خاص بالموقع - «الأجواء غير مهيأة، لكنّنا سنحتفل بالعيد لننسى آلام الحرب». بهذه الكلمات اختصر أياد الصايغ الصعاب التي تواجه مسيحيي قطاع غزة للاحتفال بأعياد الميلاد.وتصادف أعياد الميلاد هذا العام مع سلسلة من الفعاليات التي تنظّمها حركة حماس والفصائل الفلسطينية لمناسبة مرور عام على الحرب الإسرائيلية.
ويؤكد الصايغ (38 عاماً) وهو صيدلاني أنّ «الأجواء بالتأكيد غير مهيأة للاحتفال بالأعياد لأنّها تتزامن مع ذكرى الحرب المؤلمة والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة». ويتابع أنّها «ستقتصر على الطقوس الدينية والصلوات في الكنيسة وتبادل الزيارات بين الأقارب والأصدقاء».
ويعيش في قطاع غزة 3500 مسيحي من أصل مليون ونصف مليون شخص. وغالبية مسيحيي غزة من الأرثوذكس الشرقيين، ويشكل اللاتين 15 بالمئة منهم. وتوجد في غزة ثلاث كنائس، أصيبت كلّها بأضرار خلال الحرب الأخيرة جراء القصف الإسرائيلي. ولم يتسنّ سوى لعدد قليل من العائلات المسيحية الحصول على شجرة للعيد.
لكن عائلة الصايغ زيّنت شجرة صغيرة في المنزل لأنّها لا تريد حرمان أطفالها تماماً من أجواء الفرحة.
ويقول الشاب «نحاول إدخال القليل من البهجة على قلوب الأطفال كي ينسوا الألم والخوف الذي لا يزال يسيطر عليهم».
وتستعد كنيسة العائلة المقدسة التابعة لطائفة اللاتين التي تسير وفق التقويم الغربي في غزة لقداس منتصف الليل مساء الأربعاء وفقاً لمسؤول في الكنيسة.
وتوزع الكنيسة التي حرصت على زينة متواضعة في العيد حلوى على أطفال مدرستها وروضتها وغالبيتهم من المسلمين.
في المقابل، قررت عائلة سمير مني (أبو إلياس) (55 عاماً) عدم الاحتفال بالمرة هذا العام. ويشرح مني الذي تنحدر عائلته من يافا وهي من الطوائف التي تسير وفق التقويم الغربي، «الأعياد لم تعد أعياداً في ظل الظروف القاسية. العيد الفعلي يبدأ يوم التلاحم الوطني والعودة وفك الحصار».
ويتابع «على المستوى الشخصي والعائلي لا تحضيرات على الإطلاق، حتى الحلويات وشجرة عيد الميلاد. وقررت مع العائلة ألا تكون هناك استقبالات في العيد. فكيف نحتفل وهناك أناس يعيشون في الخيام» ممّن دمر الجيش الإسرائيلي بيوتهم.
ويؤكد مني وهو مدير مكتب للاستشارات الهندسية «لا نشعر بالعيد كمسلمين ومسيحيين... موضوع (الجندي) شاليط أخذ حيزاً كبيراً لأنّ الناس يأملون بتبادل الأسرى ليفرحوا».
وللعام الثالث على التوالي، لم يتم وضع شجرة عيد الميلاد الكبيرة التي كانت تزيّن كل سنة، بأضوائها الملونة، ميدان الجندي المجهول غرب غزة.
وشددت الحكومة المقالة على أنّها تمنح كل التسهيلات لاحتفال «الإخوة المسيحيين بأعيادهم».
وقال المتحدث باسم حكومة حماس طاهر النونو «نحترم ونبذل كل جهد لتسهيل احتفالات إخواننا المسيحيين بعيدهم على النحو اللائق، ولا نسمح بأيّ أمر يمسّ بمشاعرهم. ويزورهم ممثلون عن الحكومة للتهنئة بالعيد».
وخلت محالّ الهدايا في غزة، إلا نادراً، من عرض مستلزمات عيد الميلاد والسنة الجديدة.
وانشغل صاحب محل هدايا منظّمة التحرير في غزة طارق أبو دية بإعداد صور لقادة فلسطينيين أسرى من المتوقع أن تشملهم صفقة تبادل مئات الأسرى الفلسطينيين مع الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط المحتجز منذ ثلاث سنوات.
وقال أبو دية الذي كان يعلق صوراً لثلاثة قادة، هم: مروان البرغوثي (فتح) وأحمد سعدات (الجبهة الشعبية) ويحيى السنوار (حماس)، «للأسف لم نحضر أيّ شيء هذا العام لأعياد الميلاد المجيدة لا سانتا كلوز (بابا نويل) ولا سلال هدايا، فالوضع السياسي وموضوع الأسرى يطغى».
ويعرض عماد بركة (20 عاماً) على بسطة صغيرة هدايا لبعض الألعاب ونماذج بابا نويل وهدايا عيد الميلاد، بعضها مصنوع من الشوكولاتة. وذكر بائع الهدايا أنّ «بعض هذه الهدايا يصل من مصر عبر الأنفاق لأن المعابر مغلقة».
وتمكنت أعداد قليلة من مسيحيي غزة الذين حصلوا على تصاريح من السلطات الإسرائيلية من المغادرة الى بيت لحم عبر معبر بيت حانون ـــــ إيريز شمال القطاع للمشاركة في قداس الأربعاء.
وأشار موظفون في الارتباط المدني الى أنّ «حوالى 750 مسيحياً تقدموا بطلب تصاريح مغادرة، ونتوقع الموافقة على 300 منها لمن هم فوق سن 35 عاماً».
وعبّر أنطون (52 عاماً) عن أسفه للمضايقات الإسرائيلية، «كان يجب أن تعطى كل التسهيلات لحرية العبادة والاحتفال بأعياد الميلاد». ولم يحالف الحظ زوجة الصيدلي أياد الصايغ للحصول على تصريح بحجة أنّ عمرها أقل من السن المسموح به، وفق ما قاله زوجها.
(أ ف ب)