لا رقابة من وزارة الزراعة والمستهلك هدف سهل والأسعار ناررشا أبو زكي
إنها قطة تركية، عيونها شاحبة؟ كلا فهي تريد أن تنام. وبرها وسخ؟ كلا فقد أتيت متأخراً إلى المحل ولم أستطع تنظيفها. ولكن لماذا يوجد كلبان كبيران في القفص الصغير نفسه؟ يسكت صاحب المحل ليفكر بجواب «يفحم» به السائل فيقول «هذين الكلبين لأحد الأشخاص وضعهما عندي إلى حين عودته من السفر»... إنها باختصار آلية الاتجار بالحيوانات في لبنان، حيث يتداخل فيها التزوير والفساد وسوء المعاملة وغياب الرقابة الرسمية من قبل وزارة الزراعة تداخلاً شبه مطلق، لينتج سوقاً فوضوية لا قوانين تحكمها ولا قرارات تلزمها، ما يجعل المستهلك اللبناني لعبة سهلة بأيدي التجار الكبار... والصغار. وتبدأ رحلة العذاب للحيوانات الأليفة في طريقة الاستيراد، حيث لا قانون يفرض عدد الحيوانات المفترض أن توضع في قفص واحد، ما يجعل التجار يفضّلون خفض نفقاتهم على الشحن من خلال «حشر» عدد كبير من الحيوانات في قفص واحد في رحلات سفر طويلة، وتصل إلى تزوير شهادات الولادة للحيوانات واللقاحات التي حصلوا عليها في بلدهم الأم... وتتفجر الفوضى في محال بيع الحيوانات الأليفة، حيث لا مراقبين يعرفون كيفية التعامل مع الحيوانات وأسلوب إطعامها ونوع طعامها، والحفاظ على نظافتها، لتنتهي بتعرّض حوالى 50% من الحيوانات المقتناة حديثاً لأمراض فيروسية بعضها يكون مميتاً!
ويشير الطبيب البيطري ونائب رئيس جمعية الرفق بحيوانات لبنان علي حمادة إلى أن الرقابة غير موجودة أبداً على المحال التجارية التي تبيع الحيوانات، حيث يجب أن تكون هذه المهمة منوطة بمديرية الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة. ويلفت إلى أن 50% من الحيوانات المقتناة حديثاً من المحال تعاني أمراضاً مميتة وخبيثة، بسبب الإهمال وعدم المعرفة والدراية بكيفية التعاطي مع الحيوان الأليف، موضحاً أنه يجب أن تكون هنالك مقاييس مفروضة على أصحاب المحال وعلى المستوردين من حيث مراقبة النظافة وطريقة التعامل والطعام وانتظامه ونوعية الطعام المقدم للحيوانات... وهذه غير موجودة، لافتاً إلى أن الجمعية تعمل على مشاريع قوانين تحصّل حقوق الحيوان من الدولة، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من الناس يقولون «فلنحصّل حقوق الإنسان أولاً»، إلا أن هذا العمل لا يتعارض مع إيجاد قوانين تراعي معاملة جيدة للحيوان في لبنان، ويلفت إلى أن مشاريع القوانين هذه تطال كيفية التعاطي مع الحيوانات في المجتمع، وكيفية استيراد الحيوانات بطريقة معترف بها دولياً، إضافة إلى كيفية تنظيم عمل التجار عموماً.
ترتفع أسعار الحيوانات في لبنان بنسب كبيرة بسبب الرسوم الجمركية
ويشير نقيب البيطريين في لبنان فؤاد الحاج إلى أن كل نوع من الحيوانات المستوردة يعاني مشاكل خاصة، لكن في الإجمال هناك أمور مشتركة، تتعلق بتزوير الشهادات الصحية البيطرية التي ترافق الحيوان الأليف من بلد المنشأ، ما يؤثر على نوعية اللقاحات المقدمة، ويلفت إلى أن الإجراءات المتعلقة بالاستيراد لا تُعدّ مستوفية للشروط إلا إذا كانت الحيوانات ملقّحة وفق مواصفات وزارة الزراعة، وملقّحة قبل شهر من الوصول إلى لبنان، وتحمل شهادات بيطرية قانونية.
إلا أن رئيس مصلحة الثروة الحيوانية في وزارة الزراعية نبيه غوش يرى أن الرقابة على المحال موجودة، لكنها ليست دورية، وهي تجري بالحد الأدنى المطلوب، موضحاً أنّ هناك مراقباً واحداً في كل منطقة، ومعتبراً أن هذا العدد غير كاف للقيام بالمهمات المطلوبة، وخصوصاً أن المراقبين مكلّفون بإعطاء النصائح لأصحاب المحال، من دون فرض غرامات على المخالفين. ويشير غوش إلى أن مواصفات وزارة الزراعة حالياً ليست متوافقة كلها مع المواصفات الأوروبية مثلاً، ويشدد على أن الحيوانات المستوردة إلى لبنان تعاني المشكلات، بسبب السفر البعيد في أقفاص صغيرة، ومن ثم نقلها إلى لبنان ووضعها كذلك في أقفاص، إضافة إلى سوء معاملتها، فتصاب بأمراض لكونها صغيرة ولأن لديها نقصاً في جهاز المناعة. ويشير إلى أنه من غير المنطقي أن يضع المستوردون عدداً كبيراً من الحيوانات في قفص واحد، لأن التجار يبحثون عن مصالحهم، لكنهم في الواقع يتحمّلون خسائر كبيرة عندما تكون نسبة الوفاة أكثر من 10 إلى 15%!
ولا تقتصر الفوضى في سوق الحيوانات الأليفة على الجوانب الصحّية، بل إن أسعار هذه الحيوانات في لبنان مرتفعة جداً نسبة إلى أسعارها في بلدها الأم، إذ من الممكن أن يكون سعر القطة مثلاً في السوق الأوروبية 10 دولارات وتصل إلى لبنان بـ100 دولار نتيجة الرسوم الجمركية المرتفعة وغياب التنظيم. ويشير بسام شاتيلا، وهو صاحب محل لبيع الحيوانات في منطقة سليم سلام، إلى أن سوق الحيوانات الأليفة تراجع كثيراً خلال الخمس عشرة سنة الماضية، وذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة في لبنان، التي تجعل الأولوية لشراء الحاجات الأساسية للأسر بدلاً من شراء الحيوانات الأليفة. ويلفت إلى أن الرقابة تحصل في مرحلة استيراد الحيوانات لا في مرحلة وضعها في المحال، موضحاً أن أهم بلدان الاستيراد هي سوريا والعراق وإيران والسنغال ودول أفريقية أخرى... وأكثر ما يباع هو السمك بسبب سعره المنخفض، فيما الحيوانات الأغلى هي الأفاعي التي من الممكن أن يصل سعر الواحدة منها إلى 5 آلاف دولار. ويشير إلى وجود الكثير من طرق الغش في القطاع، إلا أن من يقوم بهذه السلوكيات لا يمكن أن يستمر في عمله، لأنه في الأساس يقوم على الهواية في الحفاظ على حياة الحيوانات وطريقة تربيتها والعناية بها.
أما زكريا شاتيلا، وهو صاحب محل «مملكة الطيور» في الحمرا، فيقول إن أكثر الدول التي تصدّر السمك هي ماليزيا وسنغافورة وسوريا، أما طيور الكناري فمن بلجيكا وهولندا وإيطاليا وعدد من الدول الأرووربية، والقطط من إيران وتركيا، ويبلغ سعر القطط الفارسية بين 250 و300 دولار، والتركية حوالى 120 دولاراً، أما القطط المحلية فهي لا تباع إجمالاً، «إذ نضعها للتبنّي على أن يشتري من يريدها حاجاتها من المحل، وإجمالاً هذه القطط غير مرغوبة كثيراً، لأنها «شيطانة» وشكلها عادي». أما حاجات الحيوانات الأليفة الأساسية، كالبحص والرفش لإزالة الأوساخ والجاط، فهي زهيدة الثمن، وكذلك الأطعمة، فيما مساحيق التنظيف والأدوية وغيرها متوسطة السعر، إذ تراوح بين 20 دولاراً و100 دولار.


350 ألفاً

هو عدد طيور الكناري التي يستوردها لبنان سنوياً لتلبية الطلب في السوق المحلية، علماً بأنه ليس هناك سوى 3 مستوردين كبار للطيور في كل لبنان، فيما هناك 4 مستوردين كبار للسمك، وتأتي الحيوانات الأخرى عن طريق المستوردين الصغار


عمليات تزاوج محليّة