أكدت قرارات الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي التي قضت بإعفاء محافظ البنك المركزي اليمني محمد بن همام من منصبه وتعيين وزير المالية في حكومته منصر القعيطي بدلاً منه إلى جانب إعادة تشكيل مجلس ادارة البنك، استنفاد هادي وحكومته آخر الأوراق الاقتصادية الفاعلة التي كان يراهن عليها في الضعط على «أنصار الله» وحزب «المؤتمر الشعبي العام» لقبول أي تسويات سياسية قسرية. قرار هادي الذي قضى أيضاً بنقل المقر الرئيسي لـ«المركزي» من العاصمة صنعاء إلى محافظة عدن، أثار ردود أفعال غاضبة من قبل الأطراف كافة بمن فيها بعض الموالين لـ«التحالف» لافتقاره إلى أي مبررات منطقية، واعتباره قرار حرب أكثر منه قراراً اقتصادياً استراتيجياً. ويأتي القرار الذي دعا زعيم حركة «أنصار الله» أمس، إلى حملة شعبية احتجاجاً عليه، لتكريس الفصل المناطقي بين المحافظات الشمالية والجنوبية، وضمن مسعى تكريس عدن «عاصمة مؤقتة» منذ انتقال هادي إليها في شباط عام 2015، ولو أنه عاجز عن الاقامة في المدينة الغارقة في فوضى التنظيمات المتطرفة.
قد يحدث نقل «المركزي» إلى عدن ارتباكاً في التعاملات المالية الدولية لليمن

ومن المتوقع أن يحدث القرار ارتباكاً كبيراً في التعاملات المالية الدولية لليمن وفي القطاع المصرفي اليمني برمته. وسبق لحكومة هادي أن عرضت على صندوق النقد الدولي الذي اعترض عليه مطلع آب الماضي. كما عدّه كل من سفيري واشنطن ولندن حينها «قراراً خطيراً» يعرّض حياة الملايين من اليمنيين للخطر. ووفقاً لمصادر مقربة من حكومة أحمد بن دغر، التي شنت حرباً اقتصادية شرسة منذ أشهر في سبيل وضع يدها على «المركزي» ونقله إلى عدن، أبلغ السفيران الأميركي والبريطاني هادي أن نقل البنك من صنعاء «خط أحمر» بالنسبة للمجتمع الدولي، إلا أن هادي تجاهل التحذيرات الدولية في سبيل تحقيق «إنجاز» يسجّل لمصلحة فريقه في الحرب الدائرة.
وفيما لا تزال مواقف المؤسسات المالية الدولية إزاء القرار غامضة حتى الآن، وصف المتحدث الرسمي باسم حركة «أنصار الله»، محمد عبد السلام، قرار نقل البنك بأنه «غير شرعي من رئيس غير شرعي». ورأى خلال مقابلة تلفزيونية أن تلك القرارات بمثابة «إعلان حرب» على الشعب اليمني بهدف تركيعه والنيل من صموده. وأشار عبد السلام إلى أن قرارات هادي مخالفة واضحة لكل قرارات مجلس الأمن، بما فيها القرار 2216 وبيان مجلس الأمن الأخير. وأكد عبد السلام أن هادي و»التحالف» يتعاملان مع الورقة الاقتصادية كورقة حرب يمارسان عبرها العدوان على الشعب اليمني.
وفيما لم يصدر أي رد فعل من قبل بن همام حول قرار إقالته، ينتظر المحافظ وأعضاء المجلس، وفقاً لمصادر، رد فعل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي حول القرار لكون البنك يتعامل مع المؤسستين. إلا أن مصدرا قانونيا في البنك عدّ قرارات هادي غير قانونية ومخالفة للدستور. وأكدت المصادر أن قرار نقل البنك يتعارض مع المادة الرابعة من القانون رقم 14 لسنة 2000 بشأن البنك التي تقضي بأن يكون المقر الرئيسيي للبنك في مدينة صنعاء.
المبررات التي استند إليها هادي والتي حاول تسويقها محافظ البنك المعين منصر القعيطي في مؤتمر صحافي عقد في مقر السفارة اليمنية في الرياض، حملت اتهامات لـ«أنصار الله» بتبديد المال العام واستخدامه في حربها ضد «التحالف». ورأى أن بقاء المنظومة المالية والمصرفية في صنعاء «أدى إلى فقدان البنك المركزي لحياديته واستقلاليته وإلى تسخير جزء أساسي من موارده لتمويل المجهود الحربي لأنصار الله». وتحدث القعيطي عن تراجع الاحتياطات النقدية الأجنبية للبنك لأدنى المستويات، متجاهلاً تداعيات الحرب والحصار التي أدت الى تراجع الايرادات العامة للدولة الى مستويات غير مسبوقة بالاضافة الى توقف كافة الايرادات من العملات الصعبة.
ولم يعلن القعيطي التزام قيادة البنك المركزي المعينة من هادي صرف مرتبات 1,2 مليون موظف من موظفي الدولة في البلاد، وتجاهل الحديث عن توقيت بدء تنفيذ قرار هادي بنقل «المركزي» والبدء بممارسة النشاط المالي للبنك في عدن، وهو ما أثار مخاوف موظفي الدولة من تعرضهم للابتزاز من قبل حكومة هادي التي سبق لها أن هددت باتخاذ اجراءات عقابية ضد كل الموظفين الحكوميين الموالين لأنصار الله.