واشنطن تنشر نسختها الإنكليزيّة... وطهران ترى فيها أموراً «جيّدة»خرجت طهران عن صمتها بشأن الاتفاقية الأميركية ـــ العراقية بموقف يرجّح كفّة الترحيب على المعارضة، بينما كان مصلون شيعة يتعرّضون لأول اعتداء طائفي يُسَجّل في مرحلة دخول العراق عصر المحميّة الأميركية، في ظل حالة حداد عام أعلنه السيد مقتدى الصدر
استفاقت بغداد أمس، غداة إقرار البرلمان الاتفاقية الأميركية ـــ العراقية، على تفجير استهدف مسجداً للشيعة في المسيب، وأدى إلى مقتل 12 مصلياً وجرح 17 آخرين، في تفجير انتحاري ذي طابع طائفي مرّ وقت طويل لم يعرف العراق مثيلاً له.
وفيما أعلن السيد مقتدى الصدر الحداد ثلاثة أيام احتجاجاً على إقرار «الاتفاقية»، صدر عن طهران أول موقف رسمي منها على لسان رئيس مجلس صيانة الدستور أحمد جنتي، الذي بدا واضحاً أنه حاول التوفيق بين تهنئة النواب العراقيين على «فرض بنود ملحقة بالاتفاقية»، وهي الاستفتاء الشعبي المقرر إجراؤه لتحديد مصيرها في 30 تموز المقبل، والشكوى من أن «قرار المصادقة لم يجرِ في ظروف طبيعية».
ورأى جنّتي أن فرض إجراء الاستفتاء «هو أمر جيد وكذلك إلغاء الوصاية القانونية على جنود الاحتلال الأميركي وضمانة خروج العراق من البند السابع لمجلس الأمن الدولي وخروج قوات الاحتلال من هذا البلد». في المقابل، أشار جنتي إلى «حجم التهديدات والضغوط التي مارستها الولايات المتحدة على الحكومة العراقية والنواب، والتي وصلت إلى حدّ التهديد بإثارة الفتن بين العراقيين وتعميم الفوضى وتجميد أموالهم».
وفي السياق، دعا الصدر، في بيان، أنصاره إلى إعلان الحداد «وإقامة مجالس عزاء في عموم المساجد ونشر السواد في عموم البلاد وإغلاق مكاتب الصدر في العراق ثلاثة أيام» تعبيراً عن الحزن «بهذا المصاب: اتفاقية الذل والهوان».
بدوره، قال إمام صلاة الجمعة في مدينة الصدر، حسن الحسيني، «نشجب الاتفاقية ونرفضها كما نرفض الباطل وأهل الباطل». وهتف بالمصلين «كلا كلا أميركا... كلا كلا استعمار... كلا كلا للشيطان... كلا كلا استعمار»، في تذكير لما كان نواب كتلته فعلوه في البرلمان أول من أمسوفي كربلاء، تحدث ممثل المرجع السيد علي السيستاني، أحمد الصافي، عن الانقسام النيابي حيال «سوفا»، مشيراً إلى أن هناك «قلقين»؛ الأول، «هل ستمارس الحكومة العراقية السيادة بمقدار ما هو منصوص في الاتفاقية؟». أما الثاني، بحسب الصافي، فهو «عدم وجود ضمانات قانونية للتنفيذ لإخراج العراق من البند السابع وإلغاء ما كبّل العراق بعد أحداث عام 1991».
وطالب الصافي الحكومة العراقية «بأن تكون جادة في إجراءاتها المناسبة لتنفيذ ما وعدت به، لأنّ الجميع في خندق واحد»، محذراً من أن «سيادة العراق خلال فترة وجود القوات الأجنبية لا تكون كاملة، بل ناقصة من نواحٍ عدة، منها الحصانة القضائية للجنود وعدم تفتيش البريد الرسمي والحرية المحدودة للقوات الأجنبية في الدخول والخروج».
وفي سامراء، برر الشيخ أحمد مهدي السامرائي تأييده للاتفاقية بأنها «في مصلحة العراق والعراقيين والإسلام»، لافتاً إلى أن «القرار بانسحاب القوات الأميركية في الوقت الحاضر خطوة خاطئة». وفي إشارة إلى إيران، رأى السامرائي أن «هناك عدواً يتربص بالعراق وبخروج القوات الأميركية منه حتى يحقق مطالبه ومطامعه»، مطالباً «القوات الأميركية بعدم الانسحاب من العراق إلى أن تصبح القوات العراقية قادرة على حماية الأمن، وقوة أكبر من إيران».
وكما كان منتظراً، نشرت الولايات المتحدة أمس، الصيغة الإنكليزية للاتفاقية، التي توفر لها إمكان التلاعب ببنودها وتحويرها لمصلحتها، حسبما سبق وكشف عنه 3 مسؤولين أميركيين قبل أيام.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، كارلتون كارول، «رأينا أنه من المناسب نشر النص بعد إقراره في البرلمان العراقي»، مبرراً عدم نشرها قبل هذا التاريخ بأن تلك الخطوة «كانت ستؤثر على النقاشات بشأن الاتفاق».
وأشار رئيس ديوان رئاسة الجمهورية العراقية نصير العاني إلى أن نص الاتفاقية سيُسلَّم إلى هيئة الرئاسة غداً الأحد، «وعند إقرارها في الهيئة، تعد نافذة، وفي حال رفضها تُعاد إلى مجلس النواب». وتابع العاني أنه «إذا مرت عشرة أيام من تسلم المجلس للاتفاقية ولم يُتّخذ القرار بصددها، فتُعدّ نافذة».
بدوره، أكّد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري عدم الحاجة لتوقيع جديد بين واشنطن وبغداد لتصبح الاتفاقية نافذة، بعدما وقّع على نصّها المبدئي في 17 من الجاري مع السفير الأميركي لدى العراق ريان كروكر.
ورداً على سؤال عن احتمال توقيع اتفاق جديد، أجاب زيباري «كنت مفوضاً من حكومتي والسيد كروكر كان (مفوضاً) من (وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا) رايس، ولا حاجة لمراسم أخرى للتوقيع».
(أ ب، أ ف ب، رويترز)