طويَت صفحة فراغ رئاسة البرلمان العراقي التي دامت 4 أشهر. وكما استقال محمود المشهداني بصورة مفاجئة، أجمعت الكتل العراقية على أياد السامرائي بصورة مبهمة
بغداد ــ زيد الزبيدي
لم يُعرف للحزب الإسلامي العراقي وجود كبير في الداخل العراقي قبل الغزو عام 2003، رغم أن تاريخه يرجع إلى بداية ستينيات القرن الماضي. حينها تأسّست مجموعة صغيرة كوّنت نواة الحزب، واستمر عملها ثلاث سنوات، وتلاشت بعد انقلاب 8 شباط 1963، الذي أطاح حكم عبد الكريم قاسم. إلا أن فكر «الإخوان المسلمين» ظلّ في الساحة العراقية من خلال نشاطات فردية، حتى أعيد تأسيس الحزب خارج العراق في 1991، بعد حرب الخليج.
وبينما عُرفت وجوه إسلامية في الداخل، بينها الدكتور محسن عبد الحميد، الذي أصبح أميناً عاماً للحزب بعد الاحتلال، كانت هناك وجوه أخرى تؤدّي دورها في الخارج، من أبرزها أياد السامرائي، الذي أصبح نائباً للأمين العام، بالإضافة إلى حاجم الحسني وأسامة التكريتي، الذين شكّلوا تنظيم الحزب الإسلامي، لكن لم يكن لهم ذلك الثقل، بحكم تفرّقهم بين عدة دول.
وبعد الاحتلال، اختير محسن عبد الحميد عضواً في مجلس الحكم الذي ألّفه بول بريمر لسدّ النقص في تمثيل العرب السنّة، لأنّ المجلس لم يكن يضم آنذاك سوى علمانيين من هذا المكوّن، مثل نصير الجادرجي وغازي عجيل الياور وعدنان الباجه جي، وسمير الصميدعي.
ويُذكر للحزب الإسلامي أنّ أمينه العام محسن عبد الحميد كان الوحيد من بين أعضاء مجلس الحكم، الذي رفض التوقيع على قرار اعتبار يوم سقوط بغداد في 9 نيسان عيداً وطنياً. وتعرض محسن عبد الحميد للاعتقال المهين من القوات الأميركية قبل أن «يكافئه» الحزب الإسلامي باختياره رئيساً لمجلس شورى الحزب.
آنذاك، كان يفترض أن يصبح نائبه أياد السامرائي، أميناً عاماً للحزب، ولا سيما أنه كان الأمين العام الفعلي أثناء وجود محسن عبد الحميد على رأس الحزب، وكان ولا يزال «الدينامو» المحرك للحزب، وأنشطته التنظيمية والإعلامية والمالية، وكذلك علاقاته بالجهات الأخرى. إلا أنّ ظروفاً «مبهمة» دفعت بنائب الرئيس الحالي طارق الهاشمي إلى الواجهة، بينما بقي السامرائي في منصبه نائباً للأمين العام وبالدور نفسه الذي كان يؤديه سابقاً.
وأول من أمس، انتُخب السامرائي رئيساً للبرلمان العراقي بغالبية 153 صوتاً في مقابل 34 صوتاً لمنافسه مصطفى الهيتي عن «جبهة الحوار الوطني»، بعد جولات من الخلافات التي كان محورها إظهار «الجوّ الديموقراطي». لكن اختيار السامرائي كان قد تم خلال عملية إقصاء الرئيس السابق للبرلمان محمود المشهداني، وفق اتفاق بين «جبهة التوافق» التي ينتمي إليها، وأصبح «الإسلامي» مسيطراً عليها في ما بعد، وكل من التحالف الكردستاني و«الائتلاف العراقي الموحد».
أما الغريب في انتخابه، فهو اعتراض العديد من البرلمانيين في البداية على ترشيحه، لكونه يحمل الجنسية البريطانية، إلا أن لا أحد أثار هذا الموضوع خلال عملية الاقتراع.
وظهر سرّ اتفاق الأطراف الثلاثة على السامرائي في إعلان الرجل أول مواقفه وهو رئيس للبرلمان، ومفاده أنه «ليس في برنامجي أو برنامج الحزب الاسلامي إسقاط حكومة نوري المالكي».
والسامرائي من مواليد الأعظمية عام 1946، وتخرج من مدرسة تطبيقات دار المعلمين، ثم أكمل دراسته الجامعية في كلية الهندسة في جامعة بغداد عام 1970، وشغل وظيفة في دائرة إسالة الماء في بغداد لمدة عشر سنوات، ثم غادر العراق، ليعمل في شركة البوتاسيوم العربية في جنوب الأردن لست سنوات، وبعدها غادر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، ثم استقر منذ عام 1995 في لندن، وحصل على الجنسية البريطانية، التي يحتفظ بها حتى اليوم.
ويقول السامرائي إنه عارض الدعوات إلى احتلال العراق، التي كانت تطلقها بعض قوى المعارضة العراقية في الخارج، لذلك قاطع مؤتمري لندن وصلاح الدين اللذين مهّدا لإسقاط النظام السابق، من طريق الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003.
إلا أن الحزب الإسلامي لم يكن بعيداً عن هذه المؤتمرات، التي حضرها عنه حاجم الحسني، على الرغم من تبرير الحزب لذلك بأنه حضر بصفته الشخصية، لا ممثلاً عن الحزب الذي لم يتخذ موقفاً في ذلك الشأن، ما فسّره البعض بأنه موافقة ضمنية.
وبحسب مصادر الحزب الإسلامي، فبعد سقوط النظام السابق، توحّدت القيادات الخارجية والداخلية للحزب، فاختير محسن عبد الحميد أميناً عاماً، فيما أصبح السامرائي نائباً للأمين العام، وانتخب عضواً في الجمعية الوطنية وعضواً في مجلس النواب عن محافظة بغداد، ويشغل منصب رئيس اللجنة المالية في المجلس وهو عضو هيئة الرئاسة في لجنة التعديلات الدستورية.