عاد التوتر فجأة الى الجبهة اللبنانية مع العدوّ. إسرائيل خرقت مجدداً قواعد الاشتباك في سوريا، ونفذت غارة أوقعت شهيداً من المقاومة الإسلامية التي نعته أمس. إعلان حزب الله عن سبب استشهاد علي محسن (جواد) جاء على دفعتين. الأولى وردت في بيان قال إنه استشهد أثناء قيامه بواجبه الجهادي. ولم يمض وقت طويل حتى أعلن أنه استشهد في الغارة الإسرائيلية على موقع قرب مطار دمشق. كان الإعلان الواضح رسالة تلقّتها قيادة العدو على أنها استعداد من المقاومة للردّ من خلال عمل عبر الحدود الشمالية. واستند المعلقون الإسرائيليون الى المعادلة التي سبق أن أرساها حزب الله في الصيف الماضي، والتي عاد الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله وثبّتها بإعلانه أن المقاومة ستردّ حتماً على كل اغتيال يتعرض له مقاوم من حزب الله في لبنان أو خارجه.الصمت الرسمي لقيادات العدو غطّته تعليقات صحافيين وخبراء إسرائيليين تحدثوا عن «رد أكيد» وإن كان بعضهم أورد الكثير من التحليلات التي تتضمن تهديدات من جانب المؤسستين العسكرية والأمنية بأن إسرائيل سترد هي الأخرى على أي رد من حزب الله. لكن الصمت المعلن ترافق مع إجراءات عسكرية استثنائية لقوات الاحتلال على طول الجبهة الشمالية الممتدة من الناقورة غرباً حتى الجولان السوري المحتل. وسط استنفار دبلوماسي قادته جهات خارجية على خط بيروت - تل أبيب، وعنوانه «السعي الى احتواء التوتر». وكما في كل مرة، يحاول العدو القول إنه «لم يكن يتعمّد قتل المقاوم في الغارة، وإنه لا يهدف إلى الدخول في مواجهة»، وهي عبارات تستخدم عادة في محاولة لاحتواء ردة فعل المقاومة ومنعها من القيام بردّ عسكري. كذلك يراهن العدو على أن «حزب الله في وضع مربك بسبب الأوضاع القائمة في لبنان سياسياً واقتصادياً وبسبب مضاعفات جائحة كورونا». ورهان العدو هنا يتحول الى رغبة إما بامتناع الحزب عن الرد ولو أعلن عن احتفاظه بحق الرد، أو أن يضبط الحزب رده بما لا يجبر إسرائيل على الرد، وبالتالي تدحرج الأمور نحو مواجهة. واحتفظ حزب الله من جهته بالصمت، ولم يصدر عنه أي موقف لا تصريحاً ولا تلميحاً حيال ما ينوي القيام به، علماً بأن مجموعات من المقاومة رفعت مستوى جاهزيتها لمواكبة استنفار العدو على الحدود.
من جهته، أعلن العدو عبر إعلامييه عن خشيته من رد حزب الله انطلاقاً من الساحة اللبنانية. الخشية التي صمتت إسرائيل الرسمية إزاءها، شغلت إعلامييها الذين ترقّبوا أي خبر أو تعليق ذي صلة، يرد من لبنان.
وذكرت القناة 13 العبرية عن مصادر في قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الاسرائيلي، أن الخشية من رد حزب الله تقدمت سلّم اهتمامات الجيش، وأن قيادة المنطقة اتخذت خطوات وإجراءات تتوافق مع تقديراتها وخشيتها. ولفتت إلى أن حركة سلاح الجو التي نشطت أمس هي جزء من الاستعداد العسكري للجيش الإسرائيلي.
أعلن العدو عبر إعلامييه عن خشيته من رد حزب الله انطلاقاً من لبنان


التعليق الإعلامي العبري المستند إلى مصادر أمنية وعسكرية، على اختلافها، ركز على «حتمية رد حزب الله»، وكذلك على مكان وساحة انطلاق الرد، إذ إن «مجرد إعلان حزب الله عن مقتل أحد عناصره جراء هجمات إسرائيلية، فهذا يعني أن الرد آت»، والمسألة غير محصورة بردّ من سوريا أو من مزارع شبعا، بل هي وفقاً لمراسل قناة «كان» العبرية تتعلق «بمعادلة (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله: سقوط قتلى لحزب الله في هجمات إسرائيلية على سوريا، يعني رداً (على إسرائيل) من الحدود اللبنانية».
الرد والخشية الإسرائيلية إزاءه، تعززت في أعقاب البيان الثاني الصادر عن حزب الله، الذي عدّل النعي من شهيد الواجب الجهادي إلى شهيد سقط جراء الهجمات الإسرائيلية، وهو «ما يغيّر من حيثيات المسألة وصورتها».
مع ذلك، تركزت معظم التعليقات الإسرائيلية على «تعليق شبه موحّد»، من دون إضافات أو إشارات دالّة على تفصيل يرتبط بالاستعداد الإسرائيلي الذي تحدث عنه عدد من المراسلين، أو الإجراءات التي تحدث عنها عدد آخر. فيما لوحظ أمس بدء التهديدات بالصدور، وإن بصورة غير مباشرة، إذ وفقاً لمراسلين عسكريين، فإن رئيس الأركان أفيف كوخافي «يختلف في تعامله عمن سبقوه في المنصب، وهو لا يقبل الامتناع عن الرد على رد حزب الله».
الجامع المشترك لدى المراسلين الإسرائيليين، هو ما اختصره مراسل الشؤون العسكرية لصحيفة «ماكور ريشون» في تغريدة على «تويتر» بالقول: «المشكلة في هذه القصة، هي أنه عندما يصدر حزب الله بياناً كهذا، فهذا يعني أنهم سيردّون».