على بالي
نوّاف الموسوي مِن ألمع الشخصيّات السياسيّة التي ظهرت على الساحة اللّبنانيّة، وهو حتماً مِن أفضل مَن تحدّث في الإعلام اللّبناني بالنيابة عن الحزب. عرفتُه في منتصف الثمانينيّات عندما كنتُ أُعدّ أطروحة الدكتوراه، فزارني في منزلنا في حيّ المزرعة وأمّدني بموادّ عن الظاهرة الجديدة التي اسمها حزب الله (وأهداني مجلّداً من أعداد نشرة «العهد» التي لم أكن قد رأيتها من قبل). كان ناشطاً في اتّحاد الطلبة المسلمين.
كان أوّل فرد في حزب الله عرفتُه في حياتي. والتقينا بعدها خلال زياراتي إلى لبنان، كما أنّه رافقني غيرَ مرّة لزيارة أمين عام حزب الله الراحل (أذكر مرّة أنّه اصطحبني لزيارة الأمين العام وكان يحمل هاتفاً خليويّاً فقلتُ له مُتعجّباً: كيف تستعملون الهواتف الخليويّة في الطريق إلى اللّقاء؟ جوابه أقلقني). ولفتني أنّه ربما كان الوحيد الذي لم تُربكه رهبة اللّقاء مع نصرالله الذي كان يبدر عنه الكثير من الإعجاب والاحترام لعقله.
وكان الموسوي لا يتردّد في تصحيح معلومة ترِد في حديث نصرالله الذي كان رحْب الصدر لا يضيق أبداً بتصحيح. حديثه أمس على «الميادين» كان من أهم ما صدر عن الحزب منذ (عدم) انتهاء الحرب. وقدرات الرجل الذهنية والمعرفيّة كان يجب أن تزيد من حجم مسؤوليّاته. شغَل منصب مسؤول العلاقات الدوليّة في الحزب، وكان متابعاً للإعلام العالمي وإنتاج مراكز الأبحاث.
وعندما قابلتُ خليفته في المنصب، أُصِبتُ بصدمة كبيرة: وجدتُ الرجل ضليعاً بشؤون انتخابات زحلة، لكنّه لم يسمع بمجلّة الـ «إيكونوميست». الموسوي في المقابلة تحدّث بصراحة شديدة لكنّه عبّر عن أمر خطرَ لبعضٍ منّا: هل أنّ عِشْق الشهادة عند قادة الحزب دعاهم للاستهتار بالتدابير الأمنيّة البديهيّة خلال الحرب؟ وكما قال الموسوي: لا يُلام المسؤول عن التفريط في أمنه، بل يُلام الفريق الأمني نفسه حتى لو وقع ضحيّة أخطائه. لكنْ كيف تلوم أو تحقّق أو تحاسب بعد أن اغتال العدوّ ليس القادة فقط بل الفريق الأمني المحيط بهم؟ يحتاج الحزب إلى لجنة فينوغرادوف، وليس مخوّلاً لرئاستها أكثر من نوّاف.