«لست نادماً»، قالها صلاح الدين حافظ قبل أن يستسلم في معركته ضد السرطان، أول من أمس. ظلّ مشاكساً رغم الهدوء والوقار المحاط بكلاسيكية صحافي من «الأهرام»، كبرى الصحف المصرية
القاهرة ــ الأخبار
اختار صلاح الدين حافظ السير عكس التيار طوال حياته المهنية، رغم عمله في الصحف القومية. لم ينجرف إلى «التطبيل» لتغيير موقع أنور السادات من خط النار إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل. صار رفض التطبيع قضيته. بدأ عقلانياً في مواقف تتسم دوماً بالصوت العالي والتشنّج لغربتها وخروجها عن سرب التأييد الدائم لاختيارات السلطة. لم يكن معارضاً، لكنه لم يكن أيضاً في القطيع. استطاع حفر اسمه في عالم الصحافة في لحظة لم تقدّم فيها مؤسسات الصحافة الحكومية أسماء كبيرة.
ولد حافظ في مصر عام 1938، وتخرج صحافياً عام 1960، حيث عمل في مؤسستي «الأخبار» و«التعاون» حتى انتقل عام 1965 إلى «الأهرام». انتخب أميناً عاماً لاتحاد الصحافيين العرب عام 1976 لمدة عام واحد، ثم انتخب مرة أخرى عام 1996 حتى وفاته.
أصدر الراحل 15 كتاباً، ثلاثة منها تدافع عن حرية الصحافة والرأي، إضافة إلى كتب عن الديموقراطية.
تبنّى حافظ طوال حياته المهنية مواقف سياسية مستقلة، وظل يدافع عن الحريات العامة والحريات السياسية وحرية التعبير والعدالة الاجتماعية. وقبل وفاته بأشهر، أطلق دعوة إلى عقد مؤتمر للمثقفين المصريين لتشخيص المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها مصر. وفي آخر ظهور تلفزيوني له، قال إنه «غير نادم على أيام العمل الطويلة التي راحت من دون أن يحقق حلمه في أن يكون رئيساً للتحرير»، مؤكداًَ أن ما يتطلبه المنصب حالياً يتمثل في علاقة الطامح إليه «بالأجهزة الأمنية المختلفة، وتصنيفه الحزبي، وميوله وعلاقته بالحزب الحاكم». وشدد على أنه لا يملك مثل تلك القدرات الشديدة الخصوصية.
وأشار حافظ، خلال المقابلة، إلى حصوله على مجموعة من الجوائز، منها جائزة الصحافة العربية، مؤكداً أن الجائزة التقديرية التي حصل عليها من نقابة الصحافيين المصريين، كان لها مذاق خاص، لأنها حسب تعبيره جاءت من «البيت العائلي». وأوضح أن «مقالاته تعرضت كثيراً للمنع بسبب الضغوط، فضلاً عن أن الأهرام تحكمها شخصية رئيس التحرير، والرأي العام، وتراجع هامش الحرية». وأعرب في الوقت نفسه عن حزنه الشديد «لتدهور مهنة الصحافة»، مشيراً إلى وجود أخطاء لغوية في مانشيت صحيفة قومية كبيرة. وقال: «صرنا نقرأ الخبر ولا نفهمه لسوء صياغته، وركاكته».