محمد زبيب«يمكننا أن نعرض أنفسنا كنموذج لتفادي الأزمات في المستقبل»، بهذه العبارة الموجزة اختصر حاكم مصرف لبنان أمس الدور الذي يمكن أن يؤديه لبنان في مناقشات القمة العربية الاقتصادية الاجتماعية، الأولى من نوعها، التي تستضيفها الكويت في 19 الشهر الجاري. طبعاً، لم يجد الحاكم نفسه مضطراً لتوضيح ماهية هذا النموذج الذي يريد تعميمه، ولا نتائجه الفعلية المحققة في لبنان على المستويات المختلفة.
صحيح أن الإعلانات الرسمية «غير الشفّافة إطلاقاً» أنكرت وجود أي خسائر للقطاع المصرفي من جرّاء أزمة الأسواق المالية العالمية على عكس ما هو حاصل في معظم دول الخليج... إلا أن أسباب ذلك واضحة، ولا تحتاج إلى كثير من التمحيص، فالأولويات النقدية التي أُرسيَت منذ عام 1992 بالتزامن مع ارتفاع حاجات الدولة التمويلية بسبب السياسات المالية التبذيرية ومنظومة الفساد، أو عفواً شراء السلم الأهلي بالمال، فرضت وجود تواطؤ شبه معلن يقضي بتسخير الجهاز المصرفي برمّته لتوفير هذه الأولويات والحاجات في مقابل ضمان معدّلات ربحية مرتفعة له تعفيه من اللجوء إلى توظيفات محلية أو خارجية تتسم بدرجة عالية من المخاطر... إلا أن هذا التواطؤ في ظل طغيان النشاطات الريعية والسياسات الحكومية المتبعة أسهم في زيادة تركّز الثروة بيد القلّة واتساع دائرة الفقر ونطاق التهميش وتحويل الهجرة إلى خيار سياسي بديل من الإصلاح الشامل المطلوب.
هل هذا ما يريد سلامة تعميمه حقاً؟