نجباء حزب الله والرضوان والتصنيع العسكري
■ كيف كانت بدايات ومسيرة عملكم الجهادي في العراق ضد المحتل، وما سبب اعتقالكم على يد القوات الأميركية سنة 2003؟ هل واجهتهم صعوبة كبيرة في جذب الشباب العراقي لقتال المحتل وخاصة في ظل غياب فتوى عامة بالجهاد وقتها، وميل الكثير من الناس لتجريب الطرق السلمية في المقاومة؟
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين
منذ بداية دخول الاحتلال الأميركي الى العراق انبرى قسم من المجاهدين - ممن كانوا يقارعون نظام صدام القمعي - لمقاومة الاحتلال عسكريا ، وكنا في وقتها على شكل مجاميع جهادية تربطنا علاقات وطيدة وتعاون وتنسيق.

اول عملية لمجوعتنا كانت استهداف تسعة جنود بريطانيين في البصرة. استمرت عملياتنا على هذا المنوال عدة أشهر حتى اعتقلتني القوات الاميركية في كربلاء؛ بقيت ستة اشهر في المعتقل حتى اندلاع انتفاضة النجف الاولى ضد الاميركان (ربيع 2004) حيث تولى اخوتي في الخط الجهادي تهريبي من سجن الاحتلال بطريقة لافتة، جرى فيها الترتيب عبر ضابط عراقي يعمل مع الأميركيين لتبديل رقم التعريف الذي يميّزون به بين الدعاوى المدنية والعسكرية في أبو غريب. كان على ذراع كل سجين رقم لكونهم لا يتعاملون معنا بأسمائنا، فاذا كان السجين بقرار عسكري يجري تعريفه بستة أرقام، وإذا كانت دعوته مدنية بأربعة أرقام، أما رقم تعريفي فقد كان «152150»، وبعد تبديل هذه الستة أرقام بأربعة جرى ترتيب الخطة لإخراجي من سجن ابو غريب، ساعدتنا على ذلك فوضوية المحتلّين بإدارة المخيمات التي اعتقل فيها السجناء خلال أوّل سنة دخلوا فيها العراق. تفاصيل كثيرة لترتيب هروبي جرت لكنني لا أستطيع ذكرها حفاظا على سرية العملية وسلامة الإخوة المشاركين فيها. بعد تحريري وصلنا الى مكان آمن قبل اكتشاف عمليّة تحريري بأيّام لتوزّع مناشير عليها صورتي كمطلوب لقوات التحالف في الكثير من الشوارع .
بعد خروجي من السجن ذهبت إلى النجف الأشرف حيث كنت مسؤول القوات في معركة النجف الثانية (صيف 2004) التي استمرت 28 يوماً لم تنجح فيها قوات الإحتلال من تحقيق أي تقدّم على قطاعاتنا ليضطرّوا بعد عجزهم لفتح باب التفاوض من خلال وسطاء، وقد اشترطنا عدم دخول قواتهم إلى مدينة النجف القديمة مقابل انسحابنا منها وتسليمها للقوات العراقية. وقد رضخوا لشروطنا وجرى تنفيذ الاتفاق. من الجدير بالذّكر أنه خلال المعركة كانت قد حضرت مجموعة من الإخوة في الحرس الثوري ليساعدونا في حربنا مع المحتل من ناحية الخبرات وتقديم المشورة العسكرية .
بعد انتهاء المعركة قررنا العمل بأسلوب حرب العصابات، وألّفنا مجاميع أطلق عليها في وقتها المجاميع الخاصة حيث بدأت بمشورة ودعم مباشر من جانب الإخوة في الحرس الثوري وحزب الله. بعدها خرجت من رحم هذه المجاميع تسميات جديدة لفصائل المقاومة العراقية (عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله العراق) وإستمر العمل المقاوم حتى خروج الاحتلال من العراق على نحو كامل .
أما بخصوص الاستقطاب فلم تكن ثمة صعوبة لأن العمل كان يعتمد على الكوادر والنخب ممن كان لهم تاريخ جهادي في عهد صدام (حسين)، وخصوصاً أنّ أسلوب المقاومة لا يعتمد على الكم بل على النوع، وهذا النوع كان متوافراً وقد أدى المطلوب بتفوق ونجاح.

■ هناك اجماع على تصنيفكم جزءا أو فصيلا من الحرس الثوري الإيراني. هل هذا صحيح؟ وما طبيعة علاقتكم بإيران؟
طبعا الإخوة في الحرس لهم دور مهم وأساسي، وإن كان هذا الإجماع فعلاً واقعيا فهو فخرٌ وشرفٌ لنا أن نكون جزءاً من هذه القوة التي قارعت المستكبرين وأذلتهم برعايتها ودعمها لفصائل المقاومة في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق، واليوم هي الأقدر على محاربة الإرهاب في المنطقة عموما.
والجمهورية الإسلامية تمثل لنا العمق الإسلامي بصورته الناصعة والقيادة الحكيمة للعالم الإسلامي وعلاقتنا معهم وطيدة ومستمرة.

■ قيل الكثير عن بصمات عماد مغنيّة في القتال ضد الأميركيين، لكن الكلام بقي عاماً عكس دوره الأكثر تفصيلا في فلسطين، ما كان دوره تحديدا، وهل هناك عمليّات معيّنة خطط لها؟ وهل سبق لكم أن عملتم معه؟
للحاج الشهيد عماد مغنية دور مهم في الساحة العراقية، وإن لم يحضر بشخصه لأسباب أمنية إلا أنه كان يشرف على تطوير خبرات وقدرات فصائل المقاومة، يناقش العمليات النوعية ويختم تلك الخطط بمِسك لمساته الابداعية، كما قدّم إلينا أفكاراً استفدنا منها كثيرا بخصوص الرّهائن البريطانيين (2007) وما تبع ذلك من عمليّة تبادل حرر على أثرها عدد كبير من المقاومين والقادة.
كما أودّ الإشارة هنا إلى كوني قد تشرّفت بإشرافه المباشر على أولى دوراتي العسكريّة، لتكرّر اللقاءات به وبسماحة الأمين العام السيد حسن نصرالله خلال الاحتلال، وهي لم تكن معلنة بسبب الظروف الأمنيّة، أحدها كان في اليوم الذي تلا عمليّة الرد على استهداف شهداء القنيطرة، وقد تشرّفنا بدورنا بكون أحد الشهداء «أبو عيسى الإقليم» كان مستشاراً عسكريّاً للنجباء أثناء عمليات تحرير حزام بغداد الذين كان له دور بارز فيه ضمن قواطع عمليّاتنا.

■ بخصوص الدّورات التي أشرف عليها الحاج رضوان، ما طبيعتها؟
كانت دورات قيادية عامّة لقيادات بعضها معروف اليوم على السّاحة العراقية، كانت ثلاثا، أولاها بإشرافه الشخصي في لبنان، تبعتها دورتان في الجمهوريّة الإسلاميّة في ايران

■ تجري محاولات لإنعاش التصنيع العسكري في البصرة بالاستفادة من بعض سكراب الحروب في التاجي وغيرها، هل تولون الأمر اهتماماً؟ وهل لحزب الله اللبناني والحرس الثوري دور في توطين الصناعة العسكريّة كبعض نماذج الصواريخ وطائرات الاستطلاع؟ وهل تتصورون إمكانية ضغطكم من خلال الحشد على الحكومة لتبني مشروع صناعة عسكرية وطنية؟
إعادة التصنيع العسكري مهمة، وما يحصل اليوم في البصرة خطوة نحو الطريق الصحيح. فنحن كفصائل مقاومة أصبح لنا مصانعنا الخاصة، بعدما تولى الاخوة في قوة القدس تدريب كوادرنا. ما يجري تصنيعه اليوم أو تطويره من سلاح وصواريخ وألغام وطائرات استطلاع (طائرة الاستطلاع «يسير» الايرانية الصّنع العراقيّة التجميع) وغير ذلك له دور أساسي في المعركة، علماً أنّ الإخوة الإيرانيين يقدمون الدعم والمشورة للحكومة العراقية في إعادة وتأهيل التصنيع العسكري في الوقت نفسه.

■ كيف تقف السفارة الاميركية حائلا دون تطوير سلاح الحشد عملياً لا نظرياً هل هناك مثال؟

تدربنا على يد عماد مغنية، وقد شارك في تخطيط عمليات المقاومة
السفارة الأميركيّة اليوم تحمل راية محاربة الحشد عبر كل المستويات لا على مستوى التصنيع فحسب، وما سميتموه سكراب الحروب في التاجي هو بالحقيقة سلاح فعال للجيش العراقي قام الأميركيون بعيد الإحتلال وتفكيك الجيش العراقي بتجميعه في ما عُرِفَ بمقبرة التاجي وتدميره، والإخوة اليوم في ورشة التصنيع العسكري في البصرة يبحثون بين السكراب في مقبرة التاجي عسى أن يجدوا أجزاء نجت من التدمير لتجميعها واصلاحها والاستفادة منها في الجبهات.

العراق والتطورات العسكرية


■ بدا واضحا أن القتال عالق في عدة محاور، بينها بيجي حيث لا يزال القتال دائراً رغم أشهر من المعارك، والأنبار، على وجه التحديد الفلوجة حيث يبدو أن القتال لم يبدأ بعد. ما حقيقة الوضع على هذه الجبهات؟
القتال ليس عالقاً والعمليات مستمرة لكن للإسف الإعلام العربي والغربي يسير وفق منهج رفع معنويات العدو وتثبيط الصديق، بينما البعض يركز على النقاط المهمة إعلامياً كبيجي والفلوجة ويهمل النقاط المهمة عسكرياً، علماً أن في المعركة تكتيكات وإستراتجيات مجموعها يصب في نتيجة واحدة وهي تحرير العراق بالكامل والإعلان عن الإنتصار الكبير، فليس من المنطقي تحرير بيجي بالكامل وإهمال مناطق حيوية وإستراتيجية كانت قواتنا مشغولة بها خلال هذه الفترة، لكنها بعيدة عن أضواء الإعلام، كجزيرة سامراء، الخط الاستراتيجي للنفط، الصقلاوية، المدينة السياحية وغيرها الكثير، علماَ أن دائرة المعركة بدأت تضيق على العدو بعدما كان مسيطراً على مناطق شاسعة في العراق كديالى، الموصل، صلاح الدين، الانبار وحزام بغداد. وخلال هذه الفترة حصلت عمليات مهمة لقطع طرق الإمداد والدّعم وإحكام تطويق بيجي والفلوجة استعداداً لإقتحامها وتطهيرها من دنس داعش.
مخطط تحرير بيجي، التي تعد البوابة ونقطة الإنطلاق الأولى للدخول إلى الموصل تسير وفق ما هو مرسوم لها من برامج بصورة ممتازة من غير تلكؤ. ولا بد من الإشارة لكون بيجي لم تتحرر بالكامل سابقاً مسجّلا تحفّظي على ما روّج في بعض الإعلام من كونها تحرّرت بالكامل! إذ كان هدفنا فرض حصار والإقتراب من الأحياء التي يتمركز ويتحصن فيها العدو لفك الحصار عن قواتنا المحاصرة في مصفى بيجي وهذا ما تحقّق، فقد فُك الحصار وفُصلت منطقة الصينية والشرقاط والحويجة عن بيجي، وفُرض طوق كامل على المدينة، وجرى تحرير قسم من الاحياء في بيجي نفسها. أمّا حالياّ، فقد بدأت الاستعدادت الكبيرة لتحرير بيجي بالكامل بقوة ومعونة من الله تعالى.
بالنسبة إلى موضوع الفلوجة فتدخل الأميركيين في الأنبار هو العائق الأساسي في تأخّر العمليات.

■ يحكى عن تنسيق، ضمني، ومساكنة عسكرية بينكم وبين المستشارين الأميركيين في أكثر من موقع، هل هذا صحيح وما هو موقفكم من المساهمة الأميركية في القتال ضد «داعش»؟
هذا غير صحيح، فالأميركيون والدواعش وجهان لعملة واحدة، ونرفض أي تعاون أو عمل مشترك معهم لكونهم لم يجلبوا لعراقنا غير الدّمار والخراب.

■ كيف تخاطبون الأقليات العراقية الأخرى للقتال ضد داعش، وخاصة انكم تصنفون على انكم تنظيم شيعي؟ وهل يوجد تنوّع مذهبي ـ عرقي ضمن صفوفكم ؟ أمثلة؟
حركة النجباء كما تفضلتم تنظيم إسلامي شيعي وهذا لا يتنافى مع وجود تنوع ديني ومذهبي داخل الحركة مع إيماننا بضرورة حماية «الأقليّات» ولهذا جذور تاريخيّة انطلاقاً من قول الامام علي ع حينما ولى مالك الاشتر على مصر ذات التنوع الديني والثقافي «الناس صنفان اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق «.
وانطلاقاً من هذه المدرسة وهذه الثقافة، نحن نمتلك حماسة الجهاد والعزيمة والثبات والغيرة، وفي الوقت نفسه نمتلك روح المحبة والعطف والتسامح نحو الأديان والمذاهب المتنوّعة. وكمثال على التنوع المذهبي في صفوف حركة النجباء نخص بالذكر فوج نجباء تكريت، الذي يضم أغلبيّة من اخوتنا السنة، وكذلك فوج تحرير الموصل ولواء الأنبار.

■ هل هناك خطوات مستقبليّة لإيقاف محاولات التغول الأميركي لتحجيم الحشد والتحكّم في سير العملّيات العسكريّة أم سيبقى التهديدا كلاميّا وخصوصاً بعد الاتفاق النووي؟
ابدأ من الجزء الثّاني من السؤال لأؤكّد أن الاتفاق النووي لا علاقة له إطلاقاً بقرار دعم المقاومة من عدمه في فلسطين ولبنان والعراق وسوريا، كما صرح بذلك رسميّاً سماحة السيد ولي امر المسلمين القائد الخامنئي دام ظله، إضافة لكون الإخوة في الجمهورية يقدمون الدعم والمشورة والخبرة والدماء الطاهرة من منطلق عقائدي.
أما التدخل الأميركي فلمحاربة الحشد الشعبي لا لتحجيمه فقط، كما ذكرتم في السؤال، لكونهم يعلمون أن روح الحشد وقوته تتكونان من فصائل المقاومة، حيث اذقناهم الويل وكبدناهم الخسائر إبان حربنا معهم، ولا يزال موقفنا تجاه غطرستهم وتكبرهم هو نفسه.
الأمر الآخر نحن نعتقد أن الإرهاب منذ بدايته في المنطقة كان بدعم أميركي، إما على نحو مباشر، أو عبر الأذناب في دول الخليج. وإن عدنا إلى يوم إعلان إنشاء تحالف دولي لمحاربة داعش حتى اليوم، فإنه يتضح أن هذا التحالف المشؤوم جاء لحماية داعش في العراق وسوريا، فحتى أغلب طلعاتهم الجوية وهمية، فضلا عن تسليح الدواعش تحت عنوان العشائر، وقد عرقلوا عملياتنا سابقا في تكريت، واليوم في الأنبار. لذلك قلنا ونكرر إنّ على الحكومة العراقية اتخاذ موقف تاريخي من هذا التحالف المشؤوم وطرده من العراق.

الحشد المدني والحقوق الاجتماعيّة

■ كنتم والعصائب من فصائل الحشد المقاوم التي نزلت علانية لقيادة التظاهرات وتوجيهها قبل بلورة فكرة الحشد المدني هل شعرتم بخطر توجيه الهيجان الجماهيري ضد الحشد والإسلاميين؟
التظاهرات بدأها بصورة عفوية شعب غالبية أبناؤه في جبهات القتال يبذلون الغالي والنفيس للدفاع عن المقدسات. كان الدافع نقص الخدمات على كافة المستويات، فالمطالب مشروعة، وقد أطلق المتظاهرون منذ أول جمعة على انفسهم إسم «الحشد المدني»، ما حفّزنا مع باقي فصائل المقاومة والحشد الشعبي على المشاركة معهم صفاً واحداً معلنين انخراطنا وخصوصاً أننا نعاني بدورنا ليس سوء الواقع الخدمي فحسب بل حتى من نواحي نقص الدعم الحكومي في جبهات القتال.
لكن ما حدث أن قوى الشر والسفارات الأميركية والبريطانية إضافة لأذناب البعث الصدامي حاولوا ركوب الموجة لحرف مسار التظاهرة، فحذرنا من ذلك في الأسبوع الأول لحصولنا على معلومات استخبارية، مؤكدة أن السفارة الاميرِكية في العراق عقدت اجتماعاً مع بعض الشخصيات الإعلامية ودواعش السياسية لوضع خطط وبرامج تحرف مسار التظاهرة وتوجهها لاستهداف عنوان الإسلام من خلال هتافات ضد الدين والمناداة بدولة علمانية، وكأنّما نظام العراق ديني.
لذلك بعدما تبنت مرجعية النجف مطالبنا كمتظاهرين، وأعلنت الحكومة برنامج إصلاحات، بعدها ولحساسية الوضع في جبهات القتال أعلنا انسحابنا من هذه التظاهرات، وهي اليوم تديرها السفارة الأميركية والبريطانية لذلك تجد أن الأعداد الكبيرة التي خرجت في الفترة الأولى انسحبت من الساحات في آخر أسبوع تلبية لقرار قادة المقاومة والحشد الشعبي بمقاطعة هذا التظاهرات التي انحرف مسارها، واليوم نرى أنّنا جردناهم وكشفناهم للمجتمع.
وانسحابنا لا يعني أننا تنازلنا عن مطالبنا فما زلنا نراقب عن كثب ونتابع سير الإصلاحات وتوفير الخدمات، وما زلنا نعتقد ان النظام «العلماني» الذي يحكم العراق هو السبب الاول في خراب البلد ونهب خيراته وابقائه تحت وصاية الاستكبار العالمي الذي لا يريد لنا الخير ابدا.

■ حقوق الناس الاجتماعيّة كيف سيجري تحصيلها مع المحاولات المتكرّرة لطبقة الفساد والبرجوازيّات والإقطاع السياسي ـ الديني للمحافظة على مكتسابهم؟ وما تصوركم لإنهاء الفقر؟
القرار الأول والأخير سيكون بيد الشعب العراقي، لأنه إن أعاد انتخاب هذه الطبقات وأرجع الوجوه التي نهبت خيراته وبلده فسوف يُعين من سرقوه على سلب حقوقه الاجتماعية وسيبقى الوضع على حاله.
على الشعب العراقي أن يبحث عمن خدمه وعمل بمهنية وإخلاص دون أن يغير منصبه من واقعه المعيشي لأن كل هؤلاء قد وصلوا لتلك المناصب بأصوات الشعب، وللأسف الشديد حتى دواعش السياسية قد وصلوا بأصوات أبناء المنطقة الغربية الذين ندموا في الوقت الضائع ليقرّروا ألا يكون تمثيلهم عبرهم بعد اليوم، حيث انهم كانوا سببا في احتلال تنظيم داعش لمناطقهم وبعد وقوع الواقعة وقفوا متفرجين، حتى إنهم لم يكلفوا أنفسهم عناء مساعدة المهجرين الذين يمرون بوضع قاسٍ واهمال مفرط.
وعن موضوع إنهاء الفقر في العراق يجب ألا ننسى أن العراق بلد غني، لكن خيراته هدرت في الحروب واليوم تهدرها وتنهبها مافيات السياسية لذلك نعود للمربع الأول، ونكرر أن قرار التغيير بيد الشعب العراقي والانتخابات آتية.

■ يحكى عن دور سياسي للحشد في الفترة المقبلة، يبلغ حد تسلّم الحكم من الطبقة السياسية الحاكمة. ما موقفكم من ذلك؟

المعركة في العراق
وسوريا واحدة والسفارة
الأميركية تحارب الحشد

عندما توحدت فصائل المقاومة مشكلة الحشد الشعبي كان الهدف حماية العراق ومحاربة الارهاب من منطلق التكليف الشرعي والأخلاقي والوطني فلا طموح لدينا بمكاسب أو استحقاقات سياسية على الإطلاق، ونفتخر بأننا حققنا أهدافنا بإخلاص. العمل العسكري شيء والسياسي شيء آخر له مقدماته وموجباته، أما بالنسبة إلينا كحركة النجباء فقرارنا ألا نتصدى للعمل السياسي في هذا المرحلة وخصوصاً أن العراق يحكم وفق نظام سياسي بعيد كل البعد عن عقيدتنا وتطلعاتنا.

سوريا

■ أعلنتم أخيرا فتح باب الاستقطاب للقتال في سوريا، هي تباشير مرحلة جديدة؟ مع العلم أنكم الفصيل العراقي الوحيد الذي لم يسحب معظم مقاتليه بعد سقوط الموصل.
صحيح كان ذلك الإعلان باعتبار القرار ببدء مرحلة جديدة من عمليات التحرير، لذلك وجب علينا رفع عديد قواتنا فأعلنا استقبال المجاهدين الراغبين بالتطوع لإرسالهم إلى معسكرات التدريب وتأهيلهم للمشاركة في الجبهة السورية.

■ معارك طاحنة تشاركون فيها وتقودون بعضها لتأمين شمال سهل الغاب، أهميّة المعركة حتمت عليكم حضوركم شخصيا عند حدود تلال الجب معقل أحرار الشام، ما أخبار المواجهات بالتفصيل ودوركم فيها؟
بعد اتساع دور حكومة الإخوان التركية في المناطق الشمالية لسوريا بتوجيه وإشراف من الكيان الصهيوني، تولّت الاستخبارات الدعم والحضور المباشر في تلك المناطق من خلال ما يسمى أحرار الشام، وهي عبارة عن مجموعة إرهابية تديرها الاستخبارات التركية، هذه المجموعة تحاصر إخوتنا في كفريا والفوعة الذين ليس لهم أي ذنب في معادلة المعركة، وكذلك يحاولون الاقتراب من اللاذقية، وهذا تخبط من قبلهم ومن أسيادهم الأتراك ونحن بدورنا ومن معنا من الحلفاء لن نسمح بحدوث هذا الأمر ولو كلفنا هذا الكثير من الدماء.
أما عملياتنا في سهل الغاب، فقد حققت إنجازات كبيرة قمنا خلالها بتحرير التلال المطلة على السهل وتأمينها وتطهير أغلب المناطق والقرى المحاذية لهدف مرحلي يؤمن خطاً لحماية مدينة اللاذقية من خطر الهجمات المعادية وقطع وإعاقة خطوط إمداد العدو من الحدود التركية غرباً الى حماة شرقاً، وما زالت العمليات مستمرة وسيعلَن التحرير الكامل والتفاصيل بعد انتهاء العمليات. ونود التنويه أن قواتنا في سوريا اليوم تقاتل في محورين، محور حلب ومحور سهل الغاب.

■ أشعلت أحرار الشام أيضا في ريف حلب الشمالي جبهة باشكوي كورقة اضافية مقابل الزبداني، وهي التي خضتم فيها اضافة لعرب سلوم وحردتنين معارك أعلنتم فيها عن «14 شهيدا»، ماذا يحدث هناك ولماذا توقفت معارك فك الطوق عن نبل والزهراء؟ وهل هناك تفكير أو خطط لانقاذ كفرا والفوعة؟
المعارك ما زالت مستمرة في حلب وقواتنا موجودة هناك والوضع العسكري لنبل والزهراء مستقر ومقتدر.
أما فتح الطريق لنبل والزهراء، فلا يعني فك الحصار عن هاتين المدينتين فحسب، فإيجاد منطقة وصل ما بين حلب ونبل والزهراء يعني السيطرة على الحدود الشمالية ووضع منطقة عازلة بين تركيا والمسلحين. وهذا دونه عقبات وعراقيل للكثير من الدول الاوربية والعربية، اضافة لتركيا للحيلولة دونه. لذلك نقول ان معركة فك الحصار عن نبل والزهراء معركة بين الجيش السوري بإسناد المقاومة، ومجموعة دول تسير وفق أجندة الكيان الصهيوني الاستعمارية في المنطقة، لكن إصرارنا وعزمنا أكبر من مؤامراتهم وسنهزمهم في القريب العاجل بعونه تعالى.
أما بخصوص كفريا والفوعة فيوجد طرح كامل لحسم الموضوع لا يمكن ذكر تفاصيله حالياً، لكنه حتى اللحظة يسير بالاتجاه الصحيح. (جرت هذه المقابلة قبل إعلان الإتفاق بخصوص البلدتين المحاصرتين).

■ لديكم لواء يقاتل في سوريا ولواءان في العراق ما هو تعداد تلك الألوية، وما عدد مقاتليكم ضمن الحشد رسميا؟
بحسب السياقات التي نعمل بها يتكون اللواء من أربعة آلاف مقاتل، لكن المرونة التي نعتمدها في اسلوبنا تجعل الأعداد تجعل الأعداد متفاوتة أحياناً معتمدين على حاجة المعركة، نوعها وحاجة محور ما لتلك الأعداد من عدمها. لذلك فإن ألوية النجباء الثلاثة تتكون من الكوادر الإدارية، الاختصاصات الثابتة المتفرغة للعمل الجهادي وقوات التعبئة التي نعتمد عليها للسيطرة على الأعداد المطلوبة في كافة الظروف.
الأمر الآخر، إن كوادر الحركة الذين يديرون القوات والألوية، إضافة لتلك التي في سوريا لم ندخلهم ضمن العدد المحتسب لحركة النجباء في الحشد الشعبي والبالغ أربعة آلاف وسبعمئة، قد جرى تحويل 200 منهم إلى لواء الحشد في تكريت بعد تحريرها بالكامل لكونهم أبناء المدينة نفسها.
اليوم نستطيع القول إن العديد الكلي لحركة النجباء ككوادر، قوات تعبئة، لواء عمار بن ياسر في سوريا واللواءين التابعين للحركة ضمن الحشد الشعبي في العراق، هو ما يقارب الخمسة عشر ألف مجاهد.

■ ما الفرق الجوهري بين الجبهتين (السورية والعراقية) وما أهم التحديات في كل منهما؟

لا فرق جوهريا بين هاتين الجبهتين إلا من الناحية الجغرافية وطبيعة الأرض، والسبب الرئيسي أن من يدعم ويقف خلف هذه المجاميع واحد وهو الإستكبار العالمي المتمثل في الثالوث الأميركي الصهيوني البريطاني وأذنابهم من بعض العرب والأتراك.

■ ضمن ظروف قتالكم في سوريا هل ترون إمكانية لطرح مشروع تنسيق عالي بين العراق وسوريا في مجالات الامن والاقتصاد والثقافة والسياسة الخارجية؟ وما معوقاته حالياً؟

نحن نعتقد أن المعركة في سوريا والعراق واحدة، ومن الخطأ تجزئتها وتقسيمها، فأي انتصار في سوريا هو انتصار للعراق، والعكس صحيح، لذلك نأمل من الحكومتين العراقية والسورية إدراك هذا وتوحيد الجهود ليس على المستوى العسكري فحسب، بل على كل المستويات الأخرى أيضا.






مجاهد من العراق


ولد الشيخ أكرم الكعبي عام 1977، وهو تتلمذ في العلوم الشرعية على يد الشهيد السيد محمد صادق الصدر. أكمل، في حوزة النجف الأشرف، «المقدمات والسطوح» وحضر البحث الخارج، وكان امام مدينة المسيّب الفراتية الواقعة جنوب بغداد. تنقّل الشيخ أكرم بين سجون «الأحكام الخاصة» في عهد صدّام حسين، قبل أن ينخرط في المقاومة اثر الغزو الأميركي. كانت له مسؤوليات قيادية في «جيش المهدي» خلال معركة النجف الثانية (2004)، ثم تابع دورات في العلوم العسكرية والادارة الاستراتيجية قبل أن يشارك في تأسيس المقاومة الاسلامية - عصائب أهل الحق، التي صار أميناً عاماً لها خلال اعتقال رفيق دربه وصديقه، الشيخ قيس الخزعلي. عاد الشيخ الكعبي لمتابعة علومه الدينية مبتعداً عن العمل العسكري المباشر حتى انطلاق أحداث سوريا عام 2011، حيث كان في مقدمة المقاتلين في حركته الوليدة، «حركة حزب الله النجباء»، في جبهات حلب وغيرها.