كشفت «هآرتس» فصولاً جديدة من الإجرام الإسرائيلي خلال عدوان غزة. ورقة كتب عليها أحد الضباط، تعليمات تتضمن أوامر بإطلاق النار على أطقم الإسعاف والمدنييننشرت صحيفة «هآرتس»، أمس، صورةً لوثيقة عثر عليها أحد الباحثين في «المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان»، وسط الحطام والقاذورات التي خلّفها جنود الاحتلال في أحد المنازل التي احتلوها خلال عدوانهم على قطاع غزة.
والوثيقة عبارة عن ورقة مكتوبة بالعبرية بخط اليد، تحمل عنوان «تقدير وضع»، ومؤرخة في 16 كانون الثاني، أي قبل يومين من انتهاء العدوان. وينقسم النص إلى قسمين: الأول يتضمن عرضاً سياسياً مقتضباً، والثاني يحتوي «تعليمات عملانية» للجنود.
ورأى أحد ضبّاط الاحتياط في الجيش، استعانت به الصحيفة لتحليل ما ورد في الوثيقة، أنها إيجاز كتبه لنفسه أحد الضباط برتبة قائد فصيل أو قائد سرية، استناداً إلى إرشادات تلقّاها من ضباط أعلى رتبة منه خلال اجتماع توجيهي.
وتمحور القسم السياسي من الوثيقة، حول نوايا حركة «حماس»، وموقفها من وقف إطلاق النار وجاء فيه: «إن الساعات الـ24 المقبلة ستكون مهمة، وثمة احتمال أن لا يوافقوا على اتفاق وقف النار». ويمضي السياق موضحاً أن «القيادة المحلية لحماس تريد وقف النار، أما القيادة الخارجية فهي منقطعة» عن الوضع.
وعن وجهة الحركة الإسلامية في الميدان، كتب الضابط: «العدو يريد تنفيذ عملية خطف، وتفجير منازل (فيها جنود)، أو تحقيق إصابة بصواريخ مضادة للدروع».
في المقابل، يفصّل الجزء العملاني من الوثيقة، تعليمات فتح النار كالتالي: «إطلاق النار حتى على أطقم الإنقاذ مسموح به، لكن ليس على الأطفال والنساء. إطلاق النار وراء خط تنتْشِر ــ إدانة». وتوضح «هآرتس»، أنّ «تَنتْشِر» هو الاسم الذي يستخدمه الجيش الإسرائيلي لطريق صلاح الدين التي تقطع قطاع غزة من شماله إلى جنوبه.
وتنقل الصحيفة عن جنود في الاحتياط شاركوا في العدوان، قولهم إن مصطلح «إدانة»، يعني منع إطلاق النار بهدف قتل كل من يحاول قطع طريق صلاح الدين من الغرب إلى الشرق بغض النظر عن هويته أو جنسه أو جيله، حيث كانت تنتشر قوات جيش الاحتلال.
وأعرب الضابط، الذي استعانت به الصحيفة لتحليل الوثيقة، عن اعتقاده بأن من كتب الورقة، «ليس في مستوى يسمح له بتوجيه هذه الأوامر من تلقاء نفسه، لأنها ليست أوامر يخترعها قائد فصيل أو سرية، بل توجيهات تأتي من المستويات العليا».
وقدّرت الصحيفة أن تكون الوحدة التي ترأسها الضابط كاتب الوثيقة، تابعة للواء النخبة «غولاني»، وذلك استناداً إلى الكتابات التي خلّفها الجنود على الجدران، وكذلك إلى ما هو معروف عن انتشار قوات الجيش في القطاع خلال العدوان.
وعقّب المتحدث العسكري الإسرائيلي على ما نشرته الصحيفة، بالقول إن «قوات الجيش تلقت تعليمات واضحة بعدم إطلاق النار باتجاه من يجري التعرف إليهم على أنهم غير ضالعين في القتال، ومساعدة الجرحى الفلسطينيين قدر الإمكان في ظل القتال المتواصل».
وشملت الوثيقة العسكرية، بنداً يتعلق بتحويل المنازل الفلسطينية المحتلة إلى «مراحيض». وأشارت «هآرتس» إلى أنه في عدد كبير من هذه البيوت التي تحولت إلى قواعد مؤقتة للجيش، خلّف المحتلون وراءهم حالة تلوث يصعب مشاهدتها وتنظيفها.
ويضاف ما نشرته «هآرتس» إلى التقارير التي نشرتها الصحيفة الأسبوع الماضي عن اعترافات جنود إسرائيليين بممارساتهم خلال العدوان، وقتل مدنيين فلسطينيين وعدم وجود قيود على إطلاق النار وتدمير متعمّد للأملاك.
وكانت القناة العاشرة لتلفزيون دولة الاحتلال، قد نشرت مساء يوم الجمعة الماضي، شريطاً مصوّراً يظهر فيه ضابط إسرائيلي وهو يوجّه تعليمات لجنود في سرية شاركت في العمليات العسكرية.
وفي الشريط، يقول الضابط: «إننا ذاهبون إلى الحرب ونحن لسنا في حالة دوريات أمنية اعتيادية ولسنا في أي شيء آخر، وأنا أريد عدوانية، إذا كان هناك شيء ما مشبوه في أحد طوابق بيت (ستحتله القوات)، فسنقصفه بقذيفة. وإذا اشتبهنا بالمبنى فإننا سندمّره بالكامل».
ويتابع الضابط «لن يكون هناك تردّد، وإذا كان الوضع إما نحن أو هم (قتلى)، فالخيار سيكون هم، سنقابل إنساناً فلسطينياً يقترب منا وغير مسلّح، بإطلاق النار في الهواء. وإذا واصل السير، فيصبح ميتاً. لا أحد يتردّد، ولتكلف الأخطاء حياتهم لا حياتنا».
من جهة أخرى، علّق عدد من الضباط على شهادات الجنود، باعتبار أنها «لم تكن مفاجئة»، لأنّ «كل من لديه عينان في رأسه يدرك أن أموراً كهذه حدثت خلال القتال في القطاع». وعن هذا الموضوع، قال أحد الضباط إن «متخرّجي مدرسة (رئيس الوزراء الأسبق إسحق) رابين وضعوا مرآة غير لطيفة بتاتاً أمام وجوهنا».
(الأخبار، يو بي آي)