يحلّ الفقر كواحد من العوامل المركزية التي تؤثر في زيادة العنف والجريمة في الأراضي المحتلة عام 1948، وتتفق دراسات اجتماعية كثيرة على أنه توجد صلة قوية بين ارتفاع الفقر والجريمة.بحسب الإحصاءات الإسرائيلية الرسمية، فإن المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل فقير جداً. وبلغ حجم الفقر وفق الدخل الاقتصادي 56.8 بالمئة من العائلات، و59.1 بالمئة من الأنفس، و72.9 بالمئة من الأطفال.
ومعظم أفراد المجتمع العربي من العمّال، وهو أيضا مجتمع شاب جداً، فيما يمثّل الأطفال حتى جيل 14 منه نسبة 41.2 بالمئة. أمّا الشباب حتى جيل 19، فيمثّلون 50 بالمئة من مجمل المجتمع. كما أن متوسط عمر «المواطنين» العرب هو 19.4 سنة (مقابل 30 سنة لدى اليهود). وهذا العمر الصغير للسكان، يزيد مجموعة الأشخاص المرتبطة بالآخرين، كما يزيد العنف.
يرى الباحث في العلوم الاجتماعية والمحاضر في جامعة حيفا، نهاد علي، في كتابه «إرهاب مدني»، أن الفقر قد يكون السبب الأهم في تفشي العنف والجريمة، لأنه فقر مادي بسبب البطالة وانعدام فرص العمل والتأهيل، وخصوصاً في جيل الشباب.
وتظهر الدراسات أن ما يقارب 40 بالمئة من الشباب العرب، ما بين 18 عاماً حتى 24 عاماً، في حالة فراغ عميقة، فهم لا يعملون ولا يدرسون، إضافة إلى أن هذه الفئة هي الأكثر عرضة لدخول عالم الجريمة والعنف، لكونها المستقصدة من مجموعات الإجرام المنظم والأكثر استغلالاً بسبب ظروفها. وبين فلسطينيي الـ48، المعروف أن هناك عائلات إجرام منظم تجبي الأتاوات من مصالح اقتصادية معينة وتلقي بإرهابها على الأفراد، وتستغل الشباب وحالة الفراغ التي يعيشونها لإدخالهم إلى عالمها.
يضيف علي، في كتابه، أن الفقر ليس فقراً مادياً فقط، إنما «فقر في المؤسسات التعليمية والمؤسسات اللامنهجية... الفقر في منظومة قيمية واضحة المعالم وملزمة لمجتمع كالمجتمع الفلسطيني في إسرائيل موجود بصورة دائمة في مواجهة مع الآخر، وبضغط متواصل بين متناقضات وتيارات كبيرة متناحرة». ويشدد الكاتب على أن الفقر لهذه المنظومة القيمية «هو الذي يعطي الشعور بالضياع لأجيال تتخبط من دون بوصلة واضحة».