في ظلّ انشغال المصريين في مشاركة منتخبهم الوطني في بطولة كأس العالم في روسيا، جاء إعلان الحكومة زيادة أسعار المحروقات للمرة الثالثة خلال شهرين ليفجّر غضبهم وسخريتهم على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي وقتٍ غابت فيه أي دعوات إلى احتجاجات شعبية أو تحركات رافضة لهذا القرار، «عوّضت» المنصّات الافتراضية غياب مساحة التعبير على الأرض، في ظلّ استمرار السلطات المصرية في إغلاق المجال العام بصورةٍ شبه تامة. ومنذ عزل الرئيس محمد مرسي وتسلّم الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم ثم انتخابه، لم تعرف مصر تحركات شعبية واسعة كالتي شهدتها بين عامي 2011 و2013، وذلك باستثناء بعض التجمعات المرتبطة بقضية جزيرتي تيران وصنافير. حتى تلك التحركات قُمعت بدورها وتم اعتقال عدد كبير من المشاركين فيها.
في اليومين الماضيين، تصدّر هاشتاغ «#البنزين» نطاق مصر على موقع «تويتر»، حيث علّق المواطنون (كما على «فايسبوك») على القرار الحكومي الذي تبعه أيضاً رفع تعرفة النقل العام.

وكعادتهم عند أي حدث، ألّف المصريون نكاتاً تتسم بمرارة عميقة، تزايدت في الآونة الأخيرة مع الإجراءات الاقتصادية التي تتخذها الحكومة منذ نحو سنتين تقريباً.







غير أن هناك من اعتبر أن هذه الفكاهة هي «من صنع جهات حكومية» بغرض «التنفيس» لمنع المواطنين من القيام بفعلٍ ضد القرارات.


بعضهم فضّل الابتعاد عن السخرية، والتعبير بجدّية عن الاستياء من زيادة أكثر من 60% على المحروقات، بعد رفع أسعار الكهرباء وتذاكر المترو حديثاً، مشيرين إلى حجم العبء المعيشي الذي بات ملقىً على عاتقهم (الحدّ الأدنى للأجور في مصر 1200 جنيه أي 67.4 دولار).






آخرون صبّوا غضبهم في تغريدات ضد صندوق النقد الدولي، لكون الإجراءات الاقتصادية الصعبة تأتي ضمن «إصلاحات» تشترطها المؤسسة الدولية على القاهرة لدفع الشرائح المتبقية من قرض بقيمة 12 مليار دولار.




كذلك، انتشر فيديو لأغنية عن قضية زيادة الأسعار للمغنّي أحمد سعد يقول فيها: «إفرض ضريبة على السعادة سمّيها تمن الإنبساط، وخد أتاوة من اللي نايمين على البلاط».


إلى ذلك، استعادت ناشطة أبياتاً معروفة من قصيدة «قل أعوذُ» للشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم، لا تزال تعبّر عن واقع الحال لكونها تصف سحب الأموال المتكرّر من جيوب شعبٍ يرزح بمعظمه تحت خط الفقر: «كَل غدانا.. قام لقانا شعب طيب.. كَل عشانا».