ماذا لو أعلن التجّار أن خفض أسعارهم لن يكون إلا بشرط المحافظة على هوامش أرباحهم الخيالية؟ ما هو الموقف القانوني في هذا الإطار؟ فهل يحق لهم اتخاذ مثل هذا الموقف؟ وما هو المنطق الذي يحكم مثل هذه المعادلة؟ إذا كان الجواب البديهي عن هذه الأسئلة ينطلق من عدم جواز هذا النوع من الممارسة في الأسواق، وبالتالي فإن أصحاب هذه الممارسة يجب أن يخضعوا للمساءلة لانتهاكهم حقوق المستهلك وقواعد عمل السوق نفسها... فإن السؤال الذي يبقى عالقاً هو: كيف تمكن مساءلة هؤلاء التجّار إذا كانت الحكومة تمارس علناً مثل هذه الانتهاكات؟ بل كيف تمكن المساءلة إذا كان هناك نواب يغطّون هذه الممارسة الفظّة، وهو ما فعله عضو تيار المستقبل، النائب غازي يوسف، الذي يصرّ على اعتبار نفسه نائباً للأمّة متخصصاً في شؤون قطاع الاتصالات وشجونه. فالنائب المذكور أعلن في مؤتمر صحافي عقده منذ أيام في المجلس النيابي أنه يدعم خفض أسعار الهاتف الخلوي وتحسين الخدمات، بل يعترف بأن الشركتين اللتين فازتا أخيراً بعقدي الإدارة والتشغيل لن تكونا قادرتين على تسويق خطوط جديدة بحسب الخطة الموضوعة لتوسيع الشبكتين (800 ألف خط جديد) من دون أن تنخفض الأسعار وتتحسن الخدمات... ولكنه يشترط ألّا يكون ذلك على حساب الخزينة.
إن هذه المعادلة تحاول أن تغطّي على السرقة الموصوفة التي ترتكبها الحكومة من خلال المحافظة على أسعار مبالغ فيها للاتصالات لتغذية الخزينة، وبالتالي ليس منطقياً ربط مسألة خفض الأسعار إلى المستويات الطبيعية بأي شرط مهما كان.
(الأخبار)