السوريوّن وقنصليّتهم في اسطنبول: «السمسرة» طريق إجباري
قنصليّة وحيدة
منذ منتصف عام 2012 باتت القنصلية السورية في إسطنبول هي المقر الدبلوماسي الوحيد في تركيّا، بعد أن طلبت أنقرة من دمشق «سحب دبلوماسييها من البلاد». وكانت دمشق قد أغلقت في مطلع العام نفسه مقر القنصليّة السوريّة في غازي عنتاب. وتقع على عاتق بضعة موظّفين مسؤوليّة استقبال المراجعين القادمين من مختلف المناطق التركيّة، في ظل رفض أنقرة منح سِمات دخول لموظفين إضافيين لأنّ الخطوة تعني رفعاً للتمثيل الدبلوماسي (الوضع مشابه في كثير من السفارات السورية في دول العالم).

ويجمعُ كلّ السوريين الذين تحدّثت إليهم «الأخبار» على أنّ «معاملة الموظّفين جيّدة وهم متفهّمون وصبورون». لكنّ المصيبة الجوهريّة تكمن في المراحل التي تسبق نجاح السوري في الوصول إلى قنصليّة بلاده. تقع القنصليّة في حي «نيشانتاشي» أحد أفخر أحياء إسطنبول. كان مشهد تجمهر السوريين بشكل كبير أمام مبنى القنصليّة مألوفاً حتى شهر تشرين الثاني من عام 2015، حين استبشر السوريون خيراً مع إعلان القنصليّة إطلاق «خدمة حجز المواعيد» عبر موقعها الإلكتروني. لكنّ المجريات اللاحقة أثبتت أنّ الخدمة أُطلقت «مع وقف التنفيذ»، وباستثناء حالات نادرة كان الحل السحري للحصول على موعد هو مكاتب السمسرة وتعقيب المعاملات.
شطارة إلكترونيّة غير مجدية
في حالةٍ لافتة نجح محمّد في الحصول على موعد عبر موقع القنصليّة باستخدام تطبيق «E auto fill»، وهو تطبيق يتيح تخزين كل المعلومات المطلوب وضعها في استمارة المواعيد (مثل الاسم الثلاثي، الرقم الوطني، العنوان الحالي، البريد الإلكتروني... إلخ) وبالتالي أفلح في إملاء الاستمارة في زمن قياسي بمجرّد نجاحه في الوصول إلى صفحة الحجز. وبالفعل تلقّى الشاب رسالة تأكيد للموعد على بريده الإلكتروني قام بطبعها والذهاب في اليوم المحدّد إلى مقر القنصليّة، لكنّ شطارته لم تنفعه إذ أُبلغ على باب القنصليّة بأنّ الورقة التي في حوزته مزوّرة، ولا وجود لموعدٍ باسمه.
سماسرة وبورصات
بطبيعة الحال يحتاج السوريون إلى مراجعة قنصليتهم لإنجاز كثير من المعاملات: «إجراء وكالات قانونيّة، تسجيل زواج، ولادات، وفيّات... إلخ». للحجز «بورصة» خاصّة تتفاوت أسعارها تبعاً لنوع المعاملة التي يحتاج المُراجع إنجازها. وتتربّع «مواعيد الجوازات» على رأس الهرم بمبلغ 300 دولار للموعد الواحد، مع الأخذ في الاعتبار أنّ رسوم الحصول على جواز سوري خارج الأراضي السوريّة تُعدّ بحد ذاتها باهظة. «طالعت باسبور، كلّفني 1500 دولار تقريباً، مع أن التسعيرة الرسميّة 825 دولاراً» يقول كنعان لـ«الأخبار»، ويشرح: «600 دولار تكلفة حجز مواعيد عن طريق سمسار، هذا من دون حساب تكاليف المواصلات، وبخاصة إذا لم تكن من سكان إسطنبول». وفي كثير من الأحيان يحتاج المراجع إلى موعدَين اثنين، لا سيّما في حال احتواء سجلّه على «مغادرة غير شرعيّة» للأراضي السوريّة، أو في حالة وجود لُصاقة مزوّرة على جواز سفره.
يقول كنعان: «بدّك موعد لتقدّم أول طلب، وموعد تاني بعد شهرين لتسأل إذا جاءت الموافقة الأمنيّة». وفي معظم الأحيان يكون الردّ إيجابيّاً، ويحصل المراجع على الموافقة الأمنيّة المطلوبة لإنجاز جواز سفره، لكن في بعض الحالات يكون الحظّ السيّء حاضراً. يقول عمر: «حجزت موعد بـ300 دولار وقدّمت الطلب، وبعد شهرين ونص حجزت موعد تاني، وكان الردّ لسّة مو واصل (لا سلباً ولا إيجاباً)، يعني بدنا موعد تالت، وصارت كلفة حجز المواعيد 900 دولار، أكبر من كلفة الجواز».
بلال باشا
يحظى الشرطي التركي بلال بشهرة خاصّة في أوساط مراجعي القنصليّة السوريّة. وإذا كان «زملاء» بلال يتمتّعون بفرصة إذلال السوريين في كثير من الحالات، فإنّ فرصة «بلال باشا» الاستثنائيّة تتيح له التفنّن في إذلالهم على باب قنصليّة بلادهم، عبر معاملة متعجرفة وخطاب فظّ موشّى (في بعض ساعات الغضب) بالشتائم. وبحكم كونه أحد العناصر الأتراك المكلّفين حراسة القنصليّة، يتولّى بلال مسؤوليّة تنظيم دخول المراجعين. ولا يقتصر هؤلاء على أصحاب المواعيد المسبقة عبر السماسرة، ففي بعض الحالات تحضر استثناءات أفلح أصحابها في إيجاد «واسطةٍ» تتيح حشر اسمه في سجلّ المراجعين.
الطريق الرشيد إلى حجز المواعيد
للحصول على موعدٍ من القنصليّة السوريّة في إسطنبول عليك اتّباع الخطوات التالية بدقّة: 1- زُر الموقع الالكتروني http://www.mofaex.gov.sy/istanbul-consulate/ (حاول مرّات عدّة وتذكّر فوائد الصبر الجميل). 2 – اذهب إلى «خدمة المواعيد الإلكترونيّة». 3 – اقرأ وافهم جيّداً العبارة التي تشدّد على «عدم وجود أي وسيط بين القنصلية العامة وأي من: مكاتب السمسرة، وتعقيب المعاملات القنصلية، وأفراد، وأية جهات أخرى». 4 – اطبع العبارة المذكورة، أو اكتبها بخط جميل ومقروء على ورقة بيضاء. 5 – انقعها. 6 – فتّش عن سمسار شاطر واحجز موعداً بواسطته.