قبل أيام، نُشرت لائحة تضم أسماء أبرز المسؤولين الـ39 في نظام الرئيس الراحل صدام حسين الذين سلّمتهم القوات الأميركية إلى السلطات العراقية (أنظر الكادر). لكن هناك من كان بعثياً و«بشراسة» ويحكم في بغداد اليوم
بغداد ــ زيد الزبيدي
في إحدى جلسات البرلمان العراقي قبل أسابيع، توجّه أحد النواب إلى النائب أسامة النجيفي، العضو في قائمة الرئيس الأسبق للحكومة إياد علاوي، وقال «اسألوا الرفيق» (النجيفي). وإذا برئيس المجلس المستقيل، محمود المشهداني، يقاطعه قائلاً «ما الذي تقصده بذلك؟». ولم يكن ردّ النائب سوى «الرفيق النجيفي كان عضواً في المجلس الوطني (البرلمان) في عهد صدام حسين».
بدوره، كان النجيفي واضحاً في إجابته: «نعم، كنت عضواً في المجلس لدورتين متتاليتين، وليس لدي شيء أخفيه عن ماضيّ الذي افتخر به. فآنذاك انتخبني مواطنو الموصل، وهم من انتخبوني في المجلس الحالي. ولكن كم من الموجودين هنا في هذا المجلس وفي الحكومة ممن يخفون ماضيهم؟».
وكان مسؤول سياسي سابق قد أشار إلى أن «أكثر من نصف أعضاء مجلس النواب الحاليين كانوا بعثيين».
هنا، ينبغي عدم خلط الأوراق، لأن كلمة «بعثي» ليست «شتيمة»، كما يحاول البعض تصويرها. فالتسجيل في حزب «البعث» كان شبه إلزامي، والذين صوّتوا لصدام حسين بنسبة عالية، هم أنفسهم الذين صوّتوا للأحزاب الحاكمة حالياً، وليسوا من الذين «جرى استيرادهم من الخارج»، كما يحاول أن يوحي عدد ممن أتوا إلى العراق على ظهور دبابات الاحتلال. حتى إنّ بين هؤلاء عدداً كبيراً من «البعثيين» أو الموالين لصدام حسين، مثل رئيس «هيئة اجتثاث البعث»، أحمد الجلبي، الذي كان ينشر على صفحات كاملة في الجرائد العربية إعلانات التأييد لصدام، والذي يدير تحرير صحيفته «المؤتمر»، حالياً، أحد كوادر «البعث»، الذي كان مدير تحرير صحيفة «الجمهورية» الرسمية. ومن المعروف أن نائب رئيس الجمهورية، عادل عبد المهدي، كان بعثياً «قيادياً»، قبل انضمامه إلى المجلس الأعلى الإسلامي، وبعدما كان على يسار الحزب «الشيوعي»، وهو من العناصر التي لا يزال حزب «البعث السوري» «يكنّ لها الكثير من التقدير»، لكونه سلّم القيادة السورية كل الأمانات التي أودعها لديه مسؤول تنظيم العراق عضو القيادة القومية أحمد العزاوي، قبل اغتياله في ثمانينيات القرن الماضي.
ويُذكر أن شقيق عادل عبد المهدي، باسل، وهو أحد المشرفين الآن على اللجنة الرياضية التي ألّفها رئيس الوزراء نوري المالكي، كان من المشمولين بقانون «اجتثاث البعث»، لأنه بقي من «الكوادر الحزبية»، حتى نيسان 2003.
أما نائب رئيس الجمهورية الآخر، طارق الهاشمي، فليست هناك معلومات عن انضمامه يوماً إلى حزب «البعث»، إلا أن شارة «الأركان» التي يحملها، قد تعطي إشارة ما، إذا علمنا أن «البعث» عمل ـــــ منذ تولّيه السلطة في 1968 ـــــ على «تبعيث» الجيش، فيما كان «المقدم الركن دروع»، طارق الهاشمي مدرّساً في كلية الأركان والقيادة العراقية حتى 1975.
ومن الشخصيات المهمة التي يُشار إلى تولّيها مناصب قيادية في حزب «البعث»، أياد علاوي، والقيادي في حركته «الوفاق»، راسم العوادي، الذي شغل رئاسة اتحاد النقابات حتى سنة 2003. وكان رئيس كتلة «التضامن» وزير الأمن الوطني في حكومة علاوي، قاسم داوود، مسؤولاً عن تنظيمات «البعث» في بريطانيا حتى ثمانينيات القرن الماضي، عندما اعتُقل أقاربه في بغداد، فبادر إلى تسليم الاستخبارات البريطانية كل ما لديه من معلومات عن تنظيمات الحزب في الخارج.
كذلك القيادي في حزب «الدعوة» حالياً، حيدر العبادي، كان كادراً «بعثياً»، بينما يُعدّ وزير الأمن الوطني الحالي، شيروان الوائلي، من المقرّبين إلى «البعث»، ولعلي حسن المجيد (الكيماوي) شخصياً، وهو الذي وضع القاضي وائل عبد اللطيف الذي يقود حملة «إقليم البصرة» حالياً.
وبينما يشنّ بعض القيادات الكردية حملة اتهامات ضد أعضاء في البرلمان العراقي ومسؤولين في الحكومة والجيش بأنهم «بعثيون»، كشفت منظمة «حلبجة» لحقوق الإنسان عن تقديمها قائمة موثّقة بأسماء 236 من المسؤولين الأكراد إلى حكومة إقليم كردستان وبرلمانه، طالبة رفع الحصانة والحماية عنهم، لكونهم «شاركوا في عمليات إبادة» ضد الأكراد، وهم يشغلون الآن مراكز مهمة في حكومة الإقليم وبرلمانه.
وبالنسبة إلى الحكومة الحالية، فقد استدعت معظم قادة الأجهزة الأمنية وكوادرها للاستفادة من خبرتها، فيما نجد أن ضباط الجيش الرفيعي المستوى الحاليين، هم من حملة شارة الأركان في الجيش السابق، لأن «الجيش الجديد» لا يمتلك إلى الآن كلية للأركان والقيادة.
وجدير بالملاحظة أن الانتماء إلى حزب «البعث» في عهد صدام كان أشبه بـ«التجنيد الإلزامي»، ولم يفلت منه إلّا القليلون، غير أن معظم هؤلاء «البعثيين» لم يكونوا يعرفون عن الحزب سوى الاسم. ففي امتحان في درس «الثقافة القومية» في إحدى كليات جامعة بغداد، ورد سؤال: «اذكر أسماء سبعة من أعضاء القيادة القطرية (للحزب)». ولم تكن بين الإجابات سوى واحدة صحيحة فقط، بينما ذكر بعض الطلاب أسماء أدباء عراقيين أو أسماء أشخاص متوفّين.


الاحتلال يسلّم 39 «بعثياً» إلى بغداد

كشف المحامي بديع عارف عزت الذي يتولى الدفاع عن نائب رئيس الوزراء العراقي الأسبق، طارق عزيز، يوم الأربعاء الماضي، أسماء أبرز المسؤولين الـ 39 في نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الذين سلّمتهم القوات الأميركية للمرة الأولى إلى السلطات العراقية، في إطار الاتفاقية الأميركية ـــــ العراقية التي يبدأ العمل بها مطلع كانون الثاني 2009.
وقال عزت «من أبرز الأسماء عبد الغني عبد الغفور (وزير الإعلام الأسبق ومسؤول في حزب «البعث» في جنوب العراق) الذي صدر بحقه حكم بالإعدام في الثاني من الشهر الجاري في قضية قمع انتفاضة الشيعة في العراق في 1991». وأضاف أن «القائمة تضم كذلك سعدون شاكر (وزير داخلية أسبق) وصابر عبد العزيز الدوري (رئيس الاستخبارات العسكرية الأسبق) وفرحان مطلك الجبوري (مدير استخبارات المنطقة الشمالية السابق) وفاروق حجازي (مدير جهاز الاستخبارات الأسبق)». وأشار عزت إلى أن «القائمة تخلو من علي حسن المجيد (الصورة) أو طارق عزيز أو وزير الدفاع الأسبق سلطان هاشم أحمد». وانتقد «عملية التسليم»، مبدياً تخوّفه من «تعرّض هؤلاء إلى سوء معاملة». ودعا في الوقت نفسه الجيش الأميركي إلى «إطلاق سراحهم على اعتبار أنهم أسرى حرب، ولا يجوز تسليمهم إلى طرف ثالث وفقاً لاتفاقية جنيف لسنة 1949». وكان جيش الاحتلال الأميركي قد أعلن في بيان يوم الثلاثاء أنه «تم نقل 39 معتقلاً من مسؤولي نظام صدام حسين من مركز الإيداع في معسكر كروبر في بغداد إلى سجن يديره العراقيون».
(أ ف ب)