تطرّق ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في مقابلته ضمن برنامج «60 دقيقة» على قناة «CBSnews» الأميركية إلى ملفّات رئيسية على الصعيدين السعودي الداخلي والدولي، موضحاً آليات تعاطيه في المستقبل مع قضايا إشكالية عدّة، في مقدمتها التشدّد الديني والاجتماعي في السعودية، وموقف بلاده من إيران.المقابلة التي مهّدت لزيارة ابن سلمان إلى الولايات المتحدة حيث سيلتقي، غداً، بالرئيس دونالد ترامب للمرة الثالثة، شهدت تأكيداً من الأمير السعودي الشاب بأنه ماضٍ في خطته لحكم البلاد في المستقبل. فردّاً على سؤالٍ من محاورته، نورا أودونل، عمّا إذا كان سيحكم السعودية في السنوات الخمسين المقبلة، قال ابن سلمان «إن هذا هو المتوقع إذا سارت الأمور بشكلٍ طبيعي»، ليؤكد بعد ذلك أن «الموت وحده» يمكن إيقافه عن هذا الأمر.

إسلامٌ معتدل وحقوق الإنسان
أكد ابن سلمان أنه سينقل السعودية إلى «إسلامٍ معتدل»، موضحاً أنه بعد عام 1979 «كنّا ضحايا لبعض الممارسات الدينية، خصوصاً جيلي الحالي»، في إشارةٍ إلى تاريخ اقتحام الحرم المكي. في هذا الإطار، تعهّد بأن بلاده «ستقدم للعالم ما تبذله من مساع حثيثة لمواجهة التطرف».
ورداً على سؤالٍ حول المساواة بين المرأة والرجل في المجتمع السعودي، قال ابن سلمان «كلنا بشر ولا يوجد هناك فرق»، معتبراً أن المتطرفين «يحرمون الاختلاط بين الجنسين، ولا يمكن التفريق بين وجود امرأة ورجل وحدهما أو وجودهما سوياً في بيئة العمل». وأشار إلى أن «العديد من هذه الأفكار تتناقض مع المبادئ التي سادت خلال حياة الرسول والخلفاء». في السياق نفسه، أكد أن القوانين الشرعية واضحة للغاية وتنصّ على ارتداء النساء ملابس محتشمة ومحترمة كالرجل، «لكن ديننا لا ينص حرفياً على ضرورة ارتداء عباءة سوداء أو حجاب أسود، فالقرار يعود بشكل كلي إلى النساء ليحددن نوع الرداء اللائق والمحترم الذي تخترن ارتداءه».
كذلك، وضع ابن سلمان اعتقالات العشرات ممن انتقدوا الحكومة في السعودية، ومن بينهم اقتصاديون ورجال دين ومفكّرون، في سياق «محاربة التشدد»، واعداً بإعلان «أكبر قدر ممكن من المعلومات» عن هؤلاء الأشخاص في وقت قريب.
وفي إجابةٍ عن سؤال حول اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان في السعودية، قال ابن سلمان إن بلاده «تؤمن بالعديد من مبادئ حقوق الإنسان، وبمفهوم حقوق الإنسان»، مستدركاً بأن المعايير السعودية لا تتشابه مع المعايير الأميركية في هذا المجال.


مكافحة الفساد والقضاء على «الإخوان»
تعهد ابن سلمان بـ«القضاء الكامل» على «ما تبقى من فكر عناصر جماعة الإخوان المسلمين الذي غزا المدارس السعودية». وأوضح أن المدارس تعرضت «لغزو» من عناصر «الإخوان» ولا يزال البعض منهم موجوداً، «ولكن في القريب العاجل سيتم القضاء عليهم نهائياً».
وعن حملة التطهير التي شنها ضد أمراء ووزراء رجال أعمال سعوديين أدّت إلى اعتقالهم في الرابع من تشرين الثاني الماضي، قبل إطلاق سراحهم بموجب صفقات، قال ابن سلمان إن «حكومته استردّت أكثر من 100 مليار دولار، ولكن المقصود ليس استعادة الأموال المنهوبة، بل معاقبة الفاسدين وإرسال رسالة واضحة مفادها بأنّ كل من يتورط في صفقات فساد سيواجه العدالة». في سياق متصل، وردّاً على سؤال عن بذخه في الإنفاق، قال ابن سلمان «أنا ثري ولست فقيراً ولست غاندي أو مانديلا».


إيران و«القاعدة»
على الصعيد الإقليمي، وصف ابن سلمان المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيراني، علي خامنئي، بـ«هتلر جديد» لأنه «يريد خلق مشروعه الخاص في الشرق الأوسط بدرجة تشبه كثيراً هتلر في ذلك الوقت». وجدد تأكيده أن السعودية، في حال تطوير إيران قنبلة نووية، ستفعل الشيء نفسه في أسرع وقت». كذلك، اعتبر أن إيران لا تنافس السعودية، لأن «جيشها ليس ضمن أكبر خمسة جيوش في العالم الإسلامي، كما أن الاقتصاد السعودي أكبر من اقتصادها».
عن الحرب اليمنية، قال ابن سلمان إن «الأيديولوجيا الإيرانية اخترقت اليمن»، متهماً الجمهورية الإسلامية باستخدام أراضي اليمن لإطلاق صواريخ على العاصمة السعودية الرياض. وأعرب ولي العهد السعودي عن أمله في أن «تتوقف الميليشيات في اليمن عن استخدام الجانب الإنساني لاستعطاف العالم».
إلى ذلك، اتهم ابن سلمان إيران بأنها «تحمي عناصر القاعدة وترفض تسليمهم للعدالة وتأوي الزعيم الجديد لتنظيم القاعدة وهو نجل أسامة بن لادن»، مشيراً إلى أن ابن لادن سعى لإحداث شرخ بين الشرق الأوسط والغرب، خصوصاً السعودية والولايات المتحدة.