على بالي
يتكرّرُ في خطاب العهد الجديد (الذي لديه من وسائل التطبيل الإعلامي ما لم يتوافر لعهود سابقة، وخصوصاً أنّ إعلام الخليج والإعلام التقليدي المأجور وإعلام تمويل الغرب وسوروس مُجمِعٌ على تأييده) الكلام عن منعِ تحويل لبنان إلى «منصّة ضدّ الدول العربية والصديقة». وتعريف المنصّة هذا واسع جدّاً، إذ إنّ وزراء في الحكومة الحالية رأوا أنّ وصْف جورج قرداحي لحرب اليمن بـ«العبثيّة» تهجّماً مرفوضاً على العروبة وعلى أصدقاء لبنان العرب (الأثرياء). لكنْ، ماذا يعني هذا المنْع، وما هي سُلطة الدولة في ترجمته؟
مِن المعروف أنّ السعودية تدفع للحُكّام والمسؤولين في الدول العربية كي يمارسوا أنواع الحظر والرقابة شتّى لحماية نظام التسلّط السعودي من أيّ نقْد أو حتى التعبير عن خلاف في الرأي معها. والأمر ليس بجديد: هناك تاريخ مِن زعل سعودي وعتب وغضب من حريّات التعبير عندنا. ونذكر أنّ رفيق الحريري كان يريد أن يُغلق محطّة «الجديد» عندما كانت ــ بحُكم ارتهانها آنذاك لأجندة النظام القطري ــ تبثُّ برامج شديدة النقْد والهجاء لحُكّام المملكة.
في شباط (فبراير) 1967، بلغ الغضب السعودي على لبنان أوجه وهدّد عمر السقّاف (وزير الدولة للشؤون الخارجيّة) بطرْد اللبنانيّين من المملكة. الجالية اللبنانيّة أصيبت بذُعر شديد وأصدرت تحت وطأة الرعب بيان التملّق التقليدي الذي يُتقنه رجال الأعمال اللبنانيون في الخليج.
جريدة «النهار»، كعادتها، اصطفّت مع المال الخليجي ضدّ لبنان. كيف سيرسم جوزيف عون ونواف سلام حدود حريّة التعبير؟ هل سيُصدرون فرماناً يحدّدون فيه لغة التملّق والمجاملة والمديح التي على كلّ لبناني ولبنانيّة الالتزام بها؟
هل سيحدّد العهد الجديد لنا درجة انحناء معيّنة عندما نمرُّ في حضْرة أمير أو شيخ سعوديين؟ ثم، ألاحظ أنّ عون وسلام أضافا إلى «الدول العربيّة» (وهم فقط يَعنون دول الخليج الثريّة؛ لأنّ الاثنيْن لن يكترثا لو وجّهنا النقد للحُكم في السودان أو الأردن أو مصر أو موريتانيا) الدول «الصديقة».
من هي هذه الدول؟ هل هذا تمهيد للانضمام إلى قطار التطبيع المُهين، وسنعود إلى 17 أيّار التي منعَت توجيه النقْد لإسرائيل؟