حسن محمد صالح... مثقّف عربصاليم المشتبك

كل شيء في سيرة الشهيد حسن محمد صالح (1980-2024) أو «مثقف عربصاليم المشتبك» - كما سمّاه رفاقه ومحبّوه يوم استشهاده على ثرى الجنوب في الرابع والعشرين من الشهر الجاري- كان يوحي بأن الفتى سيحذو حذو أقرانه من أبناء العائلات الميسورة، إذ يقتضي التقليد العائلي أن يتوارث الأبناء ما أسّسه الآباء ويضيفوا إليه لمستهم الخاصة في توسعة «الفاميلي بزنس» بعد تأهيل مدرسي وجامعي خاص، وخصوصاً أنّ الشاب الطموح قد أمضى مدة دراسة في بريطانيا في التسعينيات من القرن الماضي، أتبعها بدراسة جامعية في المعلوماتية في جامعة محلية. مؤهلات كانت يمكن أن تجعل من الشهيد رقماً صعباً في القطاعين السياحي والفندقي حيث لعائلته باعٌ طويل. إلا أن صوتاً من ناحية الجبل الرفيع، من حارة جده الحاج أحمد أو «أبو حسين الزيتاوي» الذي كان يرفع الأذان في جامع عربصاليم، كان يشد الفتى إلى تلك الحارة ببيوتها البسيطة على كتف النهر والسيارة «الفولفو» التي تنزل مجموعات المقاومة الإسلامية في فترة الاحتلال قرب منزل الحاجة «أم فايز»، فتنطلق المجموعات إلى الجبل الرفيع تحت قيادة مصطفى حيدر وسالم عبود ومحمد عيسى حيث تمدّ لهم التلال العاملية بغيمها وضبابها، ليهاجموا مواقع العدو وثكناته وتحصيناته في سجد والسويداء والريحان وبئر كلّاب. ولأن لا طبقية في المقاومة، كانت تلك الثلة من قدّيسي هذا الشرق تنصهر فيها كل شرائح المجتمع انصهار تضاريس تلك الجبال في الضباب وانصهار الينابيع الصغيرة في مجرى نهر الزهراني، فتجمع الفلاح إلى الطبيب والمحامي وأولاد الفقراء والأغنياء في وثاق من الإيمان والدم. كان حسن صالح أو «أبو عقيل» ــــ وهو الاسم الذي سيرافقه حتى استشهاده ــــــ من ضمن تلك القوة الضاربة التي أقلقت راحة العدو بعمليات بلغت وتيرتها أحياناً السبعة اشتباكات في اليوم الواحد، ليثمر هذا الزرع نصراً مؤزراً بتحرير الجنوب اللبناني في عام 2000. بعد تحرير الجنوب، انصرف «أبو عقيل» إلى الجانب الآخر من المعركة، وهي معركة الروح وتهذيبها وتهيئتها للاشتباك الثقافي مع العدو: «نحن نواجهه بصلابة، غير متردّدين في الدفاع عن أرضنا وحريتنا، لأننا نعلم أنّ هذه الأرض جزء من هويتنا، لا نتخلى عنها مهما كانت التحديات. وفي حين أنّ عدونا يعتمد على آلاته الحربية وتقنياته المتقدمة، فإننا نعتمد على صمودنا المستمد من إيماننا بالله ووطننا. إن هذه العقيدة الإلهية التي نحملها في قلوبنا هي سلاح لا يُقهر، وجذورنا الوطنية تمتد عميقاً في هذه الأرض التي رويناها بدماء الشهداء». ولأن للمعركة الثقافية عدّتها، فإنّ عدّة الشاب الوسيم بشعره الطويل المنسدل فوق جبينه، كانت في سلاحين اثنين لا يفارقانه: كاميرا تتدلى من عنقه يوثق فيها كل لقطة للجمال في الوطن الذي يعشق زيارة كل زاوية فيه في هواية «الهايكينغ» برفقة زوجته التي لم يتردّد في كتابة مقاطع الغزل لها على صفحته الفايسبوكية أو حتى في إعلان حبّه لها في وصيته الأخيرة. أما السلاح الثاني الذي تخصّص صالح فيه، فهو المعرفة: كان الكتاب رفيقه الدائم في مروحة قراءة متنوعة تجتمع فيها العناوين الفلسفية والأدبية والبيئية والعلمية. وأبرز ما يميزها أنّها معرفة تناقش وتشهر حسّها النقدي وتنفتح على الحياة بكل تلاوينها، وتأخذ مسافة تأملية مثل الأغصان العالية في الشجرة التي تناجي السماء رغم أنّ جذورها مستندة إلى التربة الإيمانية الجهادية ومشتبكة بيوميات الناس والبيئة الجنوبية التي أحبّها حسن صالح وأحبته، وتوّج هذه المحبة عام 2019 في افتتاح مكتبة-مقهى «كوفي بوك» على الطريق العام بين عربصاليم وجرجوع. مكان أراده الشهيد مساحةً للحوار والبناء واستقطاب المثقفين وتهيئة الروح التي تقرأ وتحب وتناقش وتقاتل. صار المقهى مقصداً لكل القراء والمتعطشين إلى المعرفة في تجسيد للروح العاملية الخلاقة الباحثة عن الخير والجمال والحق، ببرنامجه الثقافي الذي تنوّع بين أنشطة للأطفال وصولاً إلى فيزياء الكمّ، وليس انتهاء بالندوات الثقافية والسياسية والدينية والتوعية البيئية في مواجهة المرامل والكسارات التي عاثت نهشاً وتشويهاً في جبال الجنوب وتلاله ووديانه. ربما سيفصح رفاق حسن صالح عن الكتاب الأخير الذي كان في حوزته في اليوم الأخير من حياته عند تلال الجرمق، هو الذي كان يشير إلى كل كتاب يقرأه ويستشهد بأفكاره على صفحته بعبارة: «كتابي الحالي». كان «أبو عقيل» ينتظر الدبابات لتطلّ بخراطيمها عند سهل «الميدنة» ليحوّلها مع رفاقه المرابطين فوقه إلى خردة عتيقة تزرع فيها نساء الجنوب بخوراً لمريم حين أتته الشهادة التي انتظرها واشتاق إليها شوق يعقوب إلى يوسف، بعدما ترك تغريدة أخيرة يبقى فيها الضمير المتصل لغزاً في العينين: لعلّه جبل عامل، أو السيد الشهيد الذي يمسح على رؤوس الشهداء، فيعرجون معه إلى سدرة المنتهى: «نظرتُ في عينيه، فكأني أرى روح الله»
شذرات «أبو عقيل»
في معركتنا ضد أعدائنا، لا يوجد سلاح أقوى من عقول شبابنا المثقفة والمتعلمة. إن الاستثمار في التعليم، خاصة في مجالات التكنولوجيا والمعلوماتية، يشكل الركيزة الأساسية التي نبني عليها مستقبلنا. فالعلم هو الحصن الذي يحمي المجتمعات من التراجع ويؤمن لها القدرة على مواجهة التحديات وتجاوز العقبات. مع ذلك، لا يمكن أن ننسى أهمية التوكل على الله، الذي يمنحنا القوة والصبر في أشد المحن. في لحظات الشدة، يتبين لنا أنّ الصبر ليس ضعفاً، بل هو أحد أوجه القوة الخفية التي تقودنا إلى النجاح.
اليأس، على الجانب الآخر، هو عدو داخلي خطير، لأنه يقودنا إلى الهزيمة حتى قبل أن نبدأ المعركة. علينا أن نواجه أخطاءنا، لا بالتذمر أو اللوم، بل بالاجتهاد والعمل على تصحيحها. فالأخطاء جزء طبيعي من أي مسيرة تقدم، وما يميز الناجحين هو قدرتهم على التعلّم منها وتجنّب الوقوع في الفخ مرة أخرى. من الضروري أن نطوّر وسائل جديدة للتفكير والابتكار تمكننا من تجاوز التحديات المتجددة. فقط عبر الإصرار والابتكار يمكننا بناء مجتمع قوي قادر على الصمود أمام أعدائه والتغلب عليهم.
■ ■ ■
كنت أسير في طريقي نحو الهاوية، بوعي كامل وإرادة متعمّدة، كأنّني مدفوع نحو هذا السقوط المحتوم. كان الطريق أمامي يبدو معبّداً بالشوك والمخاوف، لكنني اخترت السير فيه. كنت على وشك الاستسلام، ولكن فجأة، حجر صغير أصاب قدمي، جعلني أتوقف للحظة. ألم بسيط، لكنه كان كافياً لإيقاظي من هذا السقوط الحر. أدركت حينها أنّ الألم الحقيقي لا يأتي من الهاوية التي كنت أخشاها، بل من تفاصيل صغيرة، تلك التي تغفل عنها وأنت تسير بلا وعي. الحجر الصغير تحت قدمي كان رمزاً لكل ما نحاول تجاهله في حياتنا؛ الألم الذي يأتي من الأرضية التي نقف عليها، وليس من الفراغ الذي نتخيله أمامنا.
فكرت في تلك اللحظة أنّ الحياة ليست كما تبدو. فبينما نعيش مئات الكوابيس، ونحارب وحوشاً تجتاحنا في كل زاوية من يومياتنا، يبقى كل ذلك مجرد أوهام تتلاعب بعقولنا. الحياة، رغم كل شيء، مليئة بالخير والفرص، حتى وإن بدت محاصرة بالظلال الداكنة. أحياناً، ننسى أن هناك نوراً يختبئ وراء تلك الظلال، وأنّ كل حجر صغير قد يكون تذكيراً بأنّنا ما زلنا على الطريق، وأنه ليس علينا الانصياع لتلك الأوجاع العابرة.
■ ■ ■
الشهادة ليست محصورة في لحظة الموت، بل حالة روحانية يعيشها الإنسان المؤمن وهو على قيد الحياة، ترتبط بحقيقة وجوده وأفعاله. إن الشهيد هو من يعيش الحقيقة المطلقة ويتجسد في قوله وعمله شهادةً للحق. إنه ذاك الذي يجعل من كل لحظة من حياته موقفاً ثابتاً من العدل والإيمان، فلا تكون الشهادة مجرد نهاية حياته بل هي تجسيد دائم لأفكاره ومبادئه. من عاش حياته مخلصاً للحق، باحثاً عن العدل، ومقاوماً للظلم، فقد نال مرتبة الشهادة، سواء مات على أيدي الأعداء أو قضى على فراشه. الشهيد هو الذي يحمل في قلبه يقيناً بأن الشهادة ليست سيفاً مسلطاً على رقبته، بل هي نور يقوده في درب الحياة. إن الشهيد يعيش الشهادة في كل موقف، كل كلمة، كل فعل يواجه به الباطل. بهذا المعنى، يصبح الموت مجرد تفصيل، لا يزيد ولا ينقص من مقام الشهيد، لأن الشهادة حالة وجودية تُكتب له بصدقه وثباته، وهو في حضرة الحياة.
وكما قال السيد محمد باقر الصدر يوماً «إن الشهادة ليست شهادة موت، بل هي شهادة حياة في أسمى صورها؛ حياة ملؤها الإيمان، والحق، والصبر على المصاعب. إنها حياة لا تنتهي بالموت، بل تبدأ به».
■ ■ ■
الصبر على أذى العدو الذي يتفوق علينا عسكرياً وتكنولوجياً ليس مجرد فعل مؤقت، بل هو امتداد لعقيدتنا الراسخة وجذورنا المتأصلة في هذه الأرض التي لا تقبل الانفصال عن السماء. نحن ندرك أنّ العدو يمتلك القوة المادية، لكنه يفتقر إلى القوة الروحية التي نستمدها من إيماننا بالله وعدالة قضيتنا. إن التضحيات التي نقدمها ليست إلا جزءاً من طريق طويل، طريق الأبطال الذين سبقونا وحفروا أسماءهم في ذاكرتنا بدمائهم.
نحن نواجهه بصلابة، غير مترددين في الدفاع عن أرضنا وحريتنا، لأننا نعلم أنّ هذه الأرض هي جزء من هويتنا، لا نتخلّى عنها مهما كانت التحديات. وفي حين أنّ عدونا يعتمد على آلاته الحربية وتقنياته المتقدمة، فإننا نعتمد على صمودنا المستمد من إيماننا بالله ووطننا. إن هذه العقيدة الإلهية التي نحملها في قلوبنا هي سلاح لا يُقهر، وجذورنا الوطنية تمتد عميقاً في هذه الأرض التي رويناها بدماء الشهداء. التضحيات كثيرة، لكنها تثبت للعالم أنّ قوة العقيدة والإرادة تتفوق على أي سلاح مادي. نحن نواصل المسير، وكلنا يقين بأن النصر حليف الصابرين الذين يربطون الأرض بالسماء والإيمان بالفعل.
■ ■ ■
أجلس مع كوب قهوتي، أفكر في ذلك الشراب الداكن كما أفكر في الحب: كلاهما مرّ وحلو، يُثير الشوق ويُلهم الحيرة. أحتسي القهوة كما أحتسي مشاعري المتناقضة؛ بين الحنين واللامبالاة، بين الأمل واليأس. الحب، ذلك اللغز الذي يأبى الانكشاف، كما قال أفلاطون: «الحب هو رغبة دائمة لما هو خالد». أفكر في معانيه الحقيقية، لكن لا أجد سوى أسئلة بلا إجابات. هل هو انصهار الأرواح أم هو مجرد وهم نُحيكه لنختبئ من وحشة الوحدة؟
في هذه اللحظات، حيث أصمت وأغرق في أفكاري، يتبادر إلى ذهني قول سقراط: «اعرف نفسك». أبحث عن يقين في تفكيري، ولكن كل ما أراه هو انعكاس لرغبات الآخرين. هل كل ما نقوله هو ما يريد الآخر سماعه، وليس ما تهمس به أرواحنا في صمتها؟ أشعر بأنّ الحياة ليست إلا سلسلة من التناقضات، وكما قال هرقليطس: «الحياة هي تغيّر مستمر، والحقائق الوحيدة هي تلك التي نخلقها بأنفسنا». في بحثي عن الحب وعن معناه الحقيقي، أجد نفسي أمام مرآة مشاعر متداخلة، يتداخل فيها الشك باليقين، والبحث عن الحقيقة برغبة الهروب من مواجهة الذات. فهل نعيش حياتنا معتقدين أننا نفهم الحب، أم أننا نلعب دوراً في مسرح الحياة، نكرر ما سمعناه من غيرنا، ونحن نعلم في أعماقنا أن الروح هي الوحيدة التي تعرف الحقيقة، ولكنها تفضل الصمت؟
■ ■ ■
لقد بدأت الحواسيب تتفوق على الذكاء البشري، ليس لأنها تمتلك عقلاً خاصاً بها، بل لأن البشر يضخّون أفكارهم ومعارفهم فيها، ما يجعل من هذه الآلات انعكاساً لعمق المعرفة والتفكير البشري. لكن هذا المسار محفوف بالمخاطر، فبينما ننقل عقولنا إلى الآلات، قد نخلق شيئاً يتجاوز قدرتنا على السيطرة عليه، مع عواقب قد لا نستطيع التنبؤ بها بالكامل. وإن عملية إفراغ عقولنا في هذه الأجهزة تشكل خطراً على الأجيال القادمة، التي قد لا تستقي الحكمة منا، بل من الآلات.
■ ■ ■
أود أن اخبركم قصة واقعية، جرت على مدار عمر كامل. لقد كشف لي بأن هناك مسارين في حياتنا يسيران بشكل متوازٍ ولا يلتقيان أبداً الا في مكان بعيد جداً بحسب بعض الدراسات، المسار الأول داخلي والمسار الثاني خارجي. المسار الخارجي ترسمه العقول الجمعية للبشر، وليس فقط من هم على قيد الحياة بل حتى من فارقنا وحتى لو من زمن بعيد، أما الداخلي فهو وليد ذهننا الخاص من أحلام وتفسيرات وتوقعات، ولذلك وفي الكثير من الأحيان نُصاب بالخيبات والصدمات. إلا أنّ المفارقة هي أنّ الحقيقة تسير بشكل متوازٍ أيضاً ولكن في وسط المسارين الداخلي والخارجي فلن نصل إليها مهما جهدنا... إلا إذا أثبتنا تلاقي الخطوط قبل خروجنا من هذا العالم.
رسالة من حسن صالح إلى زوجته
إلى زوجتي العزيزة
بالأمس، اجتزنا معاً مساراً صعباً وشاقاً، متسلقين الجبل بتحدياته، متحدين الرياح والبرد القارس. ورغم التعب والإرهاق، كانت كل لحظة من هذه الرحلة تحمل معنى خاصاً لأنها كانت برفقتك. لحظات التخييم تحت السماء الصافية، ونحن متلحّفون بالرياح الباردة في أعالي الجبل، كانت لحظات ستبقى محفورة في ذاكرتي. أنتِ دائماً بجانبي، سواء في أوقات الراحة أو في أوقات التحدي، وبوجودك يتحول أصعب المسارات إلى مغامرة ممتعة، وتصبح أبرد الليالي دافئة بحضورك. أنا ممتن لكل لحظة نقضيها معاً، ولكل تحدٍ نواجهه سوياً.
أشعر بأنني محظوظ لأنني أملك شريكة مثلك، تملأ حياتي بالحب والضحك والدعم. من أعماق قلبي، شكراً لوجودك بجانبي في هذه الرحلة، وكل رحلات الحياة التي تنتظرنا. احرصوا على تقدير زوجاتكم وشريكات حياتكم، فهن من يمنحن حياتنا المعنى والقوة لنستمر. المسارات قد تكون صعبة أحياناً، لكن مع الشريك المناسب، كل خطوة تصبح أسهل، وكل قمة تبدو أقرب.
أحبك دائماً.
«كوفي بوك» أكثر من مقهى
هدفنا نشر ثقافة القراءة وغرس مفاهيم المطالعة في مجتمعنا، ليعيش متعة الحرف ويتزود من كل علم ومعرفة، وترغيبه في القراءة والمطالعة والاستمتاع بها، وتشجيعه على التعامل مع الكتاب كمادة محببة يمكن قضاء ساعات عدة بصحبتها. سيكون المقهى فضاءً للثرثرة. الثرثرة ضرورية فهي بمثابة شِفاءٍ للنفس من عزلتها. إخراجُ كلامٍ مع أناسٍ نعرف بعضهم، وقد لا نعرف إلا وجوه البعض الآخر. الاعتياد على ارتياد المقهى يربط بين الرائد والمكان المرتاد، فتتحول العادة إلى نوع من الإدمان الجميل أحياناً، والمفرط فيه أحياناً أخرى. ويوفر المقهى كتباً، وجرائد ومجلات لمرتاديه، ويقوم بأنشطة ثقافية متنوعة، بالإضافة الى تقديم المشروبات الساخنة والباردة وأصناف الحلويات. يهتم مقهى «كوفي بوك» بخلق حلقة وصل بين النخبة المثقفة والشباب الذي يسعى إلى الثقافة. تتنوع الموضوعات المطروحة في المقهى، بين تطوير الذات واللقاءات الفكرية والفنية والأدبية. سيتعامل الشباب مع الثقافة عبر الندوات والأفلام واللقاءات الأدبية وليس عبر قراءة الكتاب فقط. وهنا تأتي المتعة التي ستساعد الشباب على الاستمرار في الحضور والعطاء بعيداً من الروتين. لدى الشباب طاقة كامنة تحتاج إلى من يوفّر لها الجو المناسب لإخراجها. عبر المقهى، سنجد مكاناً نتعلّم ونكبر فيه وننمي ثقافتنا عبره أيضاً. وجود البرامج المتنوعة في الطرح تساعد على تنوع الأفكار ووجهات النظر، وهذا من مصلحة مجتمعنا. الكتاب والمكان المناسب للقراءة هما أهم الخصائص المتوافرة في المقاهي الثقافية، إضافة إلى حضور الندوات واللقاءات الثقافية ومناقشة كل طرح ثقافي جديد، بما يثري روّاد المقهى بشكل عام. لم تعد الثقافة شيئاً مملّا ًيقتصر على الكتابة والقراءة. هناك أمور مؤثرة أخرى أيضاً توفرها هذه المقاهي بحضور مهتمين من الشباب المتقاربي التفكير والمختلفين في أسلوب الطرح، بما يدعم التنوع والاختلاف.
يعدّ الحفاظ على الأجواء المناسبة كالهدوء، من أهم ما يجب أن يقدمه هذا المقهى، إضافة إلى الحفاظ على الخدمة المناسبة لروّاده بعيداً من أجواء التدخين والنراجيل والهواتف الذكية (شملت أنشطة المكتبة-المقهى تحت إدارة الشهيد حسن صالح مسرحيات وأنشطة للأطفال، وورشات تدريبية في الرسم والتنمية البشرية والعلاج النفسي، ومسرح الحكواتي الذي كان ضيفاً دائماً في البرنامج الثقافي، ومناقشة الكتب على أنواعها وندوات توعية في التغذية، ولا سيما عادات الصوم في شهر رمضان ودورات في الخط العربي واللغتين العربية والفارسية، وأمسيات موسيقية وشعرية وأدبية، وقد شارك في الأنشطة عدد من الكتّاب والمدربين والفنّانين والأكاديميين مثل أياد زيعور، وأمل ناصر ومازن المطوري وفاطمة زعرور وخالد النعنع ورجاء بشارة وخنجر حمية وغيرهم).