بيت لحم | دخل الرئيس الأميركي باراك أوباما مدينة بيت لحم في الضفة الغربية المحتلة، آتياً من القدس المحتلة، أمس، عن طريق المدخل الشمالي لمدينة المهد، أو ما يعرف عبرياً بطريق «300». لم تستلزم طريقه سوى بضع دقائق بما أن الحواجز فُتحت له وأُفرغت من أجله الشوارع من كل دابّة وسيارة، لكن هذه ليست حال اصحاب الأرض، الذين لا يستطيعون المرور بهذه الطريق، بما أنها مغلقة باستمرار في وجوههم، ويحتاجون الى تصريح خاص من المحتل كي يمرّوا بها.
ولو فكر الرئيس أوباما في القدوم إلى بيت لحم عن طريق مدينة رام الله، فإنه لن ينفق من الوقت أكثر من 25 دقيقة، إن لم يكن أقل من ذلك، للوصول إلى أية نقطة في بيت لحم، لكن كيف ستكون طريق الفلسطينيين لو فكروا في الوصول إلى بيت لحم عن طريق رام الله أو العكس؟

عاطف لويس، موظف في إحدى الشركات التجارية في رام الله. لكنه يسكن مع عائلته في بيت لحم، ما يضطره إلى الذهاب والعودة يومياً من بيت لحم إلى رام الله وبالعكس. يقول لـ«الأخبار» إنه يترك منزله صباح كل يوم عند السادسة والنصف صباحاً، كي يستطيع اللحاق بسيارات الأجرة المتجهة من بيت لحم إلى رام الله، على أمل الوصول إلى عمله قبيل الثامنة بقليل، موعد بدء دوامه.

بمجرد أن يغادر منزله، يتوجه لويس الى المحطة المركزية وسط بيت لحم. ثم يتوقف للمرة الأولى عند الحاجز العسكري الإسرائيلي الأول المسمى «الكونتينر»، عند المدخل الجنوبي الشرقي للمدينة. وإن كان المزاج العام لجنود الاحتلال مقبولاً، لا يتعطل كثيراً، ويواصل سيره مخترقاً الطريق الخطرة المسماة «وادي النار»، وصولاً إلى بلدة العيزرية على أطراف القدس المحتلة، أي من أمام مستوطنة «معاليه أدوميم»، حيث تكون مرابطة عادة سيارة عسكرية لـ«حرس الحدود والشرطة الإسرائيلية».

يقول لويس إن مثل هذه الحواجز المعروفة باسم «الطيارة»، هي الكابوس الحقيقي للمسافر من جنوب إلى وسط أو شمال الضفة الغربية، لأن جنود أو شرطة الاحتلال، كثيراً ما يقومون باحتجاز ركاب سيارات الأجرة، تارة بحجة فحص الهويات، وتارة أخرى بحجة التأكد من أوراق السيارة.

بعد الانتهاء من هذه المنطقة، يقول سائد عبد الله، وهو زميل لعاطف في السفر اليومي من بيت لحم إلى رام الله: «نتجه إلى الطريق المعروفة بطريق الكسارات لوجود الكثير من كسارات الحجارة على جانبيها، وصولاً إلى قرية حزما الفلسطينية، ونعبر بعدها طريقاً التفافياً يحيط بالقدس المحتلة، ويُشاهد خلال الرحلة مسار المستوطنات التي تلتهم أراضي مدينة القدس ومحيطها، للوصول إلى حاجز جبع العسكري، وهو الحاجز الأخير قبل الوصول إلى معبر قلنديا، حيث مدخل مدينة رام الله».

ويضيف سائد «لو تجاوزنا حاجز جبع العسكري، فإننا سنسير بضع دقائق قبل الوصول إلى منطقة معبر قلنديا، وهناك سنصطدم بكارثة أخرى، حيث الازدحام الشديد الذي يرافق وصول آلاف المواطنين والموظفين من الجنوب والشمال إلى محافظة رام الله والبيرة، كل صباح ومساء، تحت أعين قوات الاحتلال التي تستمتع بتعذيب وإهانة الفلسطينيين».

هذه هي معاناة طريق الذهاب إلى رام الله، أما طريق العودة، فقد تكون أصعب من ذلك بكثير، وقد تستلزم من الوقت ساعتين ان لم يكن أكثر. والأمر مرتبط بمزاج جنود الاحتلال أولاً، والحواجز الطيارة ثانياً، إضافة الى ازدحام المرور ساعة الخروج من مدينة رام الله، والدخول إلى بيت لحم، أو محافظات شمال الضفة.

لعلّ الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي أُخليت الساحات وفُرشت بالسجاد الأحمر لاستقباله، لا يعرف هذه التفاصيل في المعاناة اليومية للمواطنين الفلسطينيين، لكن ولو علم بذلك، فإنه بالتأكيد لن يأبه.