شهد الأردن تعديلاً وزارياً ثالثاً على الحكومة التي خَلَفت سابقتها إثر احتجاجات شعبية قبل نحو عام، حين كلّف الملك عبد الله الثاني بتأليفها عمر الرزاز، وهو أحد أبرز الوجوه الاقتصادية التي عملت في البنك الدولي، كما أنه من الشخصيات المقربة لدى السفارة الأميركية في عمّان. وجاء التعديل الثالث خلال سنة ضمن سلسلة تغييرات بدأها الملك في بلاطه، ثم دائرة المخابرات، وأخيراً في السلطة التنفيذية.ولعل أبرز التنقلات كانت لمستشار الملك للشؤون الاقتصادية في الديوان الملكي، محمد العسعس، الذي أقسم اليمين أمس أمام الملك وزيراً للتخطيط والتعاون الدولي، ووزير دولة للشؤون الاقتصادية، بعد أيام من إعادة تسميته مستشاراً فقط في الديوان، وبذلك عادت هذه الوزارة الحساسة إلى دائرة عبد الله بعدما ابتعدت عن القصر بخروج مستشار الملك الاقتصادي السابق، مدير الدائرة الاقتصادية في البلاط الملكي عماد فاخوري، مع سقوط حكومة هاني الملقي العام الماضي.
وبجانب تغيير في تسميات بعض الوزارات ودمج أخرى واستحداث وزارة، بدا أن الأسماء القديمة ــــ الجديدة تراوح مكانها، كما في الحقيبة الأهم: «الداخلية»، فقد عاد سلامة حماد إلى الواجهة من جديد، وهو الذي شهدت ولايته الأخيرة أحداثاً كبيرة؛ من أبرزها اغتيال الشهيد ناهض حتر، والعمليات الإرهابية في الكرك التي أودت برجال أمن ومدنيين وسياح أجانب، إلى جانب اتهامه من نائبة سابقة في البرلمان بتزوير انتخابات دائرة بدو الوسط على إثر اختفاء صناديق اقتراع في انتخابات 2019.
ردود الفعل الشعبية جاءت مستهزئة بهذا التعديل «المائع»، الذي جلب توليفة من الأسماء المتناقضة في توجهاتها، ما بين الليبرالي المنفتح و«الحرس القديم»، من دون المساس بالخارجية الأقرب من الديوان، وهذا يعني أن السياسة الخارجية غير مشمولة بتعديلات الرزاز غير الناجعة، وخصوصاً أن الرجل فقد بالفعل الغالبية العظمى مِمَّن تحمسوا له في البداية. ومن المستبعد أن يكون الملك متكئاً على مثل هذه الحكومة في استحقاقات المرحلة المقبلة.
من جهة أخرى، وعلى خلاف ما أشيع سابقاً، لم يفضِ الغزل بين القصر و«الإخوان المسلمون»، وبين الحكومة و«الإخوان»، إلى توزير أيٍّ من وجوه الجماعة، على رغم أنه ساهم في تهدئة الوضع الداخلي.