رغم كونها خيالية، ملوّنة، مغامرة. فإن رسوم «بيكسار» المتحركة تمس دائماً أعمق النقاط الإنسانية. في كرنفال من المتعة والألوان والموسيقى والضحك، يستكشف فيلم «روح» مشاعر الموت، الحداد، الخسائر، العلاقات الإنسانية وعلاقة البشر، بعضهم مع بعض ومع الحياة. يعكس الفيلم القضايا الوجودية بطريقة بسيطة، ويخلق الموت وما بعد الموت وفق معيار «بيكسار» للوجود. أجزاء الفيلم واضحة، وهناك الكثير من الرموز في جزئه الأخير. إذا كان لدينا في الفصل الأول شخصية في حالة إنكار في مواجهة الموت، ففي الثاني ينتشر جوّ المغامرة بالطريقة المتوقّعة، والفصل الأخير يوحّد كل تفاصيل ما شوهد سابقاً. رغم أنّ «روح» هو جوهر العبارة القديمة المبتذلة «ما يهم هو الرحلة، وليس الوجهة النهائية»، يقدّمها الفيلم بأذكى طريقة ممكنة.تتناسب كليشيهات بطل الفيلم جو (جيمي فوكس)، مع كليشيهات الفيلم نفسه (ليس بالضرورة أن تكون الكليشيهات شيئاً سلبياً، فالفيلم يتعامل معها بطريقة طبيعية لأسباب سردية). «جو» مدرّس موسيقى، حياته دون العادية، يحبّ الجاز ويحلم دائماً بالمشاركة في العروض الحية مع فنانين يكنّ لهم الإعجاب. عندما أتيحت له الفرصة أخيراً لتحقيق هذه الرغبة؛ يموت وتنفصل روحه عن جسده. في هذه المرحلة، يبدأ بالإنكار في مواجهة الخروج النهائي من العالم المادي. يعارض القواعد ويعيد اختراعها عندما تصل روحه إلى مكان غير عادي: مركز خارج الكوكب لتكوين الأرواح الجديدة. هنا يبدأ الفيلم بإثارة أسئلة حول وجهة نظرنا إزاء الموت، ولكن سرعان ما ينتقل السياق إلى سؤال: «هل فعلت في الحياة ما أريده؟ أم أنني عشت فقط في انتظار شيء لم يحدث أبداً؟». وهذا السؤال يلخّص معظم الحبكة. وعند بداية جو بالتساؤل؛ يبدأ المخرج بيتي دوكتر بالتعامل مع النقاط البشرية المذكورة في بداية النص. كل هذا لا يتم إلا بمساعدة شخصية أخرى تمنح الفيلم اتجاهاً جديداً، هي «22» الصغيرة (تينا فاي). روح لم تجد هدفها الحقيقي، وفقدت شغفها لبدء حياة على الأرض.
بمجرد الوصول إلى الفصل الثاني من الفيلم، تتحول الكوميديا الميتافيزيقية إلى لعبة تبادل أجساد (الطريقة التقليدية في الرسوم المتحرّكة للترفيه) كأداة فكاهية رئيسية. منعطف إلى حد ما يطمح لجذب انتباه جمهور الأطفال، وإجراء طبيعي للامتثال لمتطلبات العلامة التجارية «بيكسار/ديزني». رغم أنّ دوكتر وكتّاب الفيلم يدركون عدم الحاجة الكبيرة إلى تقديم خيال أكثر من الواقع، وعند الحديث عن «بيكسار»، فإن الإبداع البصري في إنشاء عوالم ومخلوقات مختلفة له ثقله في النتيجة النهائية؛ إلا أنه في «روح» هناك توازن بين كل شيء. المعالجة البصرية مرة أخرى تنشئ سقفاً تقنياً عالياً جديداً في الرسوم المتحركة، البيئات والشخصيات الثلاثية الأبعاد والثنائية الأبعاد لا تشوبها شائبة. موسيقى الجاز كتبها جون باتيست، ومقاطع الموسيقى الإلكترونية ألّفها ترنت ريزنور وأتيكوس روس، بمساعدة وتزكية من مصمّم الصوت رين كلايس، والذين عملوا جميعاً في استوديوهات «سكايووكر ساوند» العملاقة.
يقدم «روح» في وجودية «جو» وانعدام الأمان عند «22» عناصر للبالغين. ويقدم نصيحة قديمة وترفيهاً مرحباً به للكبار والصغار. طرح فيلم «بيكسار/ديزني» وسط جائحة ابتليت بها البشرية، ليس مصادفة. على الرغم من أنها لا تتعلق بالوباء، تضع القصة في صميمها قضية الموت، والوجود العرضي والمعجزات ومعنى الحياة بحدّ ذاتها.

* Soul على «ديزني +»

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا