تصل آثار العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزّة إلى الطلبة الغزيين في الجامعات السورية. من بين هؤلاء من عادوا خلال العطلة السنوية في الصيف لقضاء إجازاتهم بين أهلهم، إلا أن بعضهم لم تسنح ظروفهم بالعودة، وثمة طلبة مستجدّون لم يتمكنوا من القدوم إلى سوريا بسبب إغلاق معبر رفح. يعيش طلبة غزة في سوريا قلقاً على ذويهم، وذلك مع فقدان التواصل وعدم وجود أمكنة آمنة في القطاع، حيث يشنّ الكيان الإسرائيلي حربه الهمجية بمنهجية تدميرية. عوض أبو دقة، طالب الدكتوراه والمحاضر في كلية الإعلام بجامعة دمشق، استشهد مئة فرد من عائلته جميعهم مدنيون، يقول لـ«الأخبار»: «جئت إلى دمشق قبل عامين واليوم أعيشُ قلقاً كبيراً على أهلي، ولا سيما أنهم تشتّتوا وانقطعت الاتصالات معهم بفعل القصف العشوائي. صحيح أنني موجود جسداً في دمشق، لكنّ روحي مع أهلي في غزة وهذا بلا شك انعكس على كل حياتي التي أصابها الشلل».
أحد أفراد عائلته هو مصوّر قناة «الجزيرة» الشهيد سامر أبو دقة، الذي ارتقى ضمن عشرات الشهداء من الصحافيين، يعلّق أبو دقة على تقديم منسّق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، التعازي لعائلته باستشهاد سامر، بالقول: «هذه التعازي غير مقبولة، وهي كذب مفضوح، وكما نقول بالعامية: يقتلون القتيل ويمشون في جنازته». في المقابل، ما يعزّي أبو دقة أن له في سوريا «أصدقاء ومعارف وطلبة يتصلون بي يومياً للاطمئنان على أهلي، وهذا بدون شك يخفّف عني شيئاً من التوتر والقلق عليهم».
لا يختلف الحال لدى الطالب محمد أبو شمالة الذي يدرس في جامعة دمشق: «استشهد 48 شخصاً من عائلتي وفقدت الاتصال مع الأهل والأقارب. أعيش وضعاً نفسياً واقتصادياً صعباً جداً، ولا أستطيع دفع رسوم التسجيل في الجامعة للعام الدراسي الجديد بسبب عدم تمكّن من بقي لي من عائلتي أحياء من إرسال المال اللازم، وأنا الآن أعمل في عمل متواضع لتأمين قوت اليوم فقط». يضيف: «لست يائساً، سأصبر وأواصل تحصيلي العلمي، وأناشد اتحاد طلبة فلسطين في سوريا، وكل المسؤولين الفلسطينيين وأصحاب الضمائر الحرة في العالم تقديم الدعم والمساعدة لي ولكل طلبة غزة وللطلبة الفلسطينيين بشكل عام في فلسطين وخارجها، بهدف استمرار مسيرتنا في التحصيل العلمي لمواجهة حرب الإبادة التي يشنّها العدو».
يوضح رئيس اتحاد الطلبة الفلسطينيين في سوريا، باسل أبو الهيجاء، لـ«الأخبار»، أنه «يوجد في الجامعات السورية طلبة من الأراضي المحتلة، ومن غزة تحديداً، غادر بعضهم في فترة العطلة الصيفية عائدين إلى عائلاتهم، وهم حتى الآن لم يتمكنوا من الالتحاق بمقاعدهم الدراسية في الجامعات بسبب الاعتداء الصهيوني وإغلاق معبر رفح». والحال ذاته «بالنسبة إلى الطلبة الراغبين بالتسجيل الجامعي في سوريا من المستجدّين الذين نجحوا في الثانوية العامة».
هؤلاء الطلبة، يضيف أبو الهيجاء، لن تكون لديهم «فرصة للتسجيل كون التسجيل الجامعي للمستجدّين قد انتهى الوقت المخصّص له وهم لم يستكملوا تسجيلهم».