مهدي السيدبقي المشهد الانتخابي في إسرائيل أسير استطلاعات الرأي، التي أشارت إلى بقاء «الليكود» في الصدارة، وإلى استمرار الميل التصاعدي لقوة اليمين المتطرف، بقيادة «إسرائيل بيتنا». معطيات ألقت بظلالها، ليس على الحملات الانتخابية فحسب، بل على صورة الائتلاف الحكومي المتوقع تركيبه أيضاً، في خطوة تشبه تقاسم جلد الدب قبل اصطياده.
وقبل أقل من أسبوع على موعد إجراء انتخابات الكنيست في العاشر من الشهر الجاري، أظهرت آخر استطلاعات الرأي أنّ الفائز الأكبر سيكون حزب «إسرائيل بيتنا» برئاسة أفيغدور ليبرمان. فقد نشرت صحيفتا «معاريف» و«غلوبس»، نتيجة أحدث عمليتي رصد لنوايا التصويت، أكّدت أنّ حزب ليبرمان، سيفوز بـ17 مقعداً، ليحل بذلك في المرتبة الثالثة بعد «الليكود»، مع ما بين 24 و27 مقعداً، و«كديما» الذي أعطاه استطلاع «معاريف» 23 مقعداً، فيما حافظ حزب «العمل» على حصّة 17 مقعداً.
ويبدو جلياً من هذه التوقعات أنّ ارتفاع شعبية ليبرمان، تأتي على حساب أحزاب اليمين عموماً، و«الليكود» خصوصاً، الأمر الذي دفع بزعيمه، بنيامين نتنياهو، إلى التفكير في تغيير اتجاه الحملة الانتخابية وأسلوبها، كمحاولة لوضع حد لتصاعد ليبرمان؛ أما السبب، فهو أنّ اعتقاداً يسود دوائر «الليكود»، يفيد بأنّ ليبرمان سيكون شريكاً محتملاً في ائتلاف حكومي مستقبلي قد تمثّله رئيسة «كديما»، تسيبي ليفني.
وبحسب «معاريف»، فإن مستوى القلق لدى نتنياهو يرتفع مع ارتفاع شعبية ليبرمان في الاستطلاعات، وهو ما دفع بالرئيس الأسبق للحكومة إلى اتخاذ قرار استراتيجي بالنزول إلى الميدان، والاجتماع مع النشطاء، لتحفيزهم على استقطاب المقترعين.
وتنقل الصحيفة نفسها عن مسؤولين في «الليكود»، قولهم إنّ نتنياهو قلق جداً من التقدم الكبير الذي يحققه «إسرائيل بيتنا». وتشير إلى أنّ هذا القلق، أدّى إلى تكوّن قناعة لدى نتنياهو بأنّه ملزم بخلق اتصال مباشر مع الناشطين والناخبين. قناعة بدأت ملامحها تترجم بإطلاق حملته الحزبية تحت شعار «ليكود كبير ــــ حكومة مستقرة»، هدفها وضع حدّ لـ«أثر ليبرمان»، وإقناع الجمهور بعدم التصويت لأحزاب اليمين «الصغيرة».
وبدأ الخبر الصحافي يكتسب مصداقية، إذ كشفت صحيفة «هآرتس» أنّ «الليكود» يدرس فعلاً إمكان تغيير شكل حملته الانتخابية، على قاعدة شنّ حملة هجومية ضدّ ليبرمان وحزبه «لأنه سينتهج سياسة تدعم تأليف حكومة برئاسة ليفني، تعمل على التقدم باتجاه تسويات مع الفلسطينيين، كما في القضايا الدينية اليهودية».
وقدّرت مصادر في الطاقم الإعلامي لـ«الليكود»، أن الحزب لن يحسم هذه المسألة إلا قبل أيام قليلة من موعد الانتخابات، بسبب معارضة بعض مسؤوليه هذا الخيار. ونقلت «هآرتس» عن مقرب من نتنياهو قوله إن «ليبرمان يميني فقط في تصريحاته ضد عرب إسرائيل. لكن في ما يتعلق بالقضايا السياسية، بإمكانه أن يجد نفسه في معسكر ليفني، وإن بشروط معينة. لذلك، فإذا أدرك المصوّتون اليمينيون، أن ليبرمان ليس شريكاً أوتوماتيكياً لليكود، فربما سيفكرون مرتين قبل أن يعطوه صوتهم، وسيعودون إلينا».
وفي موازاة ذلك، أشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أنّ نتنياهو يعتزم إعطاء حقيبة الدفاع إلى رئيس «العمل»، إيهود باراك، لكن «بشرط أن يسمح وضع التحالف المقبل بذلك».
وتفيد التقارير الإسرائيلية في اليومين الماضيين، بأن نتنياهو ومستشاريه يبحثون في مستوى الحقيبة الوزارية التي ستُمنح إلى ليبرمان، إذا انضمّ إلى حكومة «ليكوديّة». وإذا تبيّن من الانتخابات العامة أن «إسرائيل بيتنا» احتلّ بالفعل المرتبة الثالثة، متقدماً على «العمل»، فإنه سيكون منطقياً جداً أن يصرّ ليبرمان على أخذ حقيبة الدفاع. لكن المشكلة الأكبر، بحسب «يديعوت»، هي أنّ نتنياهو لن يوافق على التخلّي عن أي من الحقائب الثلاث الكبيرة، أي الدفاع والمالية والخارجية، لأنه يريد الدفاع بأيدي باراك، والمالية بأيدي «الليكود»، وليس وارداً تسليم ليبرمان وزارة الخارجية.
ويبدو «العمل» منقسماً حول مسألة المشاركة في ائتلاف حكومي يضم ليبرمان. انقسام يدور بين معسكرين: الأول يرفض الجلوس مع اليميني المتطرف في حكومة واحدة، بسبب مواقفه المعادية تجاه فلسطينيي 48، والثاني يؤيد الانضمام إلى الحكومة بوجوده.
وكان لليبرمان وجهة نظره في هذا النقاش. فقد أشار أمس إلى أنه رغم حديثه شبه اليومي مع نتنياهو، فهو «يشفق عليه بسبب وضع حزبه». ونقلت «معاريف» عنه ما حرفيته أن «كل واحد من قائمة نتنياهو يهاجمنا من دون موافقته، وهذا يشير إلى وجود انتفاضة داخلية، لذلك أنا أشفق عليهم». واختصر ليبرمان الصراع الانتخابي داخل «الليكود» بالقول «يحاولون منذ الآن تقاسم جلد الدب الذي لم يصطده أحد حتى الآن. هذا صراع على المناصب».