تركيا - إسرائيل: التجارة والتعاون الأمني... بخير!
على أن المحطة الأهم في ذلك المسار، هو مواصلة الشركات التركية تجارتها مع إسرائيل؛ فبعدما كانت تركيا قد أعلنت، في مطلع نيسان الماضي، تقليص التجارة مع الكيان، وقطعها بشكل نهائي في مطلع أيار، ما لبثت حركة التجارة تلك أن اتخذت أشكالاً أخرى متعددة. وفي هذا السياق، واصل كل من الصحافي الاستقصائي المعروف، متين جيهان، والخبير الاقتصادي، إينان موتلو، الكشف عن بيانات ووثائق رسمية تؤكّد متابعة السفن التركية رحلاتها غير المباشرة إلى إسرائيل، عبر موانئ إيطاليا واليونان ورومانيا، فيما تبيّن التخلي عن هذه التدابير الاحتيالية في وقت لاحق، لتستأنف السفن الإبحار بشكل مباشر من الموانئ التركية إلى نظيرتها الإسرائيلية. وتُظهر بيانات جمركية أن عشرين سفينة على الأقل غادرت تركيا إلى حيفا، معظمها تابعة لشركة «إيتداش» التركية الخاصة بتصدير المنتجات الفولاذية والبارود والأسلاك الشائكة إلى إسرائيل، بينما قارب عدد السفن المغادرة إلى مختلف الموانئ الإسرائيلية، في أيلول الماضي، الـ88.
على أن اللافت أن بيانات «مؤسسة الإحصاء التركية» لشهر آب من هذا العام سجّلت صفراً، علماً أن بيانات الشهر نفسه لأعوام 2020 و2021 و2022 و2023، تشير إلى تطور صادرات تركيا بمعدل وسطي يقرب من 30 مليون دولار كل شهر. وفي المقابل، تظهر بيانات الصادرات التركية إلى دولة فلسطين عن شهر آب، للأعوام الماضية نفسها، أنها تُراوح بين 500 و600 ألف دولار فقط، لكنها ارتفعت بشكل فجائي في آب 2024، إلى 13 مليون دولار. ولربما يشير ما تقدّم إلى أن السلطات التركية قامت بتحويل صوري لبيانات التجارة التركية إلى «دولة فلسطين»، بدلاً من إسرائيل، لتلافي أي انتقادات. وفي هذا الجانب، يقول جيهان إنه «لأمر مخزٍ ويكاد لا يصدق. لكنها أرقام رسمية تظهر أننا لا نزال نواجه احتياجات إسرائيل بطرق ملتوية»، مضيفاً أن «إردوغان ونتنياهو لا يعود الأمر بالنسبة إليهما صعباً عندما يتعلق الأمر بالتجارة. وفي وقت تتواصل فيه المجازر الإسرائيلية في غزة، تواصل تركيا تجارتها». ويتابع: «كان وزير التجارة ينكر كل ما نكتبه عن هذه العلاقات، إلى أن هزم حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البلدية وبدأ بالاعتراف. ولكنهم لم يوقفوا التجارة. وكان لا بد أن تستمر لأن إسرائيل تحتاج إلى الفولاذ والإسمنت وغيرها من المواد التي نؤمنها نحن لها».
وعلى خط موازٍ، يكشف موقع «ياقين دوغو خبر» (أخبار الشرق الأوسط) أن الجيش التركي ومؤسسات أمنية تركية تستخدم عدداً من المنتجات الإسرائيلية في مجال أجهزة الأمن، والتي تصنّعها شركة (Check Point Software Technologies). ويلفت الموقع إلى أن الأخيرة تمدّ الجيش التركي بخدمات مختلفة، كما تقدّم خدمات لمختلف المؤسسات والوزارات التركية، وذلك بموجب مناقصات رسمية أجرتها وزارة الخزانة والمالية. وإلى جانب ما تقدم، ثمة علاقات تربطها مع شركة «بيرقدار» للطائرات المسيرة، والتي يديرها صهر الرئيس التركي سلجوق بيرقدار، فضلاً عن أن لها ارتباطاً مباشراً بالمَعارض العسكرية التي تنظم في أذربيجان. وبحسب الموقع، فإن هذه الشركة، ومركزها في تل أبيب، هي الأكثر توريداً للأسلحة إلى إسرائيل، وهي تشارك في معرض للصناعات العسكرية يُقام في إسطنبول، علماً أنها كانت قد مُنعت من المشاركة في معرض باريس للصناعات العسكرية أخيراً. وسبق للشرطة التركية أن اعتقلت الصحافي، آدم أوزكوسه، وشخصاً آخر كان يشاركه الاحتجاج على انضمام الشركة المذكورة إلى معرض إسطنبول، قبل أن يُطلَق سراحهما لاحقاً.