مصر بمواجهة العجز: مزيد من الشِحاذة
يتحدّث السيسي عن بداية تلمّس آثار الإصلاح الاقتصادي، لكنّ الواقع لا يبدو داعماً لتلك الآمال. إذ إنّ تزايُد القروض على الحكومة في السنوات الماضية، سيجعل سدادها بفوائدها يلتهم نحو 40% من موازنة العام المالي المقبل (تبدأ السنة المالية في 1 تموز)، ما سيضطرّ السلطات لطلب مزيد من القروض، مع الاستمرار في سياسة ترشيد الدعم وتخفيض قيمته. ويبرز هذا الخطر في وقت لا يَظهر فيه أنّ الدولة تملك رؤية واضحة للتعامل مع المتغيّرات القائمة، وهو ما يدلّ عليه مشروع وزارة المالية للعام المالي المقبل، والذي أبقى على متوسط سعر برميل خام برنت عند 60 دولاراً، فضلاً عن الضبابية في كيفية التعامل مع عجز الموازنة. وبحسب مصادر مطّلعة تحدّثت إلى «الأخبار»، فقد كُلّف وزير المالية، محمد معيط، بمعالجة ذلك الخلل عبر عدّة سيناريوات، تتضمّن قروضاً بأشكال مختلفة، إضافة إلى عائدات عمليات طرح الشركات الكبرى التي تمتلكها الدولة.
وفي هذا الإطار، تكشِف المصادر أنّ الحكومة ستسرّع في برنامج الطرح المتعثّر منذ عامين، رغم أنها ستضطرّ أحياناً للتقييم بسعر أقلّ من السعر المستهدَف. كما ستقود تحرّكات على مستوى سياسي عالٍ من أجل الحصول على مِنح واستثمارات خليجية، علماً أنها لم تنجح حتى الآن في زيادة الاستثمارات التي لا تتجاوز في أفضل الأحوال 18% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما لا تزال تُسجّل عجزاً واضحاً في الموازين التجارية مع معظم الدول التي تجمع بينها وبين مصر تكتّلات اقتصادية، فضلاً عن إخفاقها في استيعاب عدد أكبر من الشباب الخرّيجين في سوق العمل، وهو ما أدى إلى زيادة نسبة العاطلين، توازياً مع استمرار تراجع القدرة الشرائية عند المواطنين. أمّا «الكارثة الحقيقية في التعامل مع الأوضاع الاقتصادية الحالية»، فهي، وفق المصادر نفسها، «مرتبطة باعتماد الاقتصاد المصري على عائدات القطاع السياحي بشكل رئيس»؛ إذ على رغم ارتفاع تلك العائدات في الأشهر الماضية، إلّا أنّ خطر تراجعها نتيجة أيّ حادث بسيط، يظلّ قائماً، ناهيك عن المنافسة العالية التي يواجهها من دول أخرى مثل تركيا.