافية في الحجز وقيّد حق الحضور، وصولاً إلى تهديد وسائل الإعلام التي تصوّر وتنشر من دون موافقة الجهات الإعلامية التابعة للمخابرات بعقوبات تصل حدّ الحجب والإغلاق. أما في تفاصيل التحضيرات، فثمة «كوارث» كثيرة، من مثل تأخر وصول معدات البث المتطور، بالإضافة إلى تعطّل نظام الحجز وغياب الموظفين المؤهلين للردّ على الاستفسارات، فضلاً عن ارتفاع أسعار التذاكر الخاصة بالدرجة الثالثة، وحجز أعداد كبيرة من التذاكر لجهات وهيئات رسمية، تحديداً الأحزاب السياسية، كما واجه العديد من الأفارقة صعوبات في الحصول على التذاكر. ولاحقاً، ألغت الجهات الأمنية عملية إعادة التذاكر أو بيعها لأشخاص آخرين، ما يعني ضياع المال على أي مشجع لم يتمكن من الحضور لأي سبب. وقد رُبطت التذاكر ببطاقات تعريفية للمشجعين، في خطوة الهدف المعلن منها إلغاء بيع التذاكر في السوق السوداء، فيما هدفها الحقيقي إحكام الرقابة وانتقاء من يحق له الدخول.
أيضاً، تتحدث أوساط كثيرة عن شبهات فساد واضحة شابت تطوير «الاستادات»، خاصة في مسألة استيراد الكاميرات المستخدمة في المراقبة. فعملية التطوير أشرف عليها الجيش الذي نفذها عبر شركاته الخاصة بعيداً عن المحاسبة والرقابة على التكلفة، علماً بأن كاميرات المراقبة المتطورة التي زُوِّدت بها «الاستادات» هدفها تحديد هوية الأشخاص في حال ارتكاب أي مخالفات، بعدما بُثت تحذيرات من الشغب وعقوباته، بناءً على القانون الذي وقعه السيسي في يونيو/ حزيران 2017، ويتضمن عقوبات بالحبس تصل إلى عامين، وغرامات تصل إلى 20 ألف جنيه (نحو 1100 دولار أميركي).
كذلك، قررت «الداخلية» منع دخول شواحن الهواتف المحمولة وأجهزة «الباور بانك»، على أن تُغلَق أبواب الدخول في المباريات المهمة قبل نحو ساعتين من موعد بدء المباريات، بسبب المخاوف من تدافع الجمهور في الدخول خلال اللحظات الأخيرة. هذه الصعوبات في التأمين بعد غياب حضور المشجعين لسنوات تسبب قرارات غريبة للوزارة، منها اتخاذ قرار بوقف نقل المتهمين إلى المحاكم خلال البطولة، وهو ما سيضرّ الآلاف من المحبوسين الذين تُنظر قضاياهم أمام المحاكم في العاصمة والمدن التي تستضيف البطولة، وهي الإسكندرية (شمال) والإسماعيلية وبورسعيد والسويس (شمال شرق).