في أول تصريح علني للرئيس السوداني عمر حسن البشير بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقه، أكد استعداد بلاده لكل تداعيات هذه المذكرة. وقال، خلال مخاطبته الآف السودانيين الذي نظموا تظاهرة جابت شوارع الخرطوم وصولاً إلى القصر الجمهوري، «إن الشعب السوداني يحفظ له التاريخ رفضه لأشكال الاستعمار والهيمنة، فبعد دحر الاستعمار عاودت القوى المهيمنة بأسلحة وآلات تدمير حديثة لتسيطر على البلاد. إلا أن ذلك لم يفتّ عزم شعبنا، بل ناضل وكافح حتى تحقق الاستقلال». وكان البشير قد أكد خلال جلسة حضرها كبار الساسة وأعضاء مجلس الوزراء أن الحكومة ستتصرف «كحكومة مسؤولة» ولن تستجيب لمحاولات عرقلة جهود السلام. وذكّر، في خطاب متلفز من مقر رئاسة الوزراء، بأنّ الحكومة ستتعامل بحسم «مع كل من يحاول أن يستغل وضعه ووجوده في السودان ليقوم بعمل مخلّ بالقانون والأمن والاستقرار». وبرر قرار طرد المنظمات الدولية الإغاثية بالقول: «طردنا عشر منظمات أجنبية بعد رصدنا نشاطات لها تتنافى مع كل اللوائح والقوانين والمواثيق». وعلّق على قرار المحكمة بالقول إنه «لا يستهدف السودان فحسب، بل كل الدول التي ترفض سياسات الإملاء». وأضاف: «هناك بعض الدول تحاول السيطرة على ممتلكات القارة (الأفريقية)».
واختتم البشير حديثه بالتأكيد على معاملة جميع البعثات الدبلوماسية «وفق ما تمليه علينا قيمنا وأخلاقنا، وسنراعي جميع التعهدات بهذا الخصوص، ما دامت قد التزمت جادة السبيل واحترمت سيادة البلاد»، وذلك بالتزامن مع قيام السفارات بتشديد إجراءاتها الأمنية تحسباً لتعرضها لهجمات.
فقد طلبت السفارة الأميركية من مواطنيها «الاحتماء في مكان آمن»، كذلك طلبت السفارة البريطانية من رعاياها «التواري عن الأنظار وتخزين طعام ومياه بما يكفي بضعة أيام».
من جهته، أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية السوداني، علي أحمد كرتي، أن قرار المحكمة الجنائية في الأساس «مسألة سياسية وليس مسألة قانونية» وهو يخضع في الوقت الحالي لمساومات. وقال: «بعد صدور هذا القرار، سيأتينا الكثيرون لتقديم العروض وإجراء المساومات، لكننا لن نتنازل عن أي شيء في سبيل سحب هذه القضية، لأننا نعلم أن هذه القضية سياسية».
وحول هدف المساومات، قال الكرتي: «إنها تتعلق بنشر القوات في دارفور وفتح الأبواب للمنظمات وعدم مضايقتها، وهي مسائل سياسية لا علاقة لها على الإطلاق بموضوع القانون...». كذلك علق مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، عبد المحمود عبد الحليم، على القرار، وقال: «بالنسبة إلينا، المحكمة الجنائية الدولية غير موجودة... ولن نتعاون معها بأي حال».
وفي إطار التحركات السياسية الرافضة للقرار، رأى حزب الأمة القومي أن هذا القرار من شأنه تعقيد قضية دارفور.
(الأخبار، رويترز، يو بي آي)