هل القرار 1701 لمصلحة لبنان فعلاً؟

صدر القرار 1701 عن مجلس الأمن في 11 آب 2006 بهدف انهاء الحرب بين العدو الإسرائيلي والمقاومة الاسلامية في لبنان، ونص على احترام الجانبين للخط الأزرق، و»اتخاذ ترتيبات أمنية لمنع استئناف الأعمال القتالية، والتنفيذ الكامل للأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف والقرارين 1559 (2004) و1680 (2006)”، وإنشاء منطقة بين «الخط الأزرق» ونهر الليطاني “خالية من أي أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة، بخلاف ما يخص حكومة لبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان”.
من يضمن التزام إسرائيل؟
تعتبر أطراف سياسية عدة القرار 1701 لمصلحة لبنان ومفتاحاً للسلام في المنطقة. لكن اللافت أن إسرائيل أيضاً تطالب بتنفيذه، وهذه سابقة في تاريخ الكيان المؤقت الذي لم يطبّق أي قرار أممي منذ عام 1948. فالقرار، إذا طُبّق كما هو، سيكون بالتأكيد لمصلحة إسرائيل. إذ إن الكيان الصهيوني يسعى إلى نزع السلاح المقاوم وجعل المنطقة الحدودية خالية من أي وجود للمقاومة. في الوقت نفسه، خلت بنود القرار من أي آليات محدّدة لمنع أي انتهاك من قبل العدو الإسرائيلي. والسؤال هنا: إذا واصلت إسرائيل خرق الخط الأزرق وتوغلت في المناطق الحدودية، من سيضمن سلامة القرى اللبنانية المتاخمة لحدود فلسطين المحتلة؟

ضمانات التنفيذ الكامل
من الثابت أن مجلس الامن لن يستطيع تعديل القرار ليصبح تحت الفصل السابع، نظراً إلى وجود دول لديها حق الفيتو. فما هي الضمانات المتوافرة بيد الدولة اللبنانية لتطبيق القرار بما يضمن مصلحة لبنان وحمايته من أي اعتداءات إسرائيلية مستقبلية؟ لذلك، لتطبيق القرار 1701 على نحو يخدم مصلحة لبنان واستعادة سيادته الكاملة على أراضيه، ينبغي:
أولاً، تسليح الجيش اللبناني تسليحاً مناسباً لحماية الحدود الجنوبية في مواجهة اي خروقات إسرائيلية. إذ لا يكفي أن يتلقى الجيش معونات وهبات من الدول المختلفة، بل ينبغي أن تخصص له ميزانية استثنائية للقيام بواجبه الوطني في وجه العدو الصهيوني. وعلى الحكومة اللبنانية أن تمارس سيادتها وحقها في الدفاع المشروع عن لبنان، بتجهيز الجيش وتزويده بأسلحة وذخائر دفاعية تتناسب مع حجم التهديدات الإسرائيلية العدوانية.


ثانياً، إقامة منطقة منزوعة السلاح متاخمة للحدود اللبنانية تتراجع فيها إسرائيل عدة كيلومترات لانشاء منطقة منزوعة السلاح مساوية للمنطقة المنزوعة السلاح على الجانب اللبناني، وأن تنتشر قوات اليونيفيل على جانبي الحدود لرصد اية انتهاكات من جانب العدو الإسرائيلي. إذ لا يمكن أن تُفرض منطقة منزوعة السلاح على جانب واحد من دون أن يُطلب من الطرف الآخر الامر نفسه.
ثالثاً، استرجاع الأراضي اللبنانية المحتلة، والتي تضم القرى السبع (ابل القمح، تربيخا، صلحا، قدس، هونين، المالكية والنبي هوشع)، والنقاط الـ 13 التي تحفّظ عليها لبنان لدى ترسيم الخط الأزرق عام 2000، وتقدر مساحتها بأكثر من 485 ألف متر مربع، إضافة إلى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

هل يحمي القرار من الاستيطان؟
جنوب لبنان، بحسب سردية العدو التوراتية المُحرفة، يمثل شمال الجليل. وقد أطلق الصهاينة الإسرائيليون حركة تهدف إلى الاستيطان في جنوب لبنان كجزء من “إسرائيل الكبرى”. وحظيت هذه الدعوات بدعم أعضاء في الكنيست وبادرت شركات استثمارية بالإعلان عن مشاريع للاستيطان في جنوب لبنان. وخطورة هذا الطرح أن خطط الاستيطان في الضفة الغربية بدت قبل 50 عاماً غريبة، إلا أنها تحققت رغم اتفاقات أوسلو والدعوات المتكررة لاقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967، ورغم مخالفتها للقانون الدولي وتنديد الأمم المتحدة. لذلك، لا ينبغي استغراب ما تطرحه الحركات الاستيطانية نفسها في شأن الجليل الشمالي (جنوب لبنان)، والذي قد يتحول إلى واقع يوما ما. فهل القرار 1701 قادر على حماية الجنوب اللبناني من الاستيطان الصهيوني؟ سؤال يوجه لمن يريد نزع سلاح المقاومة.
* أستاذة في القانون الدولي

الأكثر قراءة

محتوى موقع «الأخبار» متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي 4.0©2025

.يتوجب نسب المقال إلى «الأخبار» - يحظر استخدام العمل لأغراض تجارية - يُحظر أي تعديل في النص، ما لم يرد تصريح غير ذلك

صفحات التواصل الاجتماعي