يهود يمينيّون يستبيحون المدينة بحماية الشرطةفراس خطيب
المواجهات التي اندلعت في مدينة أم الفحم في المثلث الفلسطيني داخل الخط الأخضر، أمس، هي صورة مصغرّة عن واقع أكبر. يمينيون متطرفون، بينهم أعضاء كنيست منتخبون، يقرّرون دخول مدينة أم الفحم العربية لـ«التظاهر ضد الحركة الإسلامية». القصد من الزيارة استفزازي ونواياه معلنة. فقد صرَّح منظمو «التظاهرة» أنَّهم يريدون أم الفحم ـــــ التي يسكنها أكثر من 50 ألف فلسطيني ـــــ يهودية. ومع هذا، وباسم «الديموقراطية والليبرالية»، سُمح لهم بالدخول، علماً بأنَّ أهل المكان الأصليين لن يستقبلوهم بالورود. سيتصدون لهم، وهكذا حصل. وهكذا أيضاً توقعت الشرطة التي أعلنت منذ أول من أمس حالة التأهب في أم الفحم وعلى امتداد وادي عارة في المثلث.
دخل اليمينيون بمعيّة أكثر من 1500 شرطي إسرائيلي مدججين بـ«وسائل قمع التظاهرات»، يحمونهم من «شغب العرب». إنَّها الصورة ذاتها تتكرر، حين تمنح المؤسسة الإسرائيلية للمتطرفين مساحة للتطرف والاستفزاز كما يشاؤون، وتوفّر لهم الحماية الكاملة، وفي نهاية اليوم، وفي ذلك القاموس الغريب، يصبح ضحايا الاستفزاز «مشاغبين»، ويعتقل جزء منهم بشبهة «إلقاء الحجارة».

جُرح عدد من الأهالي، بينهم النائبان عفو اغبارية وحنين زعبي، واعتقال 9
القصة بدأت عند صباح الأربعاء، حين وصلت الحافلة التي تحمل اليمينيين المتطرفين من القدس المحتلة إلى مدينة أم الفحم للتظاهر قبالة مكاتب الحركة الإسلامية الشمالية، رافعين شعارات ضد الفلسطينيين في الداخل، وضد مدينة أم الفحم والحركة الإسلامية الشمالية التي يرأسها الشيخ رائد صلاح. أحاطت الشرطة بمكان تظاهرة اليمينيين وفصلتهم عن تجمهر أهالي المدينة. لكنَّ المواجهات كانت حتمية بين الشرطة والأهالي. وقد ألقى المتظاهرون الحجارة باتجاه اليمينيين ومن يحميهم من قوّات الأمن. من بعدها، أطلقت الشرطة الإسرائيلية الغاز المسيِّل للدموع، والقنابل الصوتية وغيرها من وسائل «تفريق التظاهرات».
اشتدت المواجهات. وخلالها، كشف أهالي أم الفحم عنصرين من وحدة «المستعربين» كانا بين المتظاهرين، واشتعل المشهد أكثر. وقالت وسائل إعلام عبرية إنَّ أحد المستعربين قد أصيب بجراح ووضعه ليس معروفاً. وأدَّت المواجهات إلى جرح عدد من الأهالي واعتقال تسعة من الشبّان أيضاً. وقد أصيب النائب عفو اغبارية، ابن المدينة، بجراح برجله إثر انفجار قنبلة صوتية، كما أصيبت النائبة حنين زعبي بجراح إثر تعرضها لرصاص مطاطي، فنُقلت للعلاج. المقربون من حنين متأكدون أنَّ قوات الأمن استهدفتها شخصياً.
وفي حديثها، قالت زعبي «نحن لم نكن في مواجهة زمرة من الفاشيين العنصريين، ولم نكن مهددين فقط منهم، بل إن التهديد العيني والأخطر والمباشر كان من أفراد الشرطة، الذين أتوا بمخطط مبيَّت وواضح يهدف إلى إصابة المتظاهرين العرب إصابات مباشرة». وأضافت أن «إطلاق الرصاص المطاطي لم يكن نتيجة لتطور تلقائي للمواجهات، إنما استخدم منذ البداية، ومن دون أي سابق إنذار أو مبرر، ما يدل على أن الشرطة قصدت توجيه رسالة تقول فيها إنها تواصل معاقبة العرب في وقفات الدفاع عن أنفسهم». كذلك أشارت إلى أن الشرطة توافق اليمين العنصري وتتبنى أفكاره السياسية كلها، وهي بذلك «أخطر من اليمين لأنها تملك شرعية العنف، وهي تمارسه على العرب في كل فرصة تراها ممكنة».
عاد المتطرفون المستوطنون من حيث أتوا. اعتلوا الحافلة بمعية الشرطة أيضاً وغادروا. وبدل انسحاب شرطة الاحتلال، هاجمت المتظاهرين بعنف واعتقلت ثمانية منهم لتشتد المواجهات أكثر. وقال المتحدث باسم الحركة الاسلامية، زاهي نجيدات، إن باروخ مارزل (أحد منظِّمي الاعتداء) هو «مبعوث المؤسسة الإسرائيلية لجس نبض أهلنا في الداخل الفلسطيني بهدف الإعداد لسيناريوهات الترحيل المستقبلي لأهل الداخل».

الاعتداء هو ترجمة لشعار: «إذا تنازلنا عن أم الفحم فإننا نتنازل عن تل أبيب»
اليمينيون ليسوا على هامش الخريطة السياسية الإسرائيلية. تحريضهم على العرب وقياداتهم وتاريخهم ينمو ويكبر أكثر من أي وقت مضى. عندما كان مارزل، منظم «التظاهرة»، يقول لوسائل الإعلام «إذا تنازلنا عن أم الفحم فإننا نتنازل عن تل أبيب»، كان اليمينيون يهتفون من ورائه «الموت للمخربين» و«أم الفحم يهودية».
لا تعبّر هذه التظاهرة وحدها عن الحراك المعادي للفلسطينيين في الداخل. فالواقع كله يظهر هذه الحقيقة، وخصوصاً من خلال القوانين العنصرية التي تتخذ في الكنيست (آخرها قانون الولاء لإسرائيل دولة يهودية ديموقراطية). ولفت عضو الكنيست ميخائيل بن أري أنّ الحركة الإسلامية «جزء من الإرهاب العالمي والقاعدة».
مدينة أم الفحم كانت عرضة لاستفزاز اليمينيين في السابق أيضاً. ففي آذار 2009، دخلت المجموعة نفسها إلى المدينة لـ«فرض العلم الإسرائيلي» بتصريح من المحكمة العليا وتحت حماية أكثر من 2500 شرطي. حينها اندلعت مواجهات عنيفة طبعاً، أدَّت إلى وقوع جرحى ومعتقلين. وفي حينها، دخل المتطرفون إلى المدينة لبضع دقائق فقط، لكن المواجهات استمرت لساعات بعد انصرافهم.
ولم تتأخّر حركة «حماس» في إدانة الاعتداء على أم الفحم، داعيةً السلطة الفلسطينية إلى «إعلان انسحابها فوراً» من المفاوضات مع إسرائيل. وقال المتحدث باسم الحركة، فوزي برهوم، في بيان، إن «ما يجري في أم الفحم من هجوم صهيوني متطرف تحت حماية جنود الاحتلال هو استهداف صهيوني عنصري للوجود الفلسطيني على أرضه»، مضيفاً أنّ ذلك يمثّل «استفزازاً واضحاً لمشاعر الشعب الفلسطيني الذي يدافع عن أرضه وحقوقه».


صفقة مخّول وقال المحامي أفيغدور فيلدمان، الذي يدافع عن مخول، «بالنسبة لمحامي الدفاع، فإن في أساس الموافقة على الصفقة، العقوبة التي حُدّدت رغم الاعتراف، ومن الواضح أن لائحة الاتهام التي تنص على أن المتهم لم يمرر معلومات مميزة معلومات معروفة للجميع، وثالثاً هو قطع الاتصال مع العميل من المنظمة المعادية». وقال مخول، لدى دخوله إلى قاعة المحكمة المركزية في حيفا، إن «القصة لم تنته وسأقول ما لدي». وتابع «لكن في الأجواء السائدة في البلاد، وبعد مشاورات مع عائلتي ومحاميّ، قررت الموافقة على صفقة الادعاء». وأرجأ قضاة المحكمة النظر في موضوع العقوبة إلى الخامس من كانون الأول المقبل.
(يو بي آي)