14 شهراً قضاها السفير السعودي ثامر السبهان في بغداد كان عنوانها الأساسي "إثارته للجدل"، تارة بمهاجمة أطراف عراقية وأخرى بالحديث بنبرة طائفية، رغم حساسية الوضع في البلاد، لا سيما عند التطرّق إلى ملف "داعش" والمدن المحتلّة من التنظيم.وعلى عكس ما كانت تأمل بغداد؛ فبعد فترة انقطاع دبلوماسي طويل بين العراق والسعودية، لم يفلح السفير السعودي الذي اختارته الرياض في تعزيز العلاقات، بل تسبّب في إحراج الحكومة العراقية، أكثر من مرة، ليس أمام المناهضين لسياسات السعودية في العراق فحسب، بل أمام المتحمّسين لفتح صفحة جديدة بين الطرفين.
وقد انطلقت تصريحات السبهان من مهاجمة فصائل "الحشد الشعبي" التي تقاتل "داعش"، وصولاً إلى حديثه عن تعرّضه لمحاولة اغتيال يقف خلفها أحد تلك الفصائل. ومن ضمن الملفات التي عمل عليها خلال فترة توليه منصبه، السعي إلى الإفراج عن معتقلين سعوديين في العراق، متّهمين بتنفيذ أعمال إرهابية.
وقد دفع سلوك السفير السعودي، أخيراً، وزارة الخارجية العراقية إلى طلب استبداله. وهو ما عبّر عنه المتحدث باسم الوزارة أحمد جمال، قائلاً إن "السبهان كان حجر عثرة أمام تطوّر العلاقة بين بغداد والرياض"، مضيفاً أن "هذا ما دفع إلى المطالبة باستبداله، حرصاً على التقدم الذي تحقّق قبل عام".
وفي تصريح تلفزيوني، أضاف جمال أن "وزير الخارجية إبراهيم الجعفري قدم طلباً رسمياً لنظيره السعودي، بهدف ضمان إنضاج العلاقة بين البلدين الجارين". وأوضح أن "تصريحات السفير السبهان في وسائل الإعلام مثّلت، في غالبيتها، تدخلاً سافراً في الشأن الداخلي العراقي، وتجاوزاً واضحاً على هيبة الدولة، فضلاً عن هجومه المتكرر على الحشد الشعبي".
ويمثل كلام المتحدث باسم الخارجية العراقية تأكيداً لمخاوف كانت تبديها أطراف أيّدت، في السابق، إعادة العلاقات بين الجانبين، ومفادها أن سلوك السفير السعودي لم يكن يرقى إلى الطموحات. فضلاً عن ذلك، فقد اتُهم السفير السعودي، من قبل قطاع واسع داخل العراق، بأن تصريحاته لم تكن مصادفة أو تصرفاً شخصياً، بل هي تأتي متناغمة مع سياسات سلبية انتهجتها السعودية في العراق، خصوصاً بعد تغيير الحكم في عام 2003.
وما يعزّز هذه الفكرة، تصريحات السبهان نفسه رداً على طلب العراق باستبداله. فقد نقلت عنه صحيفة "الوطن" السعودية قوله إن "العراق رئة العرب، ولو تم استبدالي، فإن السعوديين كلّهم ثامر السبهان، ونحن نخدم بلادنا"، مضيفاً "لن نتخلى عن العراق، والعراق ستبقى عربية".
وفيما لم يصدر أي ردّ رسمي سعودي آخر على طلب العراق، فمن غير المستبعد أن ترفضه الرياض، طبقاً لاعتقاد بأن "الرياض تريد إحراج العراق بالسبهان، وإيصاله إلى نقطة يطلب فيها استبداله حتى تبرّر مقاطعة بغداد أمام المجتمع الدولي". وتتوافق هذه المعلومات مع تقارير تزامنت مع تعيين السبهان، في صيف 2015، كانت قد أشارت إلى تعرّض الحكومة السعودية لضغط مضاعف من واشنطن لتعيين سفير لها في العراق، بعد استبدال رئيس الحكومة العراقية السابق نوري المالكي الذي كانت الرياض تعارض وجوده وترفض التعاون الدبلوماسي معه.