تونس | مع انتهاء الاستحقاقات الدستورية في تونس من انتخابات رئاسية وبرلمانية، ومع ترقب التونسيين لتشكيلة الحكومة الجديدة برئاسة الحبيب الصيد، يتصدر الملف الأمني إلى جانب الملف الاقتصادي أولوية عمل الحكومة للمرحلة المقبلة.
وقد شهدت تونس خلال عام 2014 ارتفاعاً في عدد العمليات الإرهابية التي سجلت بزيادة نحو 730 عملية عن عام 2013 لتبلغ نحو 1808 عملية مقابل 1078 عملية في 2013. وقد عرف الإرهاب في تونس منحى تصاعدياً حيث انطلق من تفجيرات الألغام إلى نصب الكمائن وقتل العساكر ثم تنفيذ هجمات نوعية على مناطق حساسة ومراكز أمنية في مختلف مناطق البلاد.

ولفت الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية، محمد علي العروي إلى أنه لم يمر شهر واحد خلال كامل سنة 2014 دون تسجيل عمليات إرهابية في تونس. وبيّن العروي في حديث لـ«الأخبار» عدد العمليات الإرهابية التي شهدتها البلاد، فتراوحت الأرقام «بين 66 عملية خلال شهر كانون الأول و270 عملية في شهر تموز و180 عملية في شهري نيسان وتشرين الثاني قضية و169عملية في أشهر شباط وحزيران وآب وأيلول و102 عملية في شهر آذار و101 في شهر كانون الثاني».
وأوضح الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية أن «قوات الأمن الداخلي نشطت في مواجهة الإرهاب وسجلت تقدماً على صعيد مواجهة الضالعين في العمليات الإرهابية».
شهدت تونس خلال 2014 ارتفاعاً في عدد العمليات الارهابية وبلغت نحو 1808 عملية

على صعيد متابعة العناصر الإرهابية التي تشكل اليوم خطراً حقيقياً يهدد الأمن والاستقرار في تونس، كشف الوزير المعتمد لدى وزير الداخلية المكلف بالأمن، رضا صفر في حديث لـ«الأخبار»، «أن العمل حالياً متواصل وقوات الأمن تتابع عملها وتستبق الكثير من الأحداث المتوقع تنفيذها»، لافتاً إلى الأمن في العاصمة تونس «ممسوك جداً»، موضحاً أنه «بُذل مجهود كبير لتأمين سلامة الدولة من أي اختراق أو تهديد وحمايتها من الإرهاب».
أما على مستوى الحدود، فشدد صقر على أن « الحدود هي المشكلة الكبيرة وخاصة على مستوى الحدود مع ليبيا»، مؤكداً أن «الحدود مع ليبيا هي بؤرة توتر تغيب فيها الدولة والسلطة وتستقطب كل أشكال التطرف، وهي ساحة مهيّأة للتدريب على استعمال السلاح وغيره من المسائل والنشاطات الأخرى التي لها علاقات مع الإرهاب والتطرف، وهي أيضاً قاعدة انطلاق وجب أخذها في الاعتبار».
وأوضح صفر أن «التهديدات التي تواجهها تونس هي تهديدات إقليمية على اعتبار اشتراك حدود ليبيا مع الدول الأفريقية من جهة وبقية دول المغرب العربي».
ورأى الوزير أن العراق وسوريا ليست أرض الإرهابيين، بل هم يعتبرونها «أرض حرب ومواجهة»، مشيراً إلى أن «القاعدة بالنسبة إلى الإرهابيين هي ليبيا وهي أرض انطلاق إلى دول مثل تونس التي تشكل لهم عائقاً كبيراً يجب القضاء عليه لأن تونس منهمكة في بناء نفسها ديموقراطياً وسياسياً، وهي تستعد لمستقبل زاهر بين الدول، وبالتالي يجب إنهاكها وإضعافها كدولة».
وحول الإجراءات الاستباقية التي اتُّخذت لمنع هذا التسرب وهذا الخطر القادم من ليبيا، لفت صفر إلى أن «رئيس الحكومة الحالي، مهدي جمعة كان قد وضع وضع خطط واستراتيجيات لتأمين الحدود، سواء مع ليبيا أو مع الجزائر تضم عدة محاور انطلاقاً من المنطقة العازلة، وصولاً إلى تأمين المعابر على غرار معبر رأس جدير الذي يؤمن 80٪ من المبادلات والسلع، وقد جرى توفير الإمكانات اللازمة للسيطرة عليه وحصره». وبيّن صفر أن خطط الحكومة «أفرزت نتائج مميزة»، داعياً الحكومة المقبلة إلى مواصلة تنفيذها لأنه «بكل وضوح على مستوى الحدود ولمواصلة تأمينها يجب غلق وسد مناطق التسرب، وذلك لا يكفي فقط من خلال السيطرة على الوضع الداخلي، بل أيضاً من خلال إحكام السيطرة أيضاً على الحدود خاصة على مستوى الحدود مع ليبيا».
وحول تعاون الجزائر مع الحكومة التونسية لضبط الحدود، أعلن صفر أن «الجزائر هي دولة شقيقة تبدي تعاوناً كبيراً جداً ومتواصلاً مع تونس»، لافتاً إلى أن «البلدين يحملان نفس المقاربة في تحديد الخطر الداهم ونوعيته وكيفية مجابهته ونفس التوجه والتفكير ونفس السياسات، وهو ما من شأنه أن يُسهم في مزيد من التعاون».
وشدد صفر على أن «مشكلة تونس الرئيسية هي ليبيا باعتبار أن ما يحدث هناك يشكل تهديداً بالنسبة إليها».
من جهته لفت الباحث المختص في الجماعات الإسلامية، الدكتور محمد فيصل الجابري إلى أن الأحداث الأخيرة التي تتالت ضحاياها دقت ناقوس الخطر حول خطورة اكتساح الإرهاب لتونس.
ودعا الجابري في حديث لـ«الأخبار»، «الحكومة الجديدة إلى ضرورة العمل وتركيز الجهود بالتعاون مع الدول المجاورة من أجل مكافحة الإرهاب» وطالب الحكومة أيضاً بـ«الحزم مع المتشددين الدينيين الذين استرجع عدد منهم حريتهم بعد الثورة بعد أن كانوا يقبعون في السجون التونسية أو منفيين في دول أخرى».
وشدد الجابري على «ضرورة تواصل المساعي لتعقب المجموعات المسلحة في المنطقة الحدودية وتحديداً في الجبال وتجفيف منابع الإرهاب والإرهابيين».