غزة ــ الأخباريواصل وفد حركة «حماس» مباحثاته مع المسؤولين المصريين التي بدأت الجمعة الماضية بعد «استدعاء» جهاز «المخابرات العامة» قيادات الحركة وتحديده الساعة «الصفر» لمغادرته قطاع غزة، إذ تعمّد منظمو الزيارة ألا تكون معلنة إلا بلحظاتها الأخيرة. وبينما وصل رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية برفقة وفد سياسي وإداري من غزة إلى القاهرة، رفضت السلطات المصرية السماح لعضو المكتب موسى أبو مرزوق بدخول القاهرة، وأرجعته إلى الدوحة مجدداً بذريعة عدم وجود تنسيق مسبق لدخوله.

وعلمت «الأخبار» أنه رغم كون الزيارة معداً لها سلفاً ضمن جدول المصالحة، فإن المخابرات المصرية هي التي حددت موعدها، وكان لافتاً أولاً إغلاقها معبر رفح مباشرة بعد خروج الوفد ومنع المسافرين من الحركة على الجانبين، وثانياً تزامنها مع انطلاق الحملة الأمنية الموسعة في شمال ووسط سيناء، لتلقي على طاولة البحث ملفات أمنية وصفت بـ«الثقيلة». كذلك، غاب عن الوفد رئيس الحركة في غزة يحيى السنوار، بفعل حالة الطوارئ الموازية التي تعيشها الحركة في القطاع و«ضمان ألا تخلو الساحة»، كما تقول المصادر. أيضاً، علمت «الأخبار» أنّ من المقرر أن يزور وفد أمني مصري قطاع غزة بعد عودة الوفد الحمساوي، من دون تأكيد السماح للأخير بإجراء جولة خارجية هذه المرة.
تفيد المصادر بأنه قد سبق الزيارة الجارية إرسال المصريين مذكرتي تقييم بشأن المصالحة إلى كل من «حماس» و«فتح»، كما علمت «الأخبار» من مصادر في «اللجنة المركزية لفتح»، أن النسخة المرسلة إليهم تحمل عتاباً حول أداء الحركتين في المصالحة. وتضيف المصادر أن «المذكرة تحدثت عن عتب بشأن عدم الالتزام في ملفي الحكومة والموظفين، كما ثمة إشارة مصرية إلى إشادة بعض وزراء الحكومة (التابعين للسلطة) بتمكين وزاراتهم في غزة، مثل وزير التربية والتعليم صبري صيدم». أما في «مذكرة حماس»، فلامها المصريون في مسألتي منع الموظفين المستنكفين من العودة إلى العمل، ورفضها تسليم الجباية الداخلية للوزارات.

مُنع موسى أبو مرزوق من دخول القاهرة وأُعيد إلى الدوحة

فور تسلم الحركتين المذكرات، بدأ كل طرف تحضير أجوبة عنها، فيما أرسلت «فتح» موفدها عزام الأحمد الذي التقى مسؤولين أمنيين وآخرين من الخارجية في مصر. أما ردّ «حماس»، فكان «الاتفاق مبدئياً على تسليم الجباية الداخلية للوزارات مقابل تعهد من فتح بأن تلتزم الحكومة دفع مستحقات مالية للموظفين كما اتُّفق قبل شهور في القاهرة، بنسبة 50%، واستكمال التفاهمات داخل اللجنة الإدارية والقانونية بشأن دمج الموظفين، وتطبيق بقية التفاهمات».
أما «حماس»، التي أقلقها موعد الزيارة وطريقة الاستدعاء، خاصة مع تغير إدارة المخابرات المصرية، فإنها أبدت استعدادها التام للتعاون وإنجاح المصالحة مع «فتح» بقيادة محمود عباس «رغم كل العقبات المفتعلة»، لكنها اشتكت للمخابرات مماطلة السلطة في تطبيق بنود ما اتُّفق عليه، بما في ذلك تسلُّم الوزارات بحضور الوفد المصري والتلاعب بحل قضية الموظفين في غزة. كذلك أخبرت المصريين بأن أطرافاً دولية عدة أبدت موافقتها على تمويل رواتب الموظفين، بما في ذلك دول أوروبية وتركيا.
وبشأن لقاءات مرتقبة للوفد الحمساوي مع تيار القيادي المفصول من «فتح» محمد دحلان، نفت مصادر في الأخير زيارة دحلان للقاهرة هذه الأيام أو «وجود أي ترتيبات بشأن خطة باء» بديلة من المصالحة. وقال القيادي في تيار دحلان، عبد الحميد المصري، إنّ الحديث عن ترتيبات مشتركة مبكر، كذلك فإن «تشكيل مجلس إنقاذ لغزة بيننا وبين حماس غير مطروح في الوقت الراهن».
رغم هذه المباحثات، لا يزال الوضع المعيشي في غزة يعيش انهياراً غير مسبوق، إذ ذكرت وزارة التربية والتعليم العالي أن 23% من طلبة التعليم العالي فقط تمكنوا من التسجيل للفصل الدراسي الثاني (الجاري) 2017/2018، فيما طلبت البقية تأجيل الفصل أو إيقاف دراستها بسبب عجزها عن توفير الرسوم، مع العلم أن الجامعات تعاونت مع الطلبة وأتاحت لهم الدفع بالتقسيط حالياً. أما وزارة الصحة، فأعلنت توقف شركات النظافة عن العمل في مستشفياتها وعياداتها بسبب عدم صرف مستحقاتها المالية، وهو ما حوّل هذه المقرات الصحية إلى تجمعات للقمامة الطبية.