اميركا تقول لا لفتى اليمين اللعوب

قرارات ماسك التقشفية فجّرت موجة احتجاج غير مسبوقة
قرارات ماسك التقشفية فجّرت موجة احتجاج غير مسبوقة

في صباح رمادي امتد من نيويورك إلى ألاسكا، شهدت الولايات المتحدة، السبت، أكبر موجة احتجاجات منذ عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

من بين الأبراج الشاهقة في مانهاتن إلى شوارع لوس أنجليس المشمسة، حمل المتظاهرون لافتاتهم وهتفوا ضد قرارات رأوا فيها تهديداً لكرامتهم، وحقوقهم، وما تبقى من الحلم الأميركي.

كان الرئيس ترامب، الذي عاد إلى البيت الأبيض بعد انتخابات عاصفة، الهدف الأوضح، لكن الغضب امتد أيضاً إلى الملياردير إيلون ماسك، الذي تحوّل من قطب تكنولوجي إلى «فتى لعوب» يغازل جماعات اليمين المتطرف تارة، ويتقمّص شخصية ماري أنطوانيت طوراً، داعماً التقشف وكأنّه «يقدّم الكعك» للمتضررين، بعد تعيينه على رأس وزارة «كفاءة الحكومة» الجديدة. قراراته بإغلاق مكاتب الضمان الاجتماعي، وتقليص عدد الموظفين الفدراليين، وقطع التمويل عن برامج الصحة، فجّرت موجة احتجاج غير مسبوقة.

في واشنطن، وقفت الناشطة كيلي روبنسون على منصة نُصبت في قلب الـ«ناشيونال مول»، تخاطب الآلاف كمن يخاطب عائلة مجروحة: «هذه ليست قرارات سياسية فقط، هذه اعتداءات شخصية»، صرخت. «إنهم يحاولون منع كتبنا، وتجريم معلمينا، وتشويه حياتنا».

في بوسطن، رفعت امرأة لافتة كُتب عليها: «لا تمسّوا ديمقراطيتنا»، بينما قالت عمدة المدينة، ميشيل وو، إنّها ترفض أن يكبر أطفالها في بلد يُعامل فيه أجدادهم كمجرمين فقط لأنهم مهاجرون.

أما في فلوريدا، وعلى بعد أميال من ملعب ترامب للغولف، فقد اصطفت الحشود على جانبي الطريق، يهتفون للسيارات بالبوق ورفع الشعارات. قال أحد المتظاهرين: «ليرفعوا أيديهم عن الضمان الاجتماعي. القائمة طويلة، ونحن بدأنا بالكلام، لكننا لن نصمت بعد اليوم».

في أوهايو، وقف رجل ستيني كان جمهورياً ذات يوم، يحمل لافتة كتب عليها: «كفى». وقال: «ترامب لا يقود البلاد، بل يمزقها قطعةً قطعة».

لم يكن ذلك غضباً معزولاً، كان سيمفونية احتجاجية صاخبة، عزفتها الحشود من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.

وفيما كان ترامب يهمّ بضرب كرة الغولف في ناديه الفخم، كانت آلاف الأقدام تضرب الأرض، تقول له ولغيره: «هذه الأرض لنا. نحن هنا. ولن نسكت».

تأتي هذه التظاهرات في وقت تحاول فيه حركة المعارضة استعادة زخمها بعد صدمة الأسابيع الأولى من عودة ترامب إلى الحكم. ويقارن كثير من المشاركين هذا الحراك بمسيرات النساء عام 2017، واحتجاجات «حياة السود مهمة» عام 2020.

قالت متظاهرة من سان خوسيه، كاليفورنيا: «الناس تعبوا. لكن التعب لا يعني الصمت. علينا أن نُظهر رفضنا علناً، وإلّا ستُصبح هذه السياسات أمراً عادياً».

حتى الريف الأميركي، خزان ترامب الانتخابي وقاعدته الصلبة، خرج إلى الشارع. ولم تكن هذه التظاهرات مجرد ردود فعل رمزية أو رفع عتب؛ من المرجّح أنها تمثل ملامح أميركا في المرحلة المقبلة.

يبقى السؤال: كيف سيتفاعل الرئيس ترامب مع ذلك؟ وما خطته لمواجهة نصف الشعب الأميركي على الأقل؟ هل ستخرج مسيرات مناصرة؟ الأيام والأسابيع المقبلة ستكشف الإجابة. لكن المؤكد أن أثقالاً كبيرة بدأت تُلقى على كاهله، وقد لا يستطيع التحرك بالزخم نفسه الذي بدأ به ولايته.

الأكثر قراءة

محتوى موقع «الأخبار» متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي 4.0©2025

.يتوجب نسب المقال إلى «الأخبار» - يحظر استخدام العمل لأغراض تجارية - يُحظر أي تعديل في النص، ما لم يرد تصريح غير ذلك

صفحات التواصل الاجتماعي