يضع الكاتب الإسرائيلي يوسي ميلمان نفسه في موقع المستشار المفترَض لرئيس حكومته بنيامين نتنياهو ليوجّه إليه مجموعة من النصائح: ضرب إيران ضروري، لكنه لا يكفي وحده؛ اعترف بدولة فلسطينية تنَلْ ضربتك العسكرية غطاءً غربياً وعربياًهآرتس ــ يوسي ميلمان
لو كنت مستشاراً للأمن القومي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لأوصيته بمهاجمة إيران. لا حاجة إلى أن يحصل هذا فوراً. صحيح أنّ إيران اجتازت «العتبة التكنولوجية» لإنتاج قنبلة نووية، لكنها تحتاج إلى عام على الأقل، وربما إلى ثلاثة أعوام، كي تحقّق الطاقة الكامنة والقدرة المتراكمة.
في كل الأحوال، من الواجب على إسرائيل أن تسمح لباراك أوباما باستنفاد استراتيجيته القائمة على الحوار مع إيران، وهي استراتيجية مآلها الفشل.
هاكم الاعتبارات المركزية التي ينبغي أن تكون حاسمة فيما إذا كنا سنهاجم أم لا:
1 ــ هل السلاح النووي بيد إيران سيكون حقاً تهديداً شبه مؤكد على وجود إسرائيل؟
2 ــ هل لدى إسرائيل قدرة استخبارية وعملياتية تسمح لها بتوجيه ضربة شديدة للمواقع النووية الإيرانية؟
3 ــ أي ضرر سيلحق بإسرائيل جراء رد الفعل الإيراني؟
4 ــ هل سيمس الهجوم بالمصالح الحيوية للولايات المتحدة؟
كمستشار مفترض، ستكون إجاباتي عن هذه الأسئلة هي التالية:
1 ــ لا يقين في أن القنابل النووية الإيرانية ستمثّل تهديداً وجودياً على إسرائيل بالذات، هذا إذا كانت تمثّل تهديداً وجودياً أصلاً. دول عربية كالبحرين والسعودية ومصر ينبغي لها أن تخشى أكثر من إسرائيل، وهي بالفعل أكثر قلقاً. كما أنه من الصعب تصوّر استخدام آيات الله للسلاح النووي. فاستخدام كهذا لا يجلب فقط الدمار على المتعرض للهجوم، بل سيوقع خراباً على نظام الملالي وملايين آخرين في إيران. ومع ذلك، ستجد إسرائيل صعوبة في أن تضع ثقتها في عقلانية محمود أحمدي نجاد أو علي خامنئي.
2 ــ لإسرائيل قدرة عسكرية لإلحاق ضرر جسيم بالبرنامج النووي الإيراني، عبر ضرب مراكز أعصاب الإنتاج ومصنع تخصيب اليورانيوم في نتانز، ومصنع تحويل اليورانيوم في أصفهان وبضعة مواقع أخرى ينكبّون فيها على تركيب القنبلة. سيعرقل مثل هذا الهجوم القدرة النووية لإيران على مدى بضع سنوات، لكنه لن يحطّمها تماماً.
3 ــ لدى إيران نحو 100 صاروخ قادر على ضرب إسرائيل، وهي ستستخدم حزب الله وشبكاته الإرهابية في العالم. ولكن إيران، رغم إنجازاتها التكنولوجية، دولة ضعيفة، مثقلة بمشاكل المخدرات والفقر والجهل. وفوق كل ذلك تعاني الفساد. من المشكوك فيه أن تكون دولة ينتشر فيها العفن، قادرة على أن تعيل جيشاً قوياً وناجعاً. إيران هي نمر من ورق.
4 ــ سيحدث أي هجوم، لا يكون منسقاً مع واشنطن، شرخاً عميقاً مع الولايات المتحدة وسيؤدي إلى فرض عقوبات شديدة على إسرائيل.
للوهلة الأولى، يفيد الاستنتاج المنطقي من هذه الأجوبة أن الهجوم على إيران هو رهان كبير للغاية لا ينبغي للقيادة الإسرائيلية أن تأخذ به. هذا هو أيضاً الرأي السائد لدى كبار المسؤولين في إدارة أوباما، وهو رأي معظم الخبراء الأميركيين.
يشذّ عن هذا التفكير الجماعي ما كتبه المحرر دايفيد صموئيلز في مجلة www.slate.com/is. خلاصة افتراضاته التي تؤيد الهجوم هي كالآتي: المكانة الخاصة لإسرائيل في الولايات المتحدة لا تنبع فقط من القيم الثقافية المشتركة والإيمان المسيحي بالأراضي المقدسة ومن الذاكرة الفظيعة للمحرقة، بل أساساً من صورة إسرائيل بصفتها «الفارس الوحيد» الذي يقاتل ضد «الأشرار» للدفاع عن وجوده. وعليه، فإن المستشار الجيد يجب أن يقول لنتنياهو: لا تنتظر أن يفرضوا عليك خطوة لا تريدها. استبقها. هجوم على إيران هو نافذة فرص يمكنها ليس فقط أن تزيل التهديد النووي، بل أن تعيد إلى إسرائيل أيضاً صورة «رب البيت الذي جن جنونه» ومكانتها كقوة عظمى إقليمية.
بالفعل، يخدم مثل هذا الهجوم المصالح الأميركية والعربية. ولكن هؤلاء سيجدون صعوبة في الاعتراف بذلك وسيضطرون إلى الرد بشدة. وعليه، لو كنت مستشار الأمن القومي، لشرحت لرئيس الوزراء أن الهجوم وحده، حتى لو نجح، لن يوفر المصالح الوطنية الحقيقية لإسرائيل.
من أجل تنفيذ خطوة اختراق استراتيجي، على حكومة إسرائيل أن تنتج حدثاً تاريخياً تأسيسياً آخر. عليها أن توافق على إقامة دولة فلسطينية، وأن تعمل بكدّ لهذا الغرض. في مثل هذه الحالة، فإن الولايات المتحدة والعالم العربي السني المؤيد للغرب سيسلّمان بالهجوم على الخصم الشيعي، حتى إنهما سيرحبان به ويسمحان بذلك بشق الطريق نحو تحالف استراتيجي يقوم على أساس تماثل المصالح.