نحو الطعن أمام المجلس الدستوري | قانون الإيجارات غير السكنية: قصة «إبريق الزيت» لم تنته

نُشر قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية في الجريدة الرسمية الخميس الماضي، بعدما أبطل مجلس شورى الدولة مخالفة دستورية ارتكبها رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي بإصداره مرسوماً بردّ القانون مع قانونين آخرين إلى مجلس النواب لإعادة النظر فيها.
هكذا يذهب القانون إلى التطبيق من دون مراسيم تطبيقية، ووسط التباس حول تاريخ دخوله حيز التنفيذ، ليس بين المالكين فقط، بل أيضاً بين رجال القانون. إذ لا يتأخر في العادة نشر القانون في الجريدة الرسمية عن تاريخ إصداره سوى أيام قليلة، فيما تفصل سنة وثلاثة أشهر بين إصدار هذا القانون ونشره.
وفيما هناك وجهة نظر قانونية تؤكد بدء تحرير العقود بمفعول رجعي منذ تاريخ صدور القانون في كانون الأول 2023، تُحسم من مهلة تحرير العقود المحددة بأربع سنوات، يستشهد رأي آخر بالمادة الأخيرة من القانون التي تنص على نفاذه بدءاً من تاريخ نشره. و«لأنّ ما صدر عن مجلس شورى الدولة هو تقرير المطالعة النهائية وليس القرار النهائي بالطعن، يبقى تاريخ التطبيق ضبابياً»، بحسب نائبة رئيسة «تجمع مالكي الأبنية المؤجّرة في لبنان» المحامية أنديرا الزهيري، ما يستوجب توضيحاً من المجلس النيابي، حاولت «الأخبار» الحصول عليه من رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية النائب جورج عدوان، لكنها لم تحصل على إجابة.
المالكون المنتشون بـ«النصر» «لن يغصّوا بسنة إضافية بعدما انتظرنا كلّ هذه السنوات» وفقاً للزهيري. أما المستأجرون فقلقون «مثل شخص يداه مكبلتان والمسدس في رأسه»، بحسب رئيس «لجنة الدفاع عن حقوق المستأجرين» كاسترو عبدالله، ليس فقط من المهلة بل من «أساس فكرة تحرير العقود في هذا التوقيت بعد حرب خسرت الناس فيها أرزاقها وتضررت مصالحها وبعد أزمة اقتصادية لم تنته تبعاتها بعد». ويؤكد أن المستأجرين «مستعدون للنقاش في تصحيح البدلات وزيادات تدريجية بحق الله، وليس 8% من قيمة المأجور، ففي أحسن الأحوال، يصل بدل الإيجار إلى ما بين 1% أو 1,5% من قيمة المأجور».
وأمام المستأجرين حلان قانونيان، الأول الطعن في القانون أمام المجلس الدستوري لإبطاله، وهو ما لجأوا إليه بعد اتصالات مكوكية سريعة لتأمين عشرة نواب للطعن في القانون نظرا لضيق مهلة الطعن خلال 15 يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية تتخللها عطلة عيد الفصح، ونجحوا خلالها في «تأمين أكثر من 10 نواب»، كما يقول عبد الله، مشيرا إلى أنه «جرى الاتفاق مع محام، وهو مستشار دستوري، أعد مشروع الطعن وسيعلن عنه في المؤتمر الصحافي الذي يعقده «تجمع الحقوقيين» غداً.
وستكون حجة مشروع الطعن الأساسية أمام المجلس الدستوري «ضرب قوانين نافذة مثل قانون التجارة اللبناني بسبب إلحاق الضرر بمن دفع خلوّا للمأجور، عدا عن الضرر التربوي الناجم عن تشريد الطلاب في أكثر من 360 مدرسة رسمية بإيجار قديم». علماً أنه في حال إبطال القانون الجديد، لن يكون هناك أي ناظم للعلاقة بين الطرفين بعدما انتهت صلاحية القانون 243/2017 الذي مدّد عام 2021 وللمرة الأخيرة عقود الإيجار غير السكنية المعقودة قبل عام 1992 حتى 30/6/2022، وعندها يمكن أن يلجأ المالكون في ظلّ «الفراغ» إلى قانون الموجبات والعقود للحصول على إخلاء فوري للمأجور بحجة أنّ «المستأجر يشغل أقساماً من دون مسوّغ قانون».
لذلك، لا بدّ هنا من اللجوء إلى الحلّ الثاني الذي يضعه المستأجرون في حال فشل الحل الأول، وهو تعديل القانون. ويشير عبد الله إلى أنّ «نائباً في البرلمان سيتبنى تقديم مشروع قانون جديد»، ما سيعيد النقاش حول قانون عادل إلى المربع الأول، خصوصاً أنّ وجهات النظر بين الطرفين متباعدة جداً.
الأكيد أنه هذه المرة، المستأجرين مصرّون على التصعيد، «ولن نخرج من الشارع حتى نأخذ حقنا بالقوة إذا لزم الأمر ولتتحمل الدولة مسؤولية الفوضى التي ستحصل لأنها من وضعتنا في هذا المأزق ويتوجب عليها إخراجنا منه بطريقة منصفة للطرفين».
وفي السياق، ينفّذ اللقاء التشاوري النقابي الشعبي ولجان المستأجرين في القطاعين السكني وغير السكني اليوم اعتصاما عند الساعة الرابعة عصراً في شارع الحمرا، وفي كلّ من طرابلس وصيدا والنبطية في الوقت نفسه، احتجاجا على تبعات قانون إيجارات الأماكن غير السكنية. ويبدو أنّ «الخذلان» الذي شعر به المستأجرون جراء قانون الإيجارات غير السكنية يدفعهم إلى فتح النار على قانون الإيجارات السكنية عام 2017 «الذي يعطّل نفسه بنفسه فهو ينصّ على إنشاء صندوق للتعويض عن المستأجرين وحتى الآن لم يبصر الصندوق النور، ولم ينجح القانون في تسوية أي دعوى قضائية بين الطرفين».
يُذكر أنّ قانون الإيجارات غير السكنية الجديد ينصّ على تحرير العقود بعد 4 سنوات من صدوره، على أن يتم رفع البدلات تدريجيّاً خلال هذه المدة (25% من قيمة بدل المثل في السنة الأولى، و50% في الثانية، و100% في السنتين الثالثة والرابعة). علماً أنّ بدل المثل يوازي 8% من قيمة المأجور. ويحق للمالك، بموجب القانون، تقصير المدة الانتقالية إلى سنتين مقابل التنازل عن الزيادات التدريجية، أو استرداد المأجور قبل انتهاء المدة في حالات معيّنة مقابل تعويض يصل إلى 15% من القيمة البيعية للمأجور.