الخليل ـ أحمد شاكرإنه التواطؤ. هذا هو حال الفلسطينيين في مدينة الخليل، الذين يتعرضون لـ«همجية» المستوطنين بتغطية القوات الإسرائيلية. فطقوس الاعتداءات اليومية خرجت من دائرة المحرمات، بعدما عجزت الإدانات ومطاردة القوات الإسرائيلية للمستوطنين من الحد منها.
في هذا الوقت، رحب الممثل الخاص للأمم المتحدة في الشرق الأوسط، روبرت سيري، بإخلاء منزل كان يحتله المستوطنون في الخليل أول من أمس، ودان «استمرار أعمال العنف من جانب المستوطنين التي تستهدف مدنيين فلسطينيين، واستمرار أعمال التخريب وانتهاك حرمة المساجد والمقابر المسلمة». وشدد سيري، في بيان، على «واجب الحكومة الإسرائيلية، كقوة محتلة، في حماية السكان الفلسطينيين وأملاكهم وأماكنهم المقدسة».
وفي قطاع غزة، تظاهر نحو ألفي فلسطيني بناءً على دعوة من حركة «حماس» التي تسيطر على القطاع، للتنديد بأعمال المستوطنين.
وحمّل النائب من حركة «حماس» مشير المصري، «السلطة الوطنية الفلسطينية والرئيس محمود عباس، المسؤولية الكاملة لما يحدث في الخليل من قطعان المستوطنين لأنهم هم الذين جروهم لذلك».
وقال المصري: «جئنا اليوم نصرة للخليل ونصرة للضفة الغربية، وستبقى حماس ثابتة في الخليل الإسلامية والقسامية التي خرّجت القادة». وتابع: «جئنا نصرة للذين يتعرضون للاحتلالين في الضفة الغربية، الاحتلال الإسرائيلي والاحتلال العباسي».
أما في الخليل، فالتقى ضباط إسرائيليون كبار ضباطاً من السلطة الفلسطينية من أجل تنسيق عملهم في محاولة لتجنب أعمال العنف الجديدة، بحسب مصدر عسكري.
وباستثناء الصحف الدينية، أجمعت الصحافة الإسرائيلية على إدانة تجاوزات اليهود المتشددين. وكتبت صحيفة «هآرتس»: «عار عليكم». ووصفت الهجوم الذي شنه ناشطون ملثمون على منزل فلسطيني بأنه «فتنة حقيقية». وطلبت السلطات أن «تأخذ على محمل الجد» تهديدات المستوطنين المتطرفين بالتعرض للفلسطينيين وعدم التساهل في مواجهة «العصابات التي تهدد باحتلال منازل أخرى، والتي تعامل الدولة وممثليها كأعداء».
أما صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فقالت إن «كل رؤساء الحكومات الإسرائيلية كانوا يخافون من المستوطنين، وآن الأوان لوضع حد لذلك». وذهبت صحيفة «معاريف» إلى حد وصف المستوطنين المتشددين بأنهم «إرهابيون يهود».
وقالت صحيفة «معاريف» إن «الأجهزة الأمنية تخشى قيام عناصر من اليمين المتطرف بهجمات على دور العبادة في منطقة الخليل، بهدف خلق مزيد من التوتر والتصعيد بين المستوطنين والفلسطينيين، إضافة إلى خشية الأمن الإسرائيلي من ردة فعل فلسطينية».
في المقابل، يقول عامر الرجبي، صاحب بيت الرجبي الذي كان يحتله المستوطنون وأطلق شرارة الاعتداءات، إن «ما يجري في مدينة الخليل هو منظّم ودقيق يستهدف وجود الفلسطينيين في أرضهم»، مشيراً إلى أن «كل ما يحدث من جرائم تضاف إليه جريمة الصمت من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية». وبيّن أن «قوات الاحتلال الإسرائيلي ستتدخل في حال خشيتها على حياة مستوطن إسرائيلي واحد، لكنها لا تتدخل لحماية المدنيين الفلسطينيين من بطش المستوطنين واعتداءاتهم»، موضحاً بقوله: «نحن لا نملك أسلحة، بل هم (المستوطنون) يملكون كل أنواع الأسلحة الخفيفة ولا يقوم الجيش بالمطلوب تجاههم».
بدوره، قال أبو سليم، أحد سكان الخليل، إن «اعتداءات المستوطنين المنظمة أدت إلى انتشار الذعر بين النساء والأطفال، وخصوصاً مع اعتلاء جنود الاحتلال وقطعان المستوطنين أسطح المنازل في المدينة».
ولم يستبعد مدير دائرة البحث الميداني في مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان (بتسيلم)، نجيب أبو رقية، أن «تكون هجمات المستوطنين من تنظيم القيادة السياسية للمستوطنين». وأضاف أن «المجتمع الإسرائيلي متخوف داخلياً من صراع أخوي. لكن هذا الصراع قد يتطور إلى صراع على المواطنين الفلسطينيين ليصبحوا الضحية».
وأضاف أبو رقية أن «اعتداءات المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين طالت أجسادهم وممتلكاتهم، وأن أفراد الأمن الإسرائيليين يرون ولا يفعلون شيئاً لوقف هذه الاعتداءات الشرسة على الفلسطينيين العزل».
إلى ذلك، دانت مصر أعمال العنف الأخيرة التي ارتكبها مستوطنون إسرائيليون في الخليل، واصفة إياها بـ«السلوك الهمجي»، بحسب ما أوردت وكالة أنباء الشرق الأوسط. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أن مصر «تتابع بانزعاج بالغ الأحداث المؤسفة التي تشهدها الخليل، جراء وحشية المستوطنين الإسرائيليين وعدوانيتهم»، مطالباً «المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته».
وفي سياق الحصار على غزة، خرج آلاف الأردنيين في مسيرة للمطالبة برفع الحصار، منددين بما وصفوه بـ«تخاذل العرب» عن حماية الشعب الفلسطيني.