لا تزال «مدينة السلام» تلملم جراحها التي سبّبتها موجة اعتداءات المستوطنين وقوات الاحتلال قبل يومين. جراح حملها رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل إلى القاهرة، حيث بشّر بنية القاهرة عقد لقاء وطني للمصالحة في غضون أيام
القاهرة، غزة ــ الأخبار
انتهز رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، خالد مشعل، أمس، مناسبة قدومه إلى القاهرة بهدف تسليم ردّ حركته على الورقة المصرية للمصالحة الفلسطينية، لإعلان «الاستنفار العام» ضد الخطر الذي يهدّد القدس المحتلة ومسجدها الأقصى، مبرّراً بذلك استعجال دعوة حركة «فتح» إلى إنجاز المصالحة. وزفّ مشعل نبأ تصميم القيادة المصرية على تنظيم «لقاء وطني» للمصالحة الوطنية في شهر تشرين الأول المقبل، معرباً عن موافقة «حماس» على «روح الورقة المصرية» التي تصلح «أرضية» للمصالحة، لتكتمل بذلك الردود الفلسطينية الـ14 على اقتراحات القاهرة، التي ستصوغ تلك الردود على شاكلة وثيقة مصالحة.
وكشف مشعل، في مؤتمر صحافي عقده بعد مباحثات طالت أكثر من 3 ساعات مع رئيس جهاز الاستخبارات المصرية اللواء عمر سليمان، أنّ ردّ حركته كان إيجابياً انطلاقاً من الرغبة الحمساوية في إنجاز المصالحة والتوحّد لمواجهة الخطر الصهيوني المشترك. ونقل عن اللواء سليمان تأكيده أن المسؤولين المصريين «سيصوغون في الأيام المقبلة الردود على الورقة المصرية لتكون مشروعاً للمصالحة، وسيدعون الفصائل في الشهر المقبل إلى لقاء وطني يبرم المصالحة الوطنية»، متوقعاً أن يكون هذا اللقاء «إنجازاً وخطوة مهمة».
وفيما جدّد مشعل التزام حركته بمبدأ أن لا وسيلة في العمل السياسي الفلسطيني إلا بالانتخابات النزيهة، عاد واشترط انتخاب مجلس وطني جديد لمنظمة التحرير الفلسطينية قبل انضمام «حماس» إلى المنظمة. وعن الملاحظات التي سجّلتها الحركة الإسلامية على الاقتراحات المصرية، أوضح مشعل أنها تتعلق بـ«الجزئيات».
وكان عضو وفد «حماس» إلى القاهرة، إسماعيل رضوان، قد أشار إلى أن ملاحظات حركته على الورقة المصرية تتعلق بتأليف قوة مشتركة في قطاع غزة، وبإصلاح الأجهزة الأمنية في الضفة والقطاع بالتزامن، وعدم الاقتصار على القطاع في ذلك. كذلك، لفت إلى وجود ملاحظات تتعلق بموضوع ملف الاعتقال السياسي، ووضع الآليات الواضحة لإنهاء هذا الملف مع وجود ضمانات لذلك.
وبالعودة إلى المؤتمر الصحافي لمشعل، فقد خصّص جزأه الأكبر للتحذير من مخطط تُعدّه تل أبيب لإزالة المسجد الأقصى بالتدريج، منطلقاً من اعتداءات المستوطنين بمساعدة قوات الاحتلال، أول من أمس، ليقارن بين ما حصل في المسجد الإبراهيمي في الخليل في عهد الحكومة الأولى لبنيامين نتنياهو، وما يجري الإعداد له بما يخص المسجد الأقصى. ورأى مشعل أنّ المخطط الصهيوني يقوم على محاولة «انتزاع حق لليهود في العبادة في المسجد الأقصى، تمهيداً لاقتسام المسجد بين اليهود والمسلمين، وصولاً إلى السيطرة عليه وهدمه وبناء هيكل مكانه». هذا في الشق الديني للاعتداءات، بحسب تعبير مشعل. أما سياسياً، فتهدف «استراتيجية الصهاينة إلى حذف بند القدس وحق عودة اللاجئين وفرض أمر واقع جديد» على «مدينة السلام» في المفاوضات التي يُعدّ لإطلاقها من خلال الإدارة الأميركية.
وفيما استغل هذه المناسبة لدعوة حركة «فتح» وباقي الفصائل الفلسطينية إلى التوحّد و«طيّ صفحة الماضي»، وجّه نداءً من 5 بنود:

مشعل: الورقة المصريّة أرضية للمصالحة ولقاء وطني في القاهرة في ت1
ـــــ الدعوة إلى وحدة الموقف الوطني وإنهاء الانقسام والإسراع في المصالحة وإنجاح الجهود المصرية. ـــــ الدعوة إلى وقف التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وقوات الاحتلال بموجب خطة دايتون والعودة إلى المقاومة. ـــــ دعوة الدول العربية والإسلامية إلى تحمّل مسؤولياتها تجاه القدس، وإدارة علاقاتها مع واشنطن والعالم بما يوفّر حمايتها، وعدم الاستجابة لضغوط وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الهادفة إلى التطبيع مع الدولة العبرية. ـــــ دعوة الجماهير العربية وأحرار العالم إلى مساندة الشعب الفلسطيني والتضامن مع القدس. ـــــ تحذير الإدارة الأميركية من «ألا يقرأوا خطأً السكون العربي»، إذ إن «الجمر تحت الرماد»، داعياً إياهم إلى تذكّر انتفاضة الأقصى (2000)، ومحذراً من أن «خياراتنا مفتوحة، وكل شيء سيأتي في وقته».
ميدانياً، عاد الهدوء إلى القدس المحتلة، في ظل استمرار موجة الاستنكار الفلسطيني والعربي، التي بلغت حدّ استدعاء الأردن للقائم بأعمال الدولة العبرية.
في المقابل، حمّل المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن همام سعيد «المراهنين» على التسوية مسؤولية تصاعد «الاعتداءات الصهيونية» على المسجد الأقصى، مجدداً الدعوة إلى طرد السفير الإسرائيلي من عمّان وإلغاء معاهدة السلام، رداً على اقتحام المسجد.
أما جماعة الإخوان المسلمين في مصر، فاتهمت الأنظمة العربية بالتواطؤ في اقتحام اليهود لباحات المسجد الأقصى.
وفي غزّة، دعا رئيس الوزراء المقال، إسماعيل هنية، الملك المغربي محمد السادس إلى عقد اجتماع عاجل للجنة القدس التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وذلك «لاتخاذ قرارات على مستوى المسؤولية، كي تتحمل الأمة واجبها في الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس».
بدورها، ناشدت «فتح» الفصائل وقوى الشعب الفلسطيني كافة التوحّد صفاً واحداً أمام الهجمة الإسرائيلية الشرسة التي تحوكها الحكومة اليمينية المتطرفة.