استبق بنيامين نتنياهو، لقاءه المرتقب غداً مع باراك أوباما، بإعلان توسيع صلاحيات لجنة تقصّي الحقائق الإسرائيلية في مجزرة «أسطول الحرية». خطوة تزامنت مع الكشف عن استمرار الأخذ والردّ بشأن لقاء داوود أوغلو وبن أليعازر
محمد بدير
صدّقت الحكومة الإسرائيلية، أمس، على توسيع صلاحيات لجنة «تيركل» الموكل إليها التحقيق في الاعتداء على سفينة «مرمرة» التركية. وأعلن مكتب رئاسة الوزراء أنّ الصلاحيات التي تضمّنها قرار الحكومة «تتعلق باستدعاء الشهود (للتحقيق معهم) وإلزامهم بالإدلاء بشهاداتهم تحت القسَم»، مشدّداً على أنّ «القرار لا يسري على جنود الجيش، ويحفط استقلال مؤسسة التحقيق العسكرية».
ومع القرار الجديد، تحوّلت لجنة تيركل إلى لجنة فحص حكومية وفقاً للمادة 8/ أ من قانون أساس الحكومة، الأمر الذي يتيح لها أيضاً طلب الحصول على أدلّة من أيّ نوع، وإصدار إنذارات قضائية. وبهذا، تكون اللجنة قد تحوّلت إلى لجنة شبيهة بـ «لجنة فينوغراد»، التي حقّقت في إخفاقات عدوان تموز.
وجاء توسيع صلاحيات اللجنة بناءً على طلب رئيسها، يعقوب تيركل، الذي طالب أيضاً بزيادة عضوين إلى عدد أعضائها الخمسة، وهو ما لم يتطرّق إليه قرار الحكومة. وبحسب تقارير إسرائيلية، فإنّ أحد أسباب عدم تجاوب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مع طلب توسيع نصاب اللجنة، هو صعوبة العثور على مرشحين يمتلكون خبرة في القانون الدولي، على أن يُصار إلى بحث هذا المطلب لدى توافر أشخاص يتمتعون بهذه المواصفات.
ومن المقرّر أن تستأنف اللجنة نشاطها بعد عودة «بيبي» من زيارته المقررة إلى الولايات المتحدة، أي بعد نحو عشرة أيام، حيث سيكون هو أول من يدلي بشهادته أمامها.
وحرص بيان مكتب نتنياهو على الإشارة إلى أنه «وفقاً لرأي الحكومة، فإنّ الصلاحيات التي جرى تحديدها في قرار الحكومة الصادر يوم 14 حزيران كانت كافية لتمكين اللجنة من القيام بمهمّتها. لكن بعد الأخذ بعين الاعتبار طلب رئيس اللجنة، تقرّر السماح لوزير القضاء بمنح اللجنة الصلاحيات المطلوبة».
ويقضي القرار الجديد بمنع التحقيق مع عناصر الجيش، باستثناء رئيس هيئة أركان الجيش، غابي أشكينازي. وجاء في نص القرار «بالنسبة إلى فحص العمليات العسكرية التي جرى اتخاذها لفرض الحصار البحري في 31 أيار من عام 2010، فقد تقرّر أنّ عناصر الجيش وقوات الأمن الأخرى، الذين يُفترض أن يشرحوا رؤيتهم لما حصل في إطار التحقيق العسكري، لن يُستدعوا لتقديم شهادتهم أمام اللجنة».
وكان نتنياهو قد أعلن في مقابلة تلفزيونية، يوم الجمعة، رفضه تقديم الاعتذار لتركيا لأنّ «جنودنا اضطروا إلى الدفاع عن أنفسهم أمام حشد كاد يذبحهم». كما نفى صحة الأنباء التي تحدثت عن احتمال أن توافق تل أبيب على تعويض عائلات القتلى الأتراك الذين قضوا في المجزرة.
في هذا الوقت، تواصل تسريب بعض ما تخلّله لقاء بروكسل بين وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، ووزير الصناعة والتشغيل الإسرائيلي بنيامين بن أليعازر. ونقلت صحيفة «حرييت» التركية، في عددها الصادر يوم السبت، عن مصادر دبلوماسية تركية، أنّ الجانب التركي تقدّم بخمسة مطالب خلال اللقاء، وأعاد التأكيد عليها، وهي المطالب نفسها التي رفعتها أنقرة بُعيد الاعتداء على «أسطول الحرية»، وهي تقديم اعتذار إسرائيلي رسمي، وتقديم تعويضات لأسر الضحايا، وقبول تأليف لجنة تحقيق دولية، ورفع الحصار عن غزة، وإعادة السفن الثلاث التي لا تزال الدولة العبرية تحتجزها منذ 31 أيار الماضي.
وأضافت المصادر إنّ بن أليعازر وجّه خلال اللقاء 4 رسائل إلى الجانب التركي، أولاها أنّ إسرائيل تعرب عن أسفها جراء فقدان حياة المواطنين الأتراك التسعة، والثانية أنّ تل أبيب توصلت إلى حقيقة أنّ عدداً من القتلى لهم صلة مباشرة مع حركة «حماس»، لذا لا يمكن تقديم تعويضات لعائلات جميع الضحايا، «ومن الممكن فقط تقديم تعويضات لعائلات الضحايا الذين لا ارتباطات لهم مع حماس».
أمّا الرسالة الإسرائيلية الثالثة، فكانت أنّه «إذا رغب الجانب التركي، فبإمكان إسرائيل أن تزوّده بمعلومات موسّعة عن بنية لجنة تيركل ومهمّاتها، مع التأكيد على تفهّم الإصرار التركي على تأليف لجنة دولية، لكن يجب منح الفرصة للجنة التحقيق الإسرائيلية، وإسرائيل تعتقد أنّ تركيا ستمنحها هذه الفرصة».
وفي ما يتعلق بالرسالة الإسرائيلية الرابعة، فأوضحت المصادر أنها تفيد أنّ دولة الاحتلال ترغب في الاستمرار في الحوار مع أنقرة من خلال فتح الطرق الدبلوماسية لمناقشة جميع المواضيع العالقة.
على صعيد آخر، جدّدت الحكومة التركية، باسم وزير الدولة، كبير المفاوضين في محادثات الانضمام للاتحاد الأوروبي، إيغمن باغيش، تشديدها على أنّ مستقبل العلاقات التركية ـــــ الإسرائيلية «يتوقّف على الخطوات التي ستقوم بها إسرائيل». ونقلت وكالة أنباء الأناضول الحكومية عن باغيش قوله إنّ على إسرائيل أن تفكّر في ما إذا كانت تريد أن تخسر تركيا أم لا، مطمئِناً إلى أنّ بلاده لا تريد أن تخسر إسرائيل.
وفيما قال باغيش إنه «أحياناً يتساءل ما إذا كانت إسرائيل حقاً تريد السلام أم لا»، أشار إلى أنّ الدول لا يمكنها أن تحقّق السلام من خلال إذلال الناس. وكشف، في الوقت نفسه، أنّ عائلات الشهداء الأتراك «يتوقعون اعتذاراً من إسرائيل». كما أصرّ على أنّ بلاده تريد أن تضمن عدم تعرّض السفن المدنية للهجوم في المياه الدولية.
ثمّ كرر باغيش موقف حكومته عن أنّ الحصار على قطاع غزة غير قانوني، بما أنه لا وجود لأيّ قرار دولي بهذا الشأن.