يدخل العدوان السعودي على اليمن يومه السابع، على وقع أنباءٍ تتحدّث عن اقتراب «أنصار الله» من السيطرة التامة على مضيق باب المندب، وفي ظل توتر واشتباكات تشهدها الحدود اليمنية السعودية، وذلك وسط معلومات عن وساطة جزائرية، في وقتٍ يبدو فيه «التحالف العشري» أنه يحقق انتصارات إعلامية أكثر منها فعلية، خصوصاً أن العمليات الجوية والمدفعية لم تتمكن حتى الساعة من تحقيق إنجاز عسكري أو استراتيجي مهم، ما يفسّر ازدياد المجازر بحق المدنيين من شمالي البلاد إلى وسطها. وما زالت التهديدات والنبرة العالية تطغى على تصريحات المسؤولين السعوديين، عسكريين ودبلوماسيين، آخرها توعّد «الإيرانيين وعناصر حزب الله الذين يدرّبون الحوثيين» بالمواجهة.
وفيما يبدو أن الحوثيين اختاروا الردّ على عمليات العدوان عبر تحقيق إنجازات ميدانية كبرى لا عبر المواجهة المباشرة، برزت يوم أمس دعوات إلى الحوار، أبرزها من إيران وروسيا. أما وزير الخارجية اليمني بالوكالة، رياض ياسين، فقد كرر دعواته إلى التدخل البرّي، وهو المطلب الذي يعزز احتمال تحققه معلومات عن مفاوضات مكثفة بين السعودية وباكستان لإرسال قوات باكستانية قريباً إلى اليمن.
العسيري: سيواجه مدربو الحوثيين
من إيران وحزب الله المصير نفسه

ونقلت وكالة «الأناضول» عن دبلوماسي جزائري قوله إن «السعودية ومصر طلبتا من إيران، عبر قنوات دبلوماسية، منها قناة جزائرية، وقف الدعم العسكري الإيراني لجماعة الحوثيين قبل إطلاق أي اتصالات لوقف العملية العسكرية». ونقلت الجزائر، بحسب المصدر، «رسالتين من إيران إلى السعودية ومصر تضمنتا ضرورة وضع حدّ للنزاع المسلح في اليمن بشكل يمنع تحوله إلى حرب إقليمية كبرى». وتحدث المصدر الدبلوماسي الجزائري عن مبادرة لبلاده «لها هدفان، الأول هو منع امتداد النزاع المسلح إلى جبهات أخرى أسخن من خلال احتمال وقوع اشتباك مباشر بين إيران ودول الخليج، أما الهدف الثاني فهو حل الأزمة اليمنية».
وتفيد المعلومات بأن المبادرة الجزائرية تنص على وقف الحرب ورفع الحصار عن اليمن، على أن يتولى الجيش اليمني تسلم زمام الأمن في البلاد، وتتشكل هيئة لإدارتها يكون عبد ربه منصور هادي أحد أعضائها.
يأتي ذلك فيما ناشد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي «الأطراف المتحاربة باليمن التحلي بالمسؤولية والشجاعة في اتخاذ القرار السليم من أجل بلادهم وشعبهم». وأضاف، بحسب بيان للجيش المصري، أن «الأمن القومي للخليج العربى لا يتجزأ عن الأمن القومي المصري»، معتبرا أن «مصر دولة آمنة مستقرة تحترم تعهداتها والتزاماتها».
في السياق، دعا وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، «كل أطراف النزاع» في اليمن إلى وقف العنف. وقال، في مؤتمر صحافي في موسكو أمس، إنه لا يمكن السماح بأن يتدهور الوضع إلى حد المواجهة بين السنّة والشيعة، مذكّراً بتحذير موسكو من خطورة مثل هذا الانقسام منذ بداية «الربيع العربي». وأضاف لافروف أن من يدفعون الأمور نحو التصعيد عمداً، يأخذون على عاتقهم مسؤولية كبرى، متابعاً كذلك، أنه لا يمكن «أن نسمح بتحول الوضع إلى نزاع مفتوح بين العرب وإيران». وفيما أكد أن روسيا ستبذل قصارى الجهود من أجل الحيلولة دون ذلك، دعا لافروف جماعة أنصار الله إلى وقف الأعمال القتالية في الجنوب، طالباً كذلك من التحالف أن يوقف الضربات في اليمن، واستئناف المفاوضات بين الحوثيين والرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي. وأشار في هذا الإطار إلى ضرورة إجراء المفاوضات على أرض محايدة، طبقاً لدعوة المبعوث الدولي إلى اليمن، جمال بن عمر.
في المقابل، كرر وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل أن «الحوثيين وصالح انقلبوا على الشرعية الدستورية ورفضوا كل الحلول السلمية تحت قوة السلاح المنهوب، في سياسة جرفت اليمن إلى فتن عظيمة وتنذر بمخاطر لا تحمد عقباها»، مؤكداً «استمرار عاصفة الحزم للدفاع عن الشرعية في اليمن حتى تحقق أهدافها ويعود اليمن آمناً مستقراً وموحداً».
من جهته، توعد المتحدث العسكري باسم التحالف، أحمد العسيري، «مدربي الميليشيات الحوثية من إيران أو حزب الله المتواجدين معهم في اليمن»، وفق تسميته، بمواجهة مصير تلك الميليشيات نفسه.
وفي سرده اليومي للعمليات التي نفذتها حملة «عاصفة الحزم»، قال العسيري إن الوحدات الجوية هاجمت الميليشيات المتجهة إلى الضالع وشبوة في الجنوب، وإن اللواء 33 تم تدميره في الضالع بالكامل. وأضاف: «قمنا بعدة عمليات شمال عدن لمنع الميليشيات الحوثية من التحرك باتجاه عدن ومنع تموين الميليشيات الموجودة داخل المدينة قبل بدء العمليات».
وكشف العسيري ان «المجال الجوي اليمني تحت سيطرة كاملة لقوات التحالف، وكذلك الموانئ أصبحت تحت سيطرة قوات التحالف». وفي ردّه على سؤال بشأن أنباء عن وقوع إصابات في صفوف المدنيين في منطقة ذمار، قال: «الميليشيات الحوثية تحت الضغط يحاولون نقل المعركة داخل المدن».
ومساء أمس، وردت أنباء عن تسليم اللواء 17 العسكري اليمني المسؤول عن حماية مضيق باب المندب مقاره إلى «أنصار الله» من دون قتال. وأفاد مسؤولون محليون بأن الحوثيين، نقلاً عن وكالة «رويترز»، دخلوا قاعدة عسكرية عند المضيق.
وشهدت صنعاء قصفاً عنيفاً على الجبال والتلال المحيطة بها من كل الاتجاهات، استهدف معسكرات ومخازن أسلحة لا يبدو أن فيها ما يمكن أن يكون خسائر فادحة، كذلك شوهدت أعيرة المضادات تغطي سماء صنعاء من دون أن تطاول الطائرات التي تبدو تقنياً فوق مستوى المضادات اليمنية.
وبحسب مراسل «الأخبار» في صنعاء (علي جاحز)، حلقت الطائرات السعودية مساء أول من أمس، للمرة الأولى، في سماء رداع التي حرّرها «أنصار الله» من «القاعدة» أخيراً. وتشهد المناطق الحدودية بين اليمن والسعودية توتراً عالياً، ولا سيما في ظل استمرار القصف من داخل الأراضي السعودية على كل من مديريات رازح والخوبة الحدوديتين، وسقوط القذائف من الأراضي السعودية على كل من باقم ورغافة. وأكد شهود عيان لـ«الأخبار» أن أطقماً وجنوداً سعوديين شوهدوا في مواقع جديدة قرب الحدود مع رازح وغمر وآليات مدنية تشق طرقاً جديدة على الجانب السعودي، الأمر الذي يمكن تفسيره بأنه تمهيد لتحرك بري قريب.
كذلك، سقطت أمس قذائف وصواريخ سعودية في الطريق الواصل بين منطقتي حرض والمزرق ومنطقة الضيعة والقلعة في رازح، بالتزامن مع مشاهدة طائرة استطلاع تحلق في سماء مران (صعدة). وتحدثت مصادر في الهيئة الإعلامية لـ«أنصار الله» عن تجدد القصف الصاروخي من داخل الاراضي السعودية على مخيم المزرق الذي استهدفته الطائرات السعودية أول من امس، موقعاً مجزرة في صفوف المدنيين، وهو ما أكدته موظفة في المؤسسة الوطنية للتنمية وحقوق الإنسان التي قالت إنها شاهدت غارة جوية سعودية حينها على منطقة حرض المزرق، كذلك استهدف القصف الصاروخي ميناء ومنفذ وكورنيش مدينة ميدي الساحلية الحدودية غرب حرض.
وذكرت مصادر محلية أنها رصدت ثلاث طائرات معادية تحلّق فوق ساحل الحُديدة (غرب) في طريقها الى ميناء المخاء وقاعدة العند العسكرية على مدخل عدن الجنوبي، تلت ذلك تأكيدات ميدانية أن مناطق جنوبية شهدت قصفاً عنيفاً، ولا سيما الضالع وعدن وشبوة.
(الأخبار، رويترز،
الأناضول، أ ف ب)