strong>يمثّل التحدي المذهبي عامل توتر في المملكة البحرينية، في ظل تصاعد الأصوات الشيعية المطالبة بتحقيق المساواة، الذي يتزامن مع توترات بين الدول العربية وإيران
تشهد العلاقة بين الشيعة والنظام الحاكم في البحرين توتراً ملحوظاً يغذيه شعور سائد لدى أبناء الطائفة بالتهميش والإقصاء الممنهج، ما ينذر بمزيد من الاضرابات في ظل فشل حكومي في احتواء الأزمة. فلحظة المصالحة في هذه الجزيرة الخليجية، التي تجلت حين أقدم الملك حمد بن عيسى آل خليفة في الرابع عشر من شهر نيسان الماضي على إصدار عفو أطلق بموجبه سراح السجناء السياسيين، وشمل عدداً من النشطاء الشيعة، سرعان ما تبددت. إذ إنه منذ إطلاق سراح النشطاء لم تبد الحكومة أي رغبة في متابعة أي حوار مع الشيعة، ما قد ينذر بتجدد التوتر في الفترة المقبلة. ويشدد الشيعة في البحرين على عدم ارتباطهم بإيران، وأنهم يسعون فقط إلى المساواة في بلادهم التي يمثّلون فيها الأكثرية. فهم وفقاً للإحصاءات الرسمية التي أصدرتها المملكة في عام 2008، يمثّلون 70 في المئة من السكان، إلا أنهم يعانون من الاضطهاد منذ عقود. وهم يشتكون من إقصاء ممنهج لهم من المناصب العليا في إدارة الدولة، وخصوصاً المؤسسة العسكرية والأمنية. ويؤكدون أن الوضع يزداد سوءاً مع مرور الوقت، إذ إن النسبة المئوية للمناصب الحكومية الرفيعة المستوى التي كان يشغلها الشيعة انخفضت إلى 13 في المئة في عام 2008 بعدما كانت قد وصلت إلى ما بين 25 و 30 في المئة في عام 1999.
ووفقاً لمركز البحرين لحقوق الإنسان، فإن جمعية الوفاق، التي تعد الجمعية الشيعية الوحيدة الممثلة في البرلمان، لديها 17 من أصل المقاعد الـ40. ويُلقي الشيعة انخفاض نسبة تمثيلهم على الغش الذي يحصل في الدوائر لمصلحة السنة.
كذلك يعاني الشيعة في البحرين من الفقر أيضاً. إذ بعيداً عن المكاتب والمباني الزجاجية الحديثة في وسط العاصمة، فإن المناطق الشيعية يمكن التعرف إليها من خلال المباني المنهارة، والمغطاة باللون الأسود بفعل الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها المنامة والتي تخللها حرق إطارات.
بالإضافة إلى ما ذكر، يتهم الشيعة الحكومة البحرينية بالعمل على تغيير التوازن الطائفي للمملكة من خلال منح الجنسية البحرينية لمقيمين سنّة من جنسيات مختلفة تشمل اليمن، وباكستان، سوريا، والأردن. وهو ما تنفيه الحكومة.
ولا يتفق جميع الشيعة على فاعلية التظاهرات وقدرتها على إحداث تغيير في سياسات الحكومة. ونفى وزير الدولة للشؤون الخارجية السابق، نزار البحارنة، وجود أي تمييز من الحكومة. وقال إن التظاهرات ليست وسيلة لحل المشاكل. وأضاف: «إذا كنا في بلد القانون، فإنه يتعين عليهم المرور عبر القنوات المناسبة».
أما على المقلب الآخر، فينظر العديد من السنّة إلى مطالب الشيعة في البحرين بوصفها «ذريعة لطموحات إيران الإقليمية»، ويتهمونهم بالولاء لطهران. فمن وجهة نظر المحامي غانم فضل بعوينن، من المؤكد أن لدى إيران «بعض النفوذ» بين الشيعة في البلاد. هذه النظرة لها ما يبررها، وخصوصاً بعد التصريحات التي أدلى بها أحد المسؤولين الإيرانيين، وتحدث فيها عن البحرين أنها جزء من الأراضي الإيرانية.
ويرفض شيعة البحرين هذه الاتهامات، ويستندون في ذلك إلى أن معظمهم يتبعون المرجع الديني في العراق السيد علي السيستاني، لا الزعماء الإيرانيين.
في غضون ذلك، يترقب الجميع، وخصوصاً الولايات المتحدة والدول العربية، تطورات الأحداث في البحرين. ويشير الأستاذ المساعد في جامعة روتجرز في نيوجيرسي، توبي جونز، إلى أنه إذا تصاعد الوضع في البحرين، فإن التصعيد سيمتد إلى أماكن أخرى.
ويخشى الناشط الحقوقي، عبد الهادي الخواجة، من أن يتحول التخوف من النفوذ الإيراني إلى «نبوءة». وقال: «إذا استمرت العائلة الحاكمة في البحرين باتباع السياسات نفسها المتعلقة بالشيعة وتهميشهم، في الوقت الذي تكتسب فيه إيران نفوذاً إقليمياً، فسيأتي اليوم الذي سيتحول فيه معظم الشيعة في البحرين إلى إيران».
(أ ب)