الجيل Z يقاطع تظاهرات أميركا... ماذا خسر الديموقراطيون؟

الجيل Z يقاطع تظاهرات أميركا... ماذا خسر الديموقراطيون؟


أمرٌ محيّر فعلاً، فقد اعتاد العالم منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، مشاهدة الشباب الأميركي من الجيل Z يهتف ويصرخ في حرم الجامعات والشوارع الأميركية دفاعاً عن فلسطين. وهؤلاء الشباب كانوا شبه مفقودين خلال التظاهرات التي دعا إليها الحزب الديموقراطي ضد سياسات الرئيس دونالد ترامب وإجراءات إيلون ماسك التقشفية.

منشورات على منصات Reddit وإكس وثريدز، وفيديوهات على تيك توك، الجميع يسأل: أين الجيل Z؟

البحث عن جواب لهذه المسألة البالغة الأهمية مثير فعلاً، إذ نستذكر من خلالها عدم تصويت جيل الشباب الأميركي، بوصفه القاعدة التقدمية للمرشحة الديموقراطية السابقة للرئاسة الأميركية، كامالا هاريس. والإجابة هنا يمكن أن تكون مفتاحاً أساسياً يُبنى عليه أي مشروع سياسي قادم مناهض للترامبية الفاشية التي تحاول طرق أبواب أوروبا وأميركا الجنوبية.

الجواب لا يقتصر على اللامبالاة أو التعب، إذ يبدو واضحاً أن هناك قطيعة سياسية كبيرة بين هذا الجيل والحزب الديموقراطي نفسه.

بالنسبة إلى هؤلاء الشباب، لم يعد الحزب الديموقراطي بديلاً حقيقياً للترامبية، هو مجرد نسخة أكثر تهذيباً من النظام الرأسمالي نفسه. والتظاهرة التي دعا إليها الحزب الأزرق كانت تمثل – من وجهة نظرهم – دفاعاً عن الطبقة الوسطى الليبرالية التي يؤذيها ترامب بشكل مباشر، لكنها لا تعبّر عن مصالحهم كراديكاليين يساريين، بعضهم يقترب في خطابهم من الماركسية الجديدة.

أضف إلى ذلك أنّ كثيراً من الشباب يرون أن التغيير الحقيقي لا يأتي من دعم حزب قائم على أسس رأسمالية تقليدية، حتى لو كان أقل تطرفاً من الحزب الجمهوري.

في الانتخابات الأخيرة، ظهرت هذه الفجوة بشكل واضح، إذ قررت نسبة كبيرة من الشباب عدم التصويت، خصوصاً بعد تجاهل نائبة الرئيس السابقة، كامالا هاريس، للقضية الفلسطينية.

هذا الموقف شكّل بالنسبة إلى كثيرين لحظة انكشاف، ودفعهم إلى الانسحاب من المشاركة السياسية التقليدية بعدما تبيّن لهم أنّ العدالة العالمية ليست ضمن أولويات الأحزاب الكبرى. وقد أكدت بيانات من مركز «بيو» للأبحاث هذا التحول، إذ سجّلت انخفاضاً ملحوظاً في نسبة مشاركة الشباب، لا سيما بين الذين ينتمون إلى التيار التقدمي.

بالنسبة إليهم، كان موقف هاريس مثالاً حيّاً على أنّ الحزب الديموقراطي لا يختلف جوهرياً عن الجمهوريين حين يتعلق الأمر بمصالح الرأسمالية والعلاقات الدولية.

هناك أيضاً عنصر الخوف. طلاب الجامعات يدركون أنّ النزول إلى الشارع قد يعرّضهم لعقوبات إدارية أو لخسارة منحهم الدراسية. تقارير صحافية، مثل تلك المنشورة في «ذي انترسبت»، وثّقت حالات طلاب تعرضوا لضغوط مباشرة من إدارات جامعية بسبب نشاطهم السياسي، خصوصاً في ما يتعلق بفلسطين.

غياب الجيل Z عن التظاهرات ليس تجاهلاً ولا تراجعاً في وعيهم السياسي، بالعكس تماماً، هو تعبير عن فهم أكبر في البوصلة السياسية لجيل جديد صار يرى نفسه خارج الثنائية التقليدية الأميركية: ديموقراطيون وجمهوريون. وهذا التحول، إذا استُوعب بشكل صحيح، قد يكون المفتاح لأي مشروع تقدمي حقيقي في أميركا ما بعد الترامبية.

الأكثر قراءة

محتوى موقع «الأخبار» متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي 4.0©2025

.يتوجب نسب المقال إلى «الأخبار» - يحظر استخدام العمل لأغراض تجارية - يُحظر أي تعديل في النص، ما لم يرد تصريح غير ذلك

صفحات التواصل الاجتماعي