بالتوازي مع الحديث عن توجهات سعودية جديدة في اليمن، عقد مجلس الأمن الدولي، مساء أمس، جلسته الخاصة في نيويورك بمشاركة المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ووكيل أمين عام الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيف أوبراين، إضافة إلى عبد الملك المخلافي، وزير الخارجية في حكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي.
وجدد ولد الشيخ، في مداخلة عبر الهاتف، التسويق لمبادرته التي ترفضها حركة «أنصار الله»، والتي تقترح وضع ميناء الحديدة غربي البلاد تحت إدارة طرف محايد. وقال المبعوث الدولي إن «طريق اليمن نحو السلام واضح»، مضيفاً أنّ «المقترح المطروح بشكل أساسي يهدف إلى ضمان استمرار عمل ميناء الحديدة دون انقطاع، وبشكل آمن، كونه الشريان الأساسي للاقتصاد اليمني». وأعاد ولد الشيخ التذكير بمشروعه، مبيّناً أن المطروح بشأن الحديدة «خطة عملية ترتكز على تسليم الميناء إلى لجنة يمنية، من شخصيات عسكرية واقتصادية، تحظى بقبول واسع، وتعمل تحت إشراف وإرشاد الأمم المتحدة».
ودعا المبعوث الأممي الأطراف إلى «القبول بإجراءات ترمي إلى المحافظة على مؤسسات الدولة الحيوية، والمساعدة في المرحلة الأولى على تأمين تدفق المساعدات الإنسانية، ودفع الرواتب لموظفي الدولة، والحدّ من تهريب السلاح». وطالب باتخاذ «إجراءات فورية لتحييد المسار الإنساني، ومنع البلاد من الوقوع أكثر في مستنقع العنف والأوبئة والمجاعة وأزمات أخرى كان ولا يزال من الممكن تفاديها والحدّ من انتشارها»، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة «تعمل مع الفرقاء على إعادة فتح مطار صنعاء».
واستغرق المبعوث الدولي في توجيه رسائله السياسية والغمز من قناة «أنصار الله» للدفاع عن دوره الذي تشكك الحركة في حياديته، معتبراً أن ذلك «لن يصنع السلام... والتأجيل والتبرير والتهويل الإعلامي لا يُنهي الحروب، وإنما يزيد من عمق الشرخ الحاصل». واستنكر قيام الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» بإطلاق الصواريخ البالستية على الأراضي السعودية.

منسّق الإغاثة
ستيفن أوبراين:
اليمن بحاجة عاجلة إلى 2.3 مليار دولار

في المقابل، كان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، منسق الإغاثة الطارئة ستيفن أوبراين، أكثر مباشرة في إفادته أمام المجلس بشأن الأوضاع التي يعاني منها اليمنيون، كاشفاً عن الحاجة إلى «2.3 مليار دولار بشكل عاجل لمواجهة الاحتياجات الإنسانية». ورأى أوبراين أن «المأساة الإنسانية متعمدة ووحشية»، مضيفاً أنه «بالإرادة والشجاعة غير المتوفرتين الآن، يمكن وقفها». وبينما شدد في سياق كلمته على أن الغارات الجوية تسبّبت في مقتل العديد من المدنيين، فإنّه علّق على الأمر بالقول: «كلنا نعلم أن قوات التحالف هي التي بإمكانها استخدام الطائرات في الصراع الدائر».
وانتقد أوبراين حكومة هادي و«التحالف» الذي تتزعمه السعودية بسبب «الرفض الأحادي الجانب أو التأجيل المفرط لدخول السفن الحاملة لشحنات ضرورية» إلى ميناء الحديدة.
ورأى أوبراين أن «من الخطأ ببساطة الإصرار على ذهاب هذه الشحنات إلى عدن وليس الحديدة»، مناشداً الدول الأعضاء في مجلس الأمن دعم آلية للمنظمة بدأت بتفتيش شحنات تجارية إلى موانئ خاضعة للمسلحين في أيار من العام الماضي.
وفي خطوة لافتة، دعا المسؤول الأممي مجلسَ حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى تأسيس آلية للتحقيق في انتهاكات القانون الإنساني الدولي في اليمن ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.
وشهدت جلسة مجلس الأمن مداخلة من وزير الخارجية في حكومة هادي، عبد الملك المخلافي، أعلن فيها استعداد حكومته لفتح مطار صنعاء بشرط وضع المطار تحت إدارتها بإشراف أممي. وجدد المخلافي القبول بمقترحات ولد الشيخ بشأن ميناء الحديدة.
يشار إلى أن مجلس الأمن عقد جلسته الاستثنائية بدعوة من السويد وبريطانيا وسط تداول مسودة تقرير للأمم المتحدة، كشفت عنها وكالة «رويترز» أول من أمس، يتهم «التحالف» السعودي بالمسؤولية عن النسبة الأكبر (51 %) من القتلى والمصابين في اليمن العام الماضي فقط. وأشارت مسودة التقرير الذي لا يزال بحاجة إلى تصديق الأمين العام أنطونيو غوتيريش ليعيد السعودية إلى القائمة السوداء، إلى أن «الهجمات التي نفّذت جواً تسببت في سقوط ما يزيد على نصف العدد الإجمالي لضحايا الأطفال مع مقتل 349 طفلاً وإصابة 333».
أمام هذا المشهد، باتت التسريبات المتتالية بشأن ما يُتداول في كواليس أبو ظبي والرياض تساعد في تعزيز ما يُحكى عن التوجه السعودي الجديد. وكان آخر هذه التسريبات رسالة مقرصنة من بريد السفير الإماراتي لدى واشنطن يوسف العتيبة، يشير فيها الأخير إلى أن وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان أعرب عن رغبته في إنهاء الحرب.
(الأخبار)