ضربة جديدة تلقتها جماعة «الإخوان المسلمين» المحظورة في مصر بإعلان وزارة الداخلية في ساعة متأخرة مساء أمس، القبض على القيادي الإخواني حسين إبراهيم، في محافظة مطروح، غرب الإسكندرية، وذلك بعد يومين من القبض على رجل الأعمال القوي المقرب من الجماعة حسن مالك.
والقبض على إبراهيم من المنتظر أن تليه عمليات أخرى للقبض على عناصر إخوانيين تنظيميين، بالنظر إلى أن الرجل تجمعت لديه جل خيوط التنظيم في المرحلة الماضية.
أما مالك، برغم أنه لا يشغل منصبا تنفيذيا داخل الجماعة أو حزب «الحرية والعدالة»، فإن قربه من «الرجل القوي» في «الإخوان» خيرت الشاطر، صهره، جعله أحد الأصوات القوية داخل الجماعة، وكثيرا ما اضطلع بمهمات داخلية وخارجية من أجل التنظيم، تدعمها علاقته القوية بمجتمع رجال الأعمال المصريين، وهو ما وفر له بعض الحماية في الأشهر الماضية.
وبالعودة إلى إبراهيم، فإنه أحد أربعة أداروا التنظيم في مصر عقب فض اعتصامي «رابعة العدوية» و«النهضة» وما تبعه من عمليات متلاحقة للقبض على قادة «الإخوان» وفي مقدمتهم المرشد محمد بديع، ليقوم إبراهيم ورفاقه بمهمة إعادة جمع شتات التنظيم ولم شمله مرة أخرى، بل محاولة إحيائه وبعثه من جديد وحمايته من التفكك والتشظي، وخصوصا بعد الضربة العنيفة التي تلقتها الجماعة بفض رابعة العدوية والنهضة.
مصادر إخوانية تحدثت إلى «الأخبار» عن أن إبراهيم، الذي طاف على عدة محافظات عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة، كانت تغلب على حديثه «الروح الإيمانية» وأدى دورا مهما في «دعم» صفوف «الإخوان»، وذلك باستحضار نماذج ومواقف من السير والتاريخ، وقد أسهم هذا فعلا في «لملمة الصفوف». ومع أن إبراهيم تقليدياً محسوب على صقور الجماعة، وهي الصفة التي سهلت له وصوله إلى رئاسة المكتب الإداري في الإسكندرية قبل «ثورة 25 يناير»، كما وصل إلى منصب الأمين العام لـ«حزب الحرية والعدالة» خلفا لسعد الكتاتني، الذي تولى رئاسة مجلس الشعب آنذاك، فإن انحيازات إبراهيم ظهرت بشدة خلال الأزمة الماضية التي حلت بالجماعة والخلافات بين «لجنة إدارة الأزمة» التي كان أحد أفرادها، ومكتب الإرشاد القديم. وخلافا لما هو متوقع انحاز إبراهيم إلى أصحاب الرؤية التصعيدية العنيفة ضد الدولة، على عكس رؤية التيار القديم المحسوب شخصياً عليهم.
تنقل المصادر الإخوانية عن إبراهيم أنه كان شديد الانحياز إلى خيار المواجهة والتصعيد مع الدولة، لكنه أيضا كان يتبنى خيار التصعيد الرشيد لا المواجهة المفتوحة، التي يدرك بحكم احتكاكه عن قرب بدوائر صنع القرار (لكونه نائبا في البرلمان من 2000-2010) قدرة الدولة المصرية على مواجهة خصومها والإجهاز عليهم.
ووفق بيان لمحامي جماعة «الإخوان»، عبد المنعم عبد المقصود، فإن محامي الجماعة ينتظرون معرفة مكان التحقيق مع حسين للحضور معه، مشيرا إلى أنه يواجه عددا من الاتهامات، لكنها لم تحص حتى الآن، فيما أصدرت الجماعة بيانا حمّلت فيه قوات الأمن مسؤولية سلامة الرجل ومرافقه، الذي نقلت الوكالة الرسمية (أنباء الشرق الأوسط) أنه أحد القادة، لكن ذلك لم يثبت.
في المقابل، قالت مصادر مقربة من الأجهزة الأمنية لـ«الأخبار» إن القبض على إبراهيم جرى قبل أسبوعين، وأن الأجهزة تمهلت في إعلان العملية انتظارا للإمساك بالمزيد من الخيوط وتجميع المعلومات وتكوين صورة أكثر وضوحا عن الشبكات واللجان داخل الجماعة، تماماً «بحجم الخيوط التي كان يمسكها إبراهيم ويديرها ويشرف عليها»، في ظل أن «لجنة إدارة الأزمة» اعتُقل معظم أعضائها في أوقات سابقة ما عدا إبراهيم، ومحمد كمال، القائم بأعمال المرشد، وهو ما يكشف عن حجم المعلومات التي ستتحصل عليها الأجهزة الأمنية باعتقال الأول.
ولكن البيان الرسمي بالقبض على إبراهيم مع أحد مرافقيه «أثناء محاولتهما الهرب إلى ليبيا»، يتعارض مع حجم المسؤولية التي يحملها الرجل والدور التنظيمي الذي يضطلع به. وفي الوقت نفسه، قالت مصادر مقربة من أسرة إبراهيم لـ«الأخبار» إن الاتصال به كان ضعيفا جدا خلال المدة الماضية، وإن المعلومة التي لديهم أنه اعتقل صباح أول أمس، الإثنين، قبل أكثر من 12 ساعة من الإعلان الرسمي عن القبض عليه، فيما أُلقي القبض على زوج بنت إبراهيم وشقيقه (شقيق زوج ابنته) قبل ثلاثة أسابيع، دون الوصول إليهم حتى الآن.